فبعض الدول مثل سلوفاكيا والمجر وسلوفينيا وبولندا، أصبحت على مدى العقود القليلة الماضية بمثابة الوجهة الرئيسية لمصنعي السيارات وموردي المعدات. فهل تتمكن هذه الدول من إبقاء هؤلاء الصناعيين الكبار على أراضيها في عصر السيارات الكهربائية؟
وبسبب الضغط الناتج عن التقويم الأوروبي الذي سيحظر بيع المركبات الحرارية الجديدة اعتباراً من عام 2035، تضع مجموعات السيارات وموردوها مصانعها ومصانع بطاريات "جيغا" على خريطة القارة، حيث ستكون القدرة التنافسية مثالية.
فالمزايا التي أقنعت صناعة السيارات بالانتقال إلى الشرق لا تزال صالحة حتى يومنا هذا. ففي سلوفاكيا وسلوفينيا، تتمتع الصناعة بأدوات رائعة، وقاعدة الموردين غنية، والمصانع تعمل بشكل جيد مع مؤشرات إنتاجية جيدة للغاية.
والهرم العمري شاب والموظفون مدربون تدريباً جيداً، كما يتذكر برنارد جوليان، المحاضر في الاقتصاد في جامعة بوردو الفرنسية الخبير في صناعة السيارات.
لكن الفارق بين تكاليف الرواتب في الشرق وفي الغرب يكاد يتقلص لأن المرجع أصبح الآن يتمثّل بتكلفة الطاقة فهي التي أصبحت تمثل المفتاح الآخر للمواقع.
فبغض النظر عن أسعار الطاقة، فإن مصدرها سيكون له تأثير مهم. ومن الممكن أن تجبر أوروبا الشركات المصنعة على ضمان الإنتاج الذي ينبعث منه كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى استبعاد بولندا وجمهورية التشيك، اللتين لا تزالان تعتمدان بشكل كبير على الفحم.
ولذلك فإن الرياح التي هبت باتجاه الشرق قد تغيرت في السنوات الأخيرة. ويقول جوليان: "مع التحول للكهرباء، بدأت حركة نقل الصناعة إلى الغرب بإرادة سياسية قوية".
وأقنعت فرنسا شركة "انفيسيون" الصينية بتركيب مصنعها للبطاريات بالقرب من مركز رينو المخصص للكهرباء في دواي (شمال).
ومن جانبها، ستعتمد مجموعة فولكس فاغن، ثاني أكبر شركة مصنعة للسيارات في العالم، على مصانع البطاريات العملاقة التابعة لها في ألمانيا وإسبانيا. وقررت تأجيل مشروعها في أوروبا الشرقية.
وأدى تباطؤ الطلب على السيارات الكهربائية في أوروبا إلى تهدئة الحماس لها.
وفي الشرق، تسعى الدول للحفاظ على وظائفها وجذب شركات جديدة لصناعة السيارات التي تعمل بالبطاريات من خلال إعانات الدعم السخية.
وتتطلع مجموعات صينية كبيرة، مثل "بي واي دي" إلى إنشاء أول مصنع تجميع لكل منهما في القارة، الأمر الذي من شأنه أن يضفي الشرعية على وجودها في السوق الأوروبية.
وبحسب الصحيفة الألمانية، "فرانكفورتر ألجماينه زونتاج تسايتونغ"، فقد أقنعت المجر شركة بي واي دي باختيار موقع لها على أراضيها، ،ولكن الشركة لم تؤكد هذا الخبر.
وهذا الصيف، برر كارلوس تافاريس، المدير العام لشركة ستيلانتيس، في مقابلة مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية الظروف التي من شأنها أن تسمح لمجموعته بإنتاج سيارات كهربائية بأسعار معقولة وبشكل مربح للطبقات المتوسطة: "لحل المعادلة، هناك حلان. الأول هو القتال بنفس الأسلحة التي يستخدمها منافسونا؛ وباختصار، الاستفادة من الهياكل منخفضة التكلفة. وهذا لا يعني بالضرورة التصنيع في الصين. قد تكون هناك أماكن أفضل في العالم، وبعضها أقرب إلى أوروبا، وحتى داخل أوروبا. والثاني هو إنتاج سيارات في بلداننا ذات قيمة مضافة عالية ومحتوى تكنولوجي أكبر".