ناقش الرؤساء التنفيذيون وكبار المسؤولين لدى "أديداس" في ألمانيا، منذ 4 سنوات، خطر استمرار العلاقة مع كانييه ويست، وسط مخاوف من اضطرابها في أيّة لحظة، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر، والوثائق التي اطلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال.
سلط العرض التقديمي لأعضاء المجلس التنفيذي لشركة "أديداس" 2018، الذي يضم الرئيس التنفيذي، كاسبر رورستد، ورئيس الموارد البشرية، الضوء على مخاطر تفاعل الموظفين مع ويست، واستراتيجيات الحد من العلاقة مع مؤسس "ييزي" بالتفصيل، بما في ذلك خيار قطع العلاقات مع مغني الراب الذي تحول إلى مصمم، بحسب الوثائق.
وقال المطلعون إن القرار البديل عن الانفصال بسبب تلك المخاوف، كان مشاركة كبار المديرين التنفيذيين من قادة وحدات الأعمال لمقترحات مختلفة مع ويست، حتى تتمكن "أديداس" من التمسك بشراكتها مع "ييزي"، التي يقدر المحللون أنها تمثل 8%من المبيعات السنوية.
اجتماع صاخب
وأضاف المطلعون: أن جهود الحفاظ على الشراكة مع "ييزي" تجدّدت في سبتمبر، في اجتماع المجلس التنفيذي للشركة لمناقشة أحدث الانفعالات العلنية لويست.
منتصف سبتمبر الماضي، التقى ويست، الذي غير اسمه قانونيًا إلى "يي"، بالمسؤولين التنفيذيين في "أديداس"، وطلب ضخ مزيد من المال للسيطرة على علامة "ييزي" التجارية، وفقًا لأشخاص على دراية بالاجتماع.
وخلال الاجتماع، عرض ويست مقطعًا من فيديو إباحي، واتهم التنفيذيين بسرقة تصاميمه، حسبما قال المطلعون، الذين أشاروا إلى إن "أديداس" وافقت بعد وقت قصير من الاجتماع على بعض مطالب ويست، حيث عرضت الشركة عليه إمكانية بيع أحذية "ييزي" مباشرة للمستهلكين، وامتلاك التصاميم المستقبلية، بالإضافة إلى حصة من مبيعات المنتجات المشابهة لتصاميم "ييزي". وأضاف المطلعون: إن العرض تضمن مواصلة الشراكة حتى 2026 على الأقل.
خطاب عنصري
رفض ويست العرض، وطلب نحو 3 مليارات دولار. وبعدها بأسابيع، قالت "أديداس" إنها سوف تنهي شراكتها مع "ييزي"، بعد ارتداء ويست قميص "أصحاب البشرة البيضاء يستحقوا الحياة" في عرض أزياء خاص، ونشر تعليقات معادية للسامية على وسائل التواصل الاجتماعي، حسبما قال المطلعون.
أشارت "أديداس" في بيان إلى أن الشركة لا تتسامح مع خطاب الكراهية والسلوك العدواني المُسيء، وأنها تواصل إجراء محادثات مع الموظفين. وقالت: "ندعم الموظفين بشكل كامل"، فيما رفضت إبداء المزيد من التعليقات، كما لم يستجب رورستد الذي تنحى مطلع الشهر لطلبات التعليق.
لم يرد ويست على طلبات التعليق ورفض سابقًا التعليق على ما حدث مع الشركة.
نقلة نوعية
أعلنت "أديداس" الأسبوع الماضي عن فتح تحقيق في الموضوع، بعد تلقيها رسالة من مجهول تتهم ويست بسوء السلوك على مدى سنوات مع موظفي "أديداس"، وسط تجاهل من الإدارة، ونشرت مجلة "رولينغ ستون" سابقًا تقارير حول الرسالة وشكاوى الموظفين.
يأتي تزايد ذلك السلوك، الذي اعترف به ويست على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط تمسك الشركة بالشراكة مع "ييزي" رغم أن ذلك السلوك ليس جديدًا، وفقًا لموظفي "أديداس" و"ييزي" السابقين والحاليين، حيث قال بعض الموظفين إنهم اشتكوا لكبار قادة "أديداس" ومديري الموارد البشرية، وقدموا تقارير حول مخاوفهم بشأن سلوك ويست منذ سنوات، وحتى في 2018.
في البداية، رأت "أديداس"، إحدى أكبر العلامات التجارية العالمية، التي تتجاوز مبيعاتها السنوية 20 مليار دولار، أن التعامل مع ويست سوف يكون له أثر كبير على الشركة، حيث كان نجم الهيب هوب الشهير، الذي غادر "نايكي"، أكبر منافسي الشركة في مجال الأحذية الرياضيّة، منذ نحو عقد من الزمان لديه مصداقية وشعبية كبيرة في عالم الموضة. وقد أملت الشركة الألمانية مساعدة المصمم ترقي العلامة التجارية إلى ما هو أبعد من عالم الرياضة إلى سوق الملابس الشعبية المزدهر.
مبيعات قياسية
حققت "ييزي" نجاحًا تجاريًا بعد فترة وجيزة من ظهور منتجاتها لأول مرة مع "أديداس" في 2015. وغالبًا ما تُباع أحذيتها الرياضية بسرعة وبأسعار مميزة. وقال أشخاص مطلعون على الأمر، إن ويست منح ترخيصًا لعلامته التجارية "ييزي" لصالح "أديداس" مقابل 15%من المبيعات، بحيث تكون "أديداس" مسؤولة عن تصنيع المنتجات ونقلها إلى المستهلكين، كما احتفظت بملكية التصاميم.
مدد الجانبان شراكتهما، وتم نقل الموظفين والمواد إلى خط إنتاج "ييزي"، الذي أصبح محوريًا لنمو مبيعات "أديداس"، بينما التوترات خلف الكواليس، حيث قال موظفون حاليون وسابقون إن ويست كان يوبخ الموظفين أمام الزملاء، ويشاهد المواد الإباحية أحيانًا خلال العمل. واشتكى بعضهم إلى قسم الموارد البشرية في 2018، كما أدلى ويست بتعليقات معادية للسامية أمام موظفي "أديداس"، حيث اقترح في 2018 تسمية أحد ألبوماته "هتلر"، حسبما قال بعض الموظفين، كذلك عرضت شبكة "سي إن إن" سابقًا تقريراً حول تعليقاته المؤيدة للنازيّة، ولم يرُد ويست على طلبات التعليق على تلك الادعاءات.
نقل الموظفون مخاوفهم حول سلوك ويست للمديرين التنفيذيين بعد ظهوره على موقع "تي إم زد" مطلع 2018 قائلًا إن العبودية "تبدو وكأنها خيار"، وفقًا لموظفين سابقين، الذين قالوا إن اجتماع ضم المدراء التنفيذيين للشركة ومن بينهم أحد أعضاء المجلس التنفيذي، تحوّل من التركيز على الشكاوى بشأن تعليقات ويست، إلى كيفية تعامل الشركة مع ذلك الاعتراض الداخلي.
صعوبة الانفصال
وفي أكتوبر 2018، نظر المسؤولون التنفيذيون في "أديداس" المقيمين في ألمانيا ومن بينهم رورستد بعمق للشراكة مع "ييزي" وناقشوا خيارات التعامل مع ويست، الذي طلب تعيينه مديرًا إبداعيًا لـ"أديداس"، وفقا للوثائق، التي تكشف عن أحد المخاطر التي تم تحديدها، والمتمثل في التعامل المباشر لموظفي "أديداس" مع ويست، وطلب الإدارة التنفيذية تناوب الموظفين الرئيسيين للحد من المخاطر.
ومن بين الاقتراحات التي كشفت عنها الوثائق التعامل مع "ييزي" كعلامة تجارية قائمة بذاتها، مثل تعامل "نايك" مع علامة "جوردان"، مما يحد من تعامل ويست مع بقية الشركة. والخيار الآخر شراء العلامة التجارية "ييزي" من ويست وتشغيلها بدونه. وأظهرت الوثائق أن ويست طلب الدفع له للتركيز على الأعمال الخيرية.
وظهر اقتراح آخر بمسمى "التخفيف الفوري" ويهدف إلى الانفصال عن ويست، وبيع منتجات "ييزي" المتبقية واستبدالها بمصادر إيرادات أخرى، بما فيها منتجات من مشاهير آخرين، كما تظهر الوثائق. لكن المجلس التنفيذي قرر مواصلة الشراكة مع ويست.
انتقاد علني
طلب ويست دعم "أديداس" لأفكاره في العمل الخيري، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر، الذي قالوا إن "أديداس" عرضت عليه في 2019 دفعة تسويقية سنوية بقيمة 100 مليون دولار للترويج للعلامة التجارية وتمويل أنشطته، حيث رأى المديرون التنفيذيون في "أديداس" أن أي إنفاق يتجاوز الأنشطة "أديداس"، قد يساعد في بيع المزيد من الأحذية الرياضية طالما ظل ويست بصدارة العناوين الرئيسية.
عادت التوترات للظهور هذا الربيع عندما خاطب ويست المديرين التنفيذيين عن طريق منشورات على "إنستغرام"، واتهامه إياهم بسرقة تصاميمه، ودفعه للتخلي عن "ييزي" مقابل مليار دولار. وفسر أشخاص على دراية بطريقة تفكيره إنه أراد التخلي عن شركة الأحذية الرياضية، لشعوره استغلال المديرين التنفيذيين له. كما اتهم ويست الشركة بإقامة "ييزي داي"، الحدث التسويقي السنوي في أغسطس، دون موافقته.
حاول المسؤولون التنفيذيون في "أديداس" احتواء التداعيات الداخلية. و في أغسطس الماضي، طمأن مسؤول تنفيذي بعض الموظفين بموافقة ويست على الحدث، وسيطرة الشركة على الوضع، حيث قال للموظفين: "لن تشعر بالارتياح مع تصرف شريكك بشكل سيئ".
تصعيد قانوني
أرسل محامو ويست رسائل إلى "أديداس" و"غاب"، التي كان لديها شراكة أزياء أصغر معه، قائلين إن الشركتين خرقتا عقودهما. لجأ ويست مجددًا في أوائل سبتمبر إلى "إنستغرام" لإظهار استيائه من "اديداس" و"غاب". كما نشر عنوانًا صحفيًا مزيفًا يعلن وفاة رورستد.
في 15 سبتمبر، أعلنت "غاب" قطع علاقاتها مع ويست، الذي التقى في الأسبوع نفسه مع المديرين التنفيذيين في "أديداس" وأظهر لهم جزءًا من فيديو إباحي، وعلق قائلًا إن صوت الممثل يشبه صوت أحد المديرين التنفيذيين في أديداس. وقال المطلعون إنه أراد الإشارة إلى خيانة "أديداس" له وبيع تصاميم مقلدة.
عقب الاجتماع، قدمت "أديداس" عرضًا أقرت فيه بالعديد من مطالب ويست من بينها ملكية التصاميم الجديدة، ودفع حقوق التصاميم المقلدة، وعرض زيادة مدفوعات الحقوق إلى 20% على تصاميم "ييزي" الحالية بعد 2026 مقابل طلبها تخليه عن دفعة التسويق السنوية، حسبما قال المطلعون.
إنهاء الشراكة
لم يكن ويست راضياً، فقد أراد أن تمنحه "أديداس" ملكية التصاميم الحالية، وأراد أن تبيع الشركة التصاميم دون علامة "ييزي" التجارية، وأن تدفع له عائدًا 20% مقابل ذلك، وفقًا للمطلعين، الذي قالوا إنه أراد أيضًا أسهم في "أديداس" بقيمة مليار دولار بمجرد بلوغ مبيعات المنتجات الحالية 5 مليارات دولار، وأسهم بقيمة ملياري دولار مع وصول المبيعات لمستويات أعلى.
في 6 أكتوبر، وعقب عدة أيام من ارتداء ويست قميصاً مكتوب عليه "أصحاب البشرة البيضاء يستحقون الحياة" خلال عرض أزياء في باريس، قالت "أديداس" إنها تراجع الشراكة معه. وبعدها بأيام، غرّد ويست بمنشورات معادية للسامية، ونشر مقطع فيديو على "يوتيوب" يظهر فيه وهو يعرض مواد إباحية خلال اجتماع "أديداس".
ناقش المسؤولون التنفيذيون في "أديداس" كيف يمكن أن يمثل سلوك ويست المتصاعد أفضلية لصالح الشركة وأساسًا لاستغلالها، والتذرع بالأخلاق في إنهاء الصفقة، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
في 25 أكتوبر، قالت "أديداس" إنها بصدد إنهاء الشراكة. وتابعت الشركة أعمالها بدون علامة "ييزي" التجارية، بينما لم يحصل ويست على العائد الذي أراده.
المصدر: وول ستريت جورنال