logo
اقتصاد

رغم التحديات.. حكومة العراق تراهن على خطة تنمية بـ100 مليار دولار

رغم التحديات.. حكومة العراق تراهن على خطة تنمية بـ100 مليار دولار
صورة التقطتها طائرة دون طيار تظهر العمل الجاري في ميناء الفاو التجاري الكبير في أثناء الانتهاء من بناء الأرصفة التي تم افتتاحها حديثاً في البصرة بالعراق في 11 نوفمبر 2024. المصدر: رويترز
تاريخ النشر:19 ديسمبر 2024, 04:21 م

تراهن الحكومة العراقية على تحقيق تنمية اقتصادية عبر ضخ 100 مليار دولار على مدار 3 سنوات، في مشروعات بنية تحتية وصناعية في المناطق المختلفة بالبلاد، بالتزامن مع ذلك يشكك بعضهم في إمكانية تنفيذ الاستراتيجية على أرض الواقع، إذ تكرر الحديث بشأنها خلال السنوات الماضية دون جدوى.

مستشار رئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، قال في حديث إلى «إرم بزنس»، إن تلك الخطة طموحة ستشق طريقها للتنفيذ مع المشاريع الكبيرة التي يشهدها العراق، وسينفذها خلال تلك الفترة، لا سيما «طريق التنمية» الذي ينفذ بالتعاون مع عدة دول، متوقعاً عراقاً جديداً إليه وفق المخططات الحكومية.

«طريق التنمية»، هو مشروع أطلق في 2023 مع تركيا ودول عربية بينها الإمارات، وهو عبارة عن خطّ بري وخط للسكك الحديدية يصل الخليج بالحدود التركية، ويطمح العراق عبره تنفيذه خلال نحو 5 سنوات إلى التحول كخط أساسي لنقل البضائع بين الشرق الأوسط وأوروبا عبر ميناء الفاو العراقي، بتكلفة مبدئية 17 مليار دولار.

في المقابل، يشكك أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، في حديث لـ«إرم بزنس»، في إمكانية تحقيق خطة الـ 100 مليار دولار، سواء عبر استثمارات أجنبية أم عبر الموازنة، مؤكداً أنه سبق أن طُرحت تلك الأرقام، ولم تجدا طريقاً في أرض الواقع، وحالياً ستصطدم بتحديات اقتصادية في 2025 مرتبطة بعوامل عديدة بينها انخفاض سعر النفط. 

أخبار ذات صلة

العراق يمضي في تنفيذ إصلاحات اقتصادية بالتعاون مع البنك الدولي

العراق يمضي في تنفيذ إصلاحات اقتصادية بالتعاون مع البنك الدولي

 كلفة إعادة الإعمار 

عقب إعلان العراق انتصاره على تنظيم «داعش» الإرهابي في ديسمبر 2017، واستعادة المناطق التي استولى عليها التنظيم في 2014 و2015، اتجهت الحكومات نحو جذب المستثمرين لإعادة بناء الاقتصاد وبنيته التحتية التي تضررت جراء الحرب، وتقدر كلفة الإعمار وفق البنك الدولي بنحو 88.2 مليار دولار.

يمثل العراق ثاني أكبر منتج للنفط في «منظمة البلدان المصدرة للبترول» (OPEC)، ويعد البترول المورد الرئيس لإيرادات البلاد بنحو 90%، كما تتخطى احتياطات البلاد من العملة الأجنبية 100 مليار دولار.

ارتفعت موازنة 2024 إلى 211 تريليون دينار (161 مليار دولار) من 199 تريليون دينار (153 مليار دولار) عام 2023 مع عجز متوقع قدره 64 تريليون دينار (48 مليار دولار).

في فبراير الماضي، أعلنت حكومة العراق، «تقليل الدين العام الخارجي بنسبة تتجاوز 50%، لينخفض الدين من 19.729 مليار دولار أواخر عام 2022، إلى 15.976 مليار دولار في عام 2023، وصولاً إلى ما يقارب 8.9 مليار دولار في العام الحالي»، في المقابل ارتفع الدين الداخلي من 38.3 تريليون دينار (29.4 مليار دولار) في عام 2019 إلى 73.2 تريليون دينار (56.3 مليار دولار) حالياً.

