توقع تقرير لوكالة ستاندرد آند بورز للتصنيفات الائتمانية، نمو الإقراض في القطاع المصرفي السعودي في عام 2025، مدعوماً بانخفاض أسعار الفائدة والبيئة الاقتصادية الملائمة.
ووفقاً لتقرير الوكالة، فإن الإقراض في المملكة مرشح لتحقيق نمو قوي بنسبة تقارب 10%، بفضل ارتفاع الإقراض للشركات نتيجة للمشاريع الكبرى المرتبطة برؤية المملكة 2030.
في الوقت ذاته، يُتوقع أن يشهد الإقراض العقاري طفرة ملحوظة مدعومة بانخفاض أسعار الفائدة، بالإضافة إلى النمو الديموغرافي الذي يعزز الطلب على العقارات السكنية.
وتوقع التقرير نمواً قوياً في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة العربية السعودية، مدفوعاً بجهود تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط والتركيز على القطاعات غير النفطية.
سيكون قطاعا البناء والخدمات أبرز المساهمين في هذا النمو، بفضل المشاريع الضخمة المرتبطة برؤية المملكة 2030. كما أن الإقراض للشركات سيعزز نمو الائتمان، بينما يُتوقع أن يدعم انخفاض أسعار الفائدة زيادة الإقراض العقاري.
تُشير التقديرات إلى تحقيق معدل نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي يبلغ 4.0% في المتوسط خلال الفترة بين 2025 و2027، مقارنة بـ 0.8% في عام 2024.
وستعمل مبادرات رؤية المملكة على دعم النمو غير النفطي من خلال زيادة النشاط في قطاع الإنشاءات وارتفاع الطلب في قطاع الخدمات. كما يُظهر قطاع السياحة إمكانات نمو كبيرة، إذ أسهم بنسبة 4% من الناتج المحلي الإجمالي و9% من إيرادات الحساب الجاري في عام 2023، مع توقعات بمزيد من النمو بفضل تحسين إجراءات التأشيرات وزيادة خيارات الترفيه.
ورغم المخاطر المحتملة، مثل ارتفاع مديونية القطاع الخاص وتأثيرها طويل الأجل على جودة الأصول، فإن البنوك السعودية مهيأة لتحقيق ربحية مستقرة في عام 2025.
أكد التقرير أن انخفاض أسعار الفائدة سيُسهم في الحد من تشكيل القروض المتعثرة، على الرغم من توقع ارتفاع نسبتها إلى 1.7% من إجمالي القروض بحلول نهاية عام 2025، مقارنة بـ1.3% في سبتمبر 2024، مع استمرار محدودية عمليات الشطب.
وفيما يتعلق بالخسائر الائتمانية، توقعت الوكالة أن تتراوح بين 50 و60 نقطة أساس خلال الأشهر الـ12 إلى 24 المقبلة، مدعومة بالاحتياطيات المريحة للمخصصات التي تحتفظ بها البنوك السعودية.
أوضح التقرير أن انخفاض أسعار الفائدة سيدفع الشركات المحلية إلى زيادة مديونيتها، ما يُسهم في تحقيق نمو قوي لإقراض الشركات.
ومع ذلك، يُتوقع أن يظل إجمالي دين القطاع الخاص بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل من 150% على المدى المتوسط. وأشارت الوكالة إلى أن ارتفاع مستويات المديونية قد يكون له تداعيات طويلة الأمد على جودة أصول البنوك، على الرغم من أن الإشراف التنظيمي القوي يساعد في إدارة هذه المخاطر.
توقعت وكالة ستاندرد آند بورز أن يؤدي نمو الائتمان إلى تعزيز ربحية البنوك، مع استقرار العائد على الأصول عند مستويات تتراوح بين 2.1% و2.2%، بما يتماشى مