وأعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، السبت، تثبيت التصنيف الائتماني السيادي للأردن طويل الأجل ليبقى عند مستوى "BB-" مع نظرة مستقبلية "مستقرة"، وذلك للمرة الثانية خلال 6 أشهر، بعد تثبيته في 13 مايو الماضي.
وأرجعت الوكالة تصنيفها لاستقرار الاقتصاد الكلي جراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي قامت بها الحكومة خلال الفترة الماضية، وقدرتها على الوصول إلى مصادر التمويل المحلي والخارجي، والدعم الدولي الذي يحظى به في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى حجم السيولة التي يتمتع بها القطاع المصرفي الأردني.
وعلى صعيد المالية العامة، لاحظت "فيتش" استمرار استدامة مؤشرات المالية العامة، متوقعة أن ينخفض العجز العام ليصل إلى 2.2% من الناتج المحلي الإجمالي، خلال العام الجاري، مدعومًا بالأداء القوي للإيرادات المحلية، وضبط حجم الإنفاق العام مقارنة مع 2.7% في العام الماضي.
وأشارت الوكالة الدولية إلى نجاح الأردن في إنهاء المراجعة السابعة، من برنامج الإصلاح الاقتصادي، الجاري تنفيذه بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وموافقته على منحه قرضاً، يشكل مؤشرًا على التزام السلطات بتنفيذ سياسات مالية ونقدية سليمة وتنفيذ إصلاحات اقتصادية.
وبحسب وكالة أنباء الأردن الرسمية "بترا"، توصلت الحكومة الأردنية بنجاح إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على مستوى الخبراء، للبدء بتنفيذ برنامج جديد للإصلاح المالي والنقدي، يمتد للسنوات الأربع المقبلة، بقيمة إجمالية تصل إلى 1.2 مليار دولار، بعد إتمام متطلبات المراجعة السابعة بنجاح.
من جانبه أكد وزير المالية الأردني محمد العسعس، أن تثبيت التصنيف الائتماني للأردن في ظل ظروف عدم الاستقرار الإقليمي، يمثل شهادة على منعة الاقتصاد الأردني، وفقًا لوكالة "بترا". وألمح العسعس، إلى الاستمرار في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على الاستقرار المالي، دون المساس بالطبقة الوسطى ودون رفع العبء الضريبي على المواطن.
بدوره، قال محافظ البنك المركزي الأردني عادل الشركس، إن تثبيت التصنيف الائتماني والنظرة المُستقبلية المُستقرة للأردن من قبل وكالة فيتش، يؤكد قدرة الاقتصاد الأردني على التعامل مع التحديات المختلفة، واحتوائها والاستجابة لها بمرونة وفعالية عاليتين، مدعومًا بالالتزام القوي من قبل المملكة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة.
وأضاف الشركس، حسب وكالة "بترا"، أن تصنيف فيتش يتزامن أيضاً مع نجاح البلاد، في احتواء معدلات التضخم عند مستويات حول 2%، والمحافظة على كفاية الاحتياطيات الأجنبية للبنك المركزي والتي تبلغ حاليا 17.4 مليار دينار، واستمرار الانخفاض في معدل الدولرة، لتصل حالياً إلى 18.3%، هذا إلى جانب متانة وقوة القطاع المصرفي الأردني، وتمتعه بمستويات مرتفعة من السيولة ورأس المال.
من جانبه قال الدكتور رعد التل، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأردنية، إن ما أعلنته وكالة فيتش يعتبر شهادة تعكس ثقة المؤسسات العالمية في الاقتصاد الأردني، في ظل التوترات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.
وأضاف التل، في تصريحات لـ "إرم الاقتصادية"، أن تصنيف "فيتش" يؤكد أيضًا نجاح الحكومة الأردنية في إدارة عجز الموازنة خلال العام الماضي، عند 2.7% وهو أقل من توقعات سابقة لفيتش عند 3.7%، مع تسجيل الناتج المحلي الإجمالي معدلات نمو جيدة وصلت إلى 2.5% في 2022، رغم ما سببته الحرب الأوكرانية من ارتفاعات بالأسعار وموجات تضخم.
ولفت إلى أن التصنيف المستقر الذي أعلنته فيتش، وتزامن مع حرب غزة وقبلها حرب أوكرانيا، يؤكد قوة الاقتصاد الأردني ونجاح سياساته المالية والنقدية، مشيرًا إلى أن التصنيفات الإيجابية أو المستقرة تعد عاملاً مهما في خفض تكاليف التمويل، وتسهل من حصول الدولة على القروض من المؤسسات الدولية، وهو ما ساهم في توصل الحكومة لاتفاق مع صندوق النقد، على قرض قيمته 1.2 مليار دولار.