100 مليار دولار لمشروعات التنمية

وكيل وزارة الخارجية العراقية للعلاقات الثنائية، محمد حسين بحر العلوم، خلال كلمته في ملتقى استثماري عراقي يوناني في العاصمة بغداد، في 9 ديسمبر الجاري قال إن «الحكومة خصصت ميزانية تقدر بـ 100 مليار دولار على مدى 3 سنوات لتنفيذ مشاريع البنية التحتية الكبرى»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

ووفق المسؤول، فإن «الحكومة ماضية بمشروع طريق التنمية الإستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب بأقل كلفة، ويؤسس لمدن اقتصادية جديدة في العراق».

وأشار إلى أن الحكومة تخطط لبناء مليون وحدة سكنية جديدة، ما يوفر مجالات واسعة للشركات العالمية، فضلاً عن فرص في قطاع الطاقة.

ويسعى العراق إلى تطوير الصناعات الدوائية والغذائية مع احتياجات سنوية تتجاوز 3 مليارات دولار، وفق بحر العلوم، مشيراً إلى أن العراق بفضل استقراره الأمني ورؤيته الاقتصادية، يعد شريكاً إستراتيجياً موثوقاً.

الخطة ذاتها تحدث عنها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مشاركته في المنتدى الاقتصادي العراقي الإسباني أواخر نوفمبر الماضي، موضحاً أن العراق خصص 100 مليار دولار على مدى 3 سنوات لتنفيذ مشاريع بنى تحتية، وأن البلاد تتمتع ببيئة آمنة وجاذبة للاستثمار، وفق بيان حكومي، نشرته وكالة الأنباء العراقية، دون تحديد الفترة الزمنية لتلك الاستثمارات.

الاستثمارات الأجنبية

سبق أن ذكر مدير صندوق العراق للتنمية ومستشار رئيس الوزراء لشؤون الاستثمار محمد النجار في أكتوبر الماضي أن بلاده نجحت في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 100 مليار دولار خلال السنتين الأخيرتين، مضيفاً أنه يوجد مشاريع أخرى، بمبالغ كبيرة، وفي مختلف القطاعات، دون تقديم تفاصيل أخرى.

وفي أكتوبر الماضي، أوضح رئيس الوزراء، أن الفرص الاستثمارية المعروضة في العراق، والتي عُرِضَت من شركات عربية وأجنبية، تخطت 100 مليار دولار، مؤكداً أنها تكشف عن سعة في النمو الاقتصادي على كل الصعد والمجالات، بحسب بيان للحكومة العراقية آنذاك.

ولا يتوقف الأمر عند حد الـ 100 مليار دولار، بل هناك تقديرات رسمية، بأكثر من ضعف هذا الرقم، حيث كشف رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار العراقية، حيدر مكية، في تصريحات لإعلام عربي في نوفمبر الماضي، أن الهيئة أتمت جميع المتطلبات اللازمة لنحو 103 فرص استثمارية، فضلاً عن مشاريع مستقبلية كبيرة، متوقعاً تدفقات مالية بقيمة 250 مليار دولار إلى العراق خلال العامين المقبلين.

تشمل حزمة الفرص الاستثمارية مشاريع في مجالات الطاقة المتجددة، ومدناً صناعية وزراعية، وشبكات سكك حديدية، بالإضافة إلى قطاعات التعليم والاتصالات والسياحة والترفيه، وفق مكية، الذي أوضح أن الفرص الاستثمارية أصبحت في حقيبة كاملة لعرضها في ملتقى العراق للاستثمار المتوقع عقده في بغداد بداية العام المقبل.

وعود متكررة

الحديث عن جلب أو ضخ استثمارات بقيمة 100 مليار دولار لم يكن الأول من نوعه بالعراق خلال السنوات الماضية، ففي يناير 2018، أطلق رئيس الوزراء العراقي آنذاك، حيدر العبادي، الوثيقة الوطنية لإعادة إعمار البلاد، وقال إنه سيحتاج ما يصل إلى 100 مليار دولار لإصلاح البنية التحتية المتهالكة والمدن التي مزقتها الحرب، داعياً المستثمرين الأجانب لمساعدته على إعادة بناء البلاد.

العبادي وقتها، عدَّها كميات ضخمة من الأموال، «نعلم أننا لا نستطيع تدبيرها من خلال ميزانيتنا، نعلم أننا لا نستطيع تدبيرها من خلال المنح، هذا مستحيل تقريباً، لذا نلجأ الآن إلى الاستثمار وإعادة البناء من خلال الاستثمارات، هذه خطوة إلى الأمام ونستطيع تحقيقها».

إمكانية التنفيذ

مستشار رئيس الوزراء العراقي للسياسات المالية، مظهر محمد صالح، شدد على إمكانية تنفيذ الخطة الطموحة قائلاً: «بكل تأكيد هناك إمكانية لتحقيق خطة الـ 100 مليار دولار الطموحة في ظل عراق جديد تتجه إليه البلاد».

وأوضح أن «إستراتيجية طريق التنمية التي اعتمدتها حكومة السوداني ستشكل قوة جذب استثماري في تحقيق فورة من تشابك المصالح الاقتصادية والتجارية لبلدان المنطقة التي يعمل عليها مشروع طريق التنمية».

يرى صالح أن ذلك سيتم على مستويين، يتضمن الأول تشابكاً استثمارياً في البنى التحتية مرتفعة تكنولوجياً تربط دول الخليج بحرياً، مع بناء مسارات النقل السريعة، وتحديداً بالممرات الاقتصادية كالنقل بالسكك الحديدية وخطوط النقل البري المرتبطة بميناء الفاو الكبير في جنوب العراق كقوة شحن عالمية، وانتهاء بالأراضي التركية باتجاه أوروبا شمالاً.

وأضاف أن المستوى الثاني، يشمل على الأقل فتح ثلاث مناطق صناعية واثنتين من المناطق الاقتصادية، وهناك دول خليجية ذات مصلحة كبيرة المستوى في تقدم المشروع.

وأوضح أن إنشاء مراكز لوجستية وصناعية تقتضي إنشاء مراكز على طول الطريق لتخزين البضائع ومعالجتها، بما يعزز الاستثمار المحلي والأجنبي.

وأوضح أن، التطبيقات الاقتصادية والإغلاق المالي لمشروع طريق التنمية ستوضح بلا شك طاقة الجذب الاستثماري الخليجي والإقليمي والأوروبي صوب مشروع طريق التنمية، وشكل الرافعة المالية وتفاصيلها التي ستتأكد لاحقًا بمرور الوقت.

ويستدرك: «رغم الكلفة الابتدائية لطريق التنمية كبنية تحتية هي بنحو 17 مليار دولار، ستفتح المدن الصناعية الكبرى والمناطق الاقتصادية، آفاقاً كبيرة لتقدم العراق استثمارياً، وهي تتمحور حول فكرة جاذبية طريق التنمية في العراق».

أخبار ذات صلة

العراق يطرح 135 فرصة استثمارية لتحفيز الشراكات الاستراتيجية في الصناعة

العراق يطرح 135 فرصة استثمارية لتحفيز الشراكات الاستراتيجية في الصناعة

 تحديات التنفيذ

في المقابل، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، في حديث لـ«إرم بزنس»، إنه يصعب إمكانية ضخ 100 مليار دولار في السنوات الثلاثة المقبلة.

وأشار إلى أنه قبل فترة ذكرت مصادر حكومية بأن العراق قد نجح في جذب استثمارات أجنبية بمقدار 62 مليار دولار خلال عامين.

«الحقيقة هذا رقم غير صحيح؛ لأن البيانات الحديثة التي أدرجت في ميزان المدفوعات العراقي الذي ينشره البنك المركزي للبلاد تشير إلى تراجع في التدفقات الاستثمارية» وفق المرسومي.

ويستند أستاذ الاقتصاد في جامعة البصرة، في عدم إمكانية تطبيق الخطة الـ«100 مليار دولار عبر 3 سنوات»، على أنه لا يمكن للاستثمار الأجنبي أن يساهم بذلك الرقم، خاصة مع بيئة استثمار غير جاذبة لعوامل عديدة متعلقة بأزمات بينها عدم الاستقرار السياسي والروتين الحكومي وعدم وضوح القوانين.

وأوضح، أنه إذا كان المقصود، أن الموازنة العامة هي من ستضخ، فهي غير قادرة على هذا القدر خلال السنوات الثلاثة، خاصة إذا تراجعت أسعار النفط عن 70 دولاراً للبرميل، وهو السعر المحدد في الموازنة.

وأشار إلى أن ما يخصص للبنية التحتية أقل من 10 مليارات دولار سنوياً، «الحديث عن 100 مليار دولار للسنوات القادمة كلام غير دقيق، لا يعبر عن الحقيقة بسبب الضغوط المالية، خاصة مع تحديات في 2025».

وذكر أن التحديات يرتبط بعضها بانخفاض أسعار النفط وقيود «أوبك بلس» التي حددت للعراق إنتاج 4 ملايين برميل يومياً بأقل من طاقته الإنتاجية بحدود 650 ألف برميل يومياً، وزيادة الأعباء المالية مع ارتفاع الرواتب والمعاشات لما يقرب من 70 مليار دولار سنوياً.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC