مع احتدام سباق شركات التكنولوجيا الكبرى للسيطرة على قطاع الذكاء الاصطناعي، تراهن شركة «أمازون» الأميركية على هذا المجال باستثمار جديد بقيمة 4 مليارات دولار في شركة «أنثروبيك» الناشئة، مما يضاعف إجمالي استثماراتها في الشركة إلى 8 مليارات دولار.
ووفق صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن رهان «أمازون» على شركة «أنثروبيك» يأتي في وقت يتزايد فيه التدقيق من الجهات التنظيمية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، بسبب المخاوف من أن الصفقات بين شركات التكنولوجيا الكبرى وأبرز شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة قد تشكل مخاطر مناهضة للمنافسة.
وقد قامت هيئة المنافسة في المملكة المتحدة مؤخرًا بمراجعة صفقة غوغل مع «أنثروبيك» ولكنها لم تُخضعها لمزيد من التحقيق، وفقاً للصحيفة.
ووصفت «فايننشال تايمز» هذه الصفقة بأنها أكبر مغامرة استثمارية لشركة «أمازون» على الإطلاق، بعد أن خصصت مبلغ 1.25 مليار دولار في المجموعة التي تتخذ من سان فرانسيسكو مقراً لها في سبتمبر من العام الماضي، ثم زادت هذا المبلغ ليصل إلى 4 مليارات دولار في نهاية شهر مارس الماضي، والآن يتضاعف إجمالي استثماراتها في الشركة إلى 8 مليارات دولار.
وجاء الاستثمار الجديد من عملاق التكنولوجيا التي تتخذ من مدينة سان فرانسسكو الأميركية مقرًا لها، في شركة «أنثروبيك» بموجب شراكة أعلنت عنها الشركتان في شهر سبتمبر الماضي.
ويُعد هذا التمويل واحداً من عدد من الشراكات الاستثمارية التي تم إبرامها بين شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة وما يُسمى بشركات الحوسبة الفائقة أو مزودي الخدمات السحابية الكبيرة خلال العام الماضي.
وتأسست شركة أنثروبيك على يد باحثين سابقين في شركة الذكاء الاصطناعي OpenAI، وهي معروفة ببرمجيات الدردشة الآلية التي طورتها شركة كلود والتي تتفوق على برنامج GPT-4 التابع لشركة OpenAI في عدد من المعايير في هذا المجال. كما تلقت الشركة في السابق استثمارات بقيمة 2 مليار دولار من شركة غوغل.
وتعمّق الصفقة الجديدة مع «أمازون»، الشراكة التقنية لشركة «أنثروبيك» مع المنتجات السحابية والرقائق الإلكترونية لعملاق البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، ولكنها لا تمنعها من العمل مع شركات أخرى مثل «غوغل» أو «إنفيديا».
وتعمل «أمازون» بالفعل على تضمين نماذج «أنثروبيك كلود» في إصدار الجيل التالي من مكبر الصوت «أليكسا»، للمساعدة في تشغيل نظام الذكاء الاصطناعي «التخاطبي».
وكانت آخر مرة قُيّمت فيها شركة «أنثروبيك» بما يزيد قليلاً على 18 مليار دولار في وقت سابق من هذا العام، بعد أن جمعت 750 مليون دولار في جولة تمويل بقيادة شركة رأس المال الاستثماري Menlo Ventures.
ومنذ ذلك الحين، شهدت أكبر منافسيها OpenAI وشركة xAI التابعة لإيلون ماسك قفزة في تقييماتهما في جولات تمويل جديدة، لتصل إلى 150 مليار دولار و45 مليار دولار على التوالي.
وأصبحت شركات التكنولوجيا الكبرى هي الممول الرئيسي في هذا المجال، حيث تقوم بتطوير برمجيات الذكاء الاصطناعي، مع بناء بنية تحتية سحابية لتشغيل خدمات الذكاء الاصطناعي التي أنشأها عملاء من أطراف ثالثة.
إذ استثمرت شركة «مايكروسوفت» أكثر من 13 مليار دولار في شركة «أوبن إيه آي» OpenAI، بينما دعمت شركة «ميسترال» Mistral الفرنسية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي وشركة G42 في العاصمة الإماراتية أبوظبي، كما أبرمت شركة «غوغل» صفقة مع شركة «كوهير» Cohere الكندية، حيث توفر البنية التحتية السحابية لتدريب برمجيات الذكاء الاصطناعي للشركة الناشئة.
ونمت النفقات الرأسمالية في أكبر أربع شركات عملاقة - أمازون ومايكروسوفت وميتا وغوغل - بأكثر من 62% عن العام السابق، لتصل إلى حوالي 60 مليار دولار خلال الربع، وفقًا للإيداعات المالية الأخيرة.
كانت شركتا «ميتا» و«أمازون» من بين الشركات التي أشارت إلى المزيد من الزيادات في الإنفاق في العام المقبل، مع طمأنة السوق بشأن الطلب على البنية التحتية والخدمات التوليدية للذكاء الاصطناعي.
مع تسارع السباق نحو بناء أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر قوة، أدت طبيعة التكنولوجيا التي تتطلب رأس مال كبيراً إلى اندماج الشركات في هذا المجال، وتم توظيف المؤسسين والموظفين في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة مثل Adept وInflection وCharacter AI من قبل «أمازون» و«مايكروسوفت» و«ألفابيت» على التوالي.
وقد دفعت مجموعات التكنولوجيا الكبرى مليارات الدولارات في صفقات مصممة لاستيعاب أفضل الموظفين من شركات الذكاء الاصطناعي الوليدة مع التوقف عن الاستحواذ الكامل.