وأكد أستاذ الاقتصاد الأردني أن تصنيف فيتش يدل على استقرار الاقتصاد وسيره في الاتجاه الصحيح، وأن عملية الإصلاحات الاقتصادية بدأت تجني ثمارها، لا سيما أنه يعتبر نفس التصنيف الذي يحصل عليه الأردن للمرة الثانية من وكالة "فيتش" في 6 أشهر، وقبلها بشهرين حصل على تصنيف مماثل مع وكالة "ستاندرد آند بورز"، خلافاً للتصنيفات السلبية التي حصلت عليها بعض دول الجوار.
وأكد أن هذه التصنيفات الإيجابية تحفز المستثمرين الأجانب على الدخول للسوق الأردني، وضخ استثمارات مباشرة، ما يدعم استدامة دورة نشاط الاقتصاد الأردني. وأوضح الدكتور رعد التل، أن الأردن يمتلك الكثير من المقومات والأدوات الاقتصادية والسياسات، التي يستطيع من خلالها التغلب على تداعيات حربي غزة وأوكرانيا، مع استخدامها بشكل أفضل لتحريك العجلة الاقتصادية.
بدوره، قال الدكتور عدلي قندح، الخبير الاقتصادي، إن حصول الأردن على هذا التصنيف وفي هذا التوقيت، وسط أوضاع عالمية وإقليمية معقدة، أمر جيد، ويدل على نجاح خطة الإصلاح الاقتصادية التي أتمتها الحكومة.
وأضاف قندح، في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أن تثبيت تصنيف الأردن من قبل مؤسسات دولية، مؤشر إيجابي على أن الاقتصاد الأردني قادر على التعاطي مع التحديات والظروف الطارئة والحد من آثارها محليًا، وذلك من خلال التركيز على الأعمدة الأساسية للاقتصاد وبالأخص السياسة النقدية التي تشكل أهم عوامل الاستقرار المالي والنقدي في الأردن، من خلال المحافظة على سعر صرف الدينار والاحتفاظ باحتياطي من العملات الأجنبية يكفي لتغطية الواردات لفترة لا تقل عن 7 أشهر.
وأكد الخبير الاقتصادي أن مثل هذه النوعية من التصنيفات تعزز الجاذبية الاستثمارية للأردن، وتسهل حصوله على التسهيلات المالية بتكلفة أقل وإمكانية توظيفها لاستقطاب المساعدات من الدول والجهات المانحة لتمويل عجز الموازنة وتنفيذ مشاريع ذات أولوية في مختلف القطاعات.
وأشار إلى أن نجاح الحكومة في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، وبرنامجها المعد للفترة 2023-2025، سينعكس إيجاباً على درجة تصنيف الأردن في التقارير المقبلة، خاصة ما يتعلق ببيئة الأعمال وسهولة ممارسة الأنشطة الاقتصادية، وتعزيز السياستين المالية والنقدية، وتحقيق معدلات نمو جيدة تسهم في مواصلة النمو الاقتصادي، والحد من معدلات الفقر والبطالة.
وشهد الأردن 4 تصنيفات إيجابية خلال العام الجاري، الأولى كانت في شهر مارس الماضي، حيث قررت مؤسسة ستاندرد آند بورز إبقاء التصنيف الائتماني السيادي للمملكة عند B+/B، مع نظرة مستقبلية مستقرة، ما يعكس الثقة في الإصلاحات المتسارعة التي يدعمها صندوق النقد الدولي، مشيرة إلى أن الأردن يمضي قدماً في الإصلاحات التي تهدف إلى تعزيز الاستثمار وتوسيع القاعدة الضريبية واستهداف الفساد، متوقعة الحد من الاختلالات المالية في السنوات المقبلة.
وفي مايو 2023، أكدت "فيتش" تصنيفها الائتماني للأردن على المدى الطويل عند "BB-" مع نظرة مستقبلية "مستقرة"، مشيرة إلى نجاح الأردن في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، والتقدم في الإصلاحات المالية والاقتصادية.
كما أبقت وكالة ستاندرد آند بورز في سبتمبر الماضي، على تصنيفها الائتماني للأردن عند مستوى" B+/B" مع نظرة مستقبلية مستقرة، مرجعة تثبيت تصنيفها إلى نجاح خطة الإصلاح المالي، التي حافظت على الاستقرار المالي عبر خفض العجز والدين ورفع الإيرادات المحلية.
وأشارت الوكالة إلى نجاح السياسات النقدية للبنك المركزي، في مواجهة الضغوط التضخمية العالمية، وإلى قيام الحكومة بتنفيذ العديد من الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز قدرة الأردن على جذب الاستثمار.