وأرسلت تخفيضات الأسعار هذا العام إشارات متضاربة حول طلب العملاء على سيارات الشركة التي حققت أرباحًا كبيرة في السنوات الأخيرة، فخلال الأسبوع الماضي، أوضح ماسك استراتيجيته وراء التحركات حيث أعلن أن تسلا تمنح الأولوية لاستمرار نمو المبيعات على حساب الربحية على المدى القريب.
وأثار هذا الموقف قلق بعض المستثمرين الذين توقعوا أن تواصل الشركة زيادة عمليات التسليم بشكل كبير مع الحفاظ على هوامش ربح تحسد عليها، وساعد هذا المزيج في تبرير تقييمها السوقي الذي يتجاوز بكثير منافسيها المخضرمين، كما يخشى البعض أن يختار ماسك مطاردة عرش قيادة المبيعات العالمية، وربما على حساب هوامش الربح.
ويؤكد ماسك أنه يخوض مغامرة القرن الحادي والعشرين حيث يمكنه بمرور الوقت الاستفادة من عائدات الاشتراك في البرامج المستقبلية لمالكي تسلا، بما في ذلك قدرات القيادة الذاتية.
وقال ماسك الأسبوع الماضي: "نعتقد أننا نضع الأساس هنا ومن الأفضل شحن عدد كبير من السيارات بهامش أقل ثم جني هذا الهامش في المستقبل لأننا نحقق استقلالية مثالية"، وتتشابه حجته هنا مع حجة شركة آبل فيما يتعلق بمبيعات الآيفون وأبل ستور، فكلما زاد حجم أسطول سيارات تسلا المباعة اليوم، زادت احتمالية تحقيق أرباح أعلى للبرامج ذات هامش الربح في المستقبل.
وكان السعي الصريح لتحقيق أعلى المبيعات والرهانات على أن وفورات تكلفة التصنيع ستتحقق من خلال قوة شرائية أكبر، السبب الجذري لبعض أخطر العثرات في صناعة السيارات في الأجيال الأخيرة، ومن ضمن هذه العثرات الدمج الفاشل لشركة كرايسلر ودايملر بنز إيه جي في عام 2007، والاقتران المحرج بين رينو ونيسان موتور في تحالفٍ سبب لهما المشاكل، كما جاءت فضيحة الغش في انبعاثات شركة فولكس فاغن ضمن جهودها لتصبح صانع السيارات الأكثر مبيعًا في العالم.
حتى الشركة الرائدة في المبيعات العالمية الحالية تويوتا موتور واجهت صعوبات في عمليات ضمان الجودة والسلامة بعد أن حددت هدفاً منذ أكثر من 15 عاما بأن تكون أول شركة لتصنيع السيارات تصل إلى 10 ملايين عملية تسليم سنويا، وبناء عليه أصبحت شركة صناعة السيارات اليابانية في النهاية رقم 1 على مستوى العالم، متجاوزة جنرال موتورز.
كما كان لإفلاس جنرال موتورز عام 2009 جذور في ممارسة موتور سيتي المتمثلة في الإفراط في إنتاج السيارات ثم استخدام خصومات كبيرة لتحفيز المبيعات.
ويراهن ماسك على أن سباقه لتطوير تكنولوجيا السيارات بدون سائق سيسمح له بقلب أساسيات صناعة السيارات، قائلا إن الخسائر في الهامش الآن ستعوض عن طريق وجود المزيد من سيارات تسلا على الطريق في المستقبل، وبالتالي المزيد من العملاء.
ويشكك بعض المحللين، لا سيما أن تسلا لم تطرح بعد سيارة ذاتية القيادة بالكامل، ويخشى المستثمرون أن تؤدي تخفيضات أسعار تسلا إلى حرب أسعار أوسع تؤذي الجميع.
ولاستيعاب النمو المأمول، تضيف تسلا مصنعاً آخر أعلن عنه حديثا في المكسيك، لتتجاوز أكثر من مليوني وحدة تقول الشركة إنها تستطيع صنعها سنويا الآن، وفي النهاية، رأت تسلا أنها قد تتكلف ما يقرب من 150 مليار دولار للوصول إلى هدفها المتمثل في إنتاج 20 مليون سيارة سنويا في عام 2030.
وبعض المستثمرين متفائلون، فهم يراهنون على أن ميزة تكلفة تسلا في صنع السيارات الكهربائية ستسمح لها بامتصاص تخفيضات الأسعار والتقاط الحجم على حساب المنافسين الذين ما زالوا يحاولون اللحاق بالركب.
ومع ذلك، يأتي التوسع في الوقت الذي ينمو فيه سوق السيارات الجديدة بشكل متزايد، تجعل أسعار الفائدة شراء المركبات أكثر صعوبة، ويغمر المنافسون السوق بمركباتهم الكهربائية الخاصة، وتباطأ نمو مبيعات تسلا إلى ما دون هدف 50% على أساس سنوي الذي وعد به ماسك.
وفي ظل خفض الأسعار، ارتفعت عمليات التسليم في الربع الأول بنسبة 36% بينما انخفضت الأرباح بنسبة 25% تقريباً.
ولعل الأسوأ من ذلك، في نظر بعض المستثمرين، أن هوامش تشغيل تسلا، وهي مقياس للربحية، تراجعت عن هوامش شركات صناعة السيارات الأوروبية مثل مرسيدس بنز وبي إم دبليو.
وتخلت شركات صناعة السيارات القديمة إلى حد كبير عن مراقبة حصتها في السوق لأنها تركز على الربحية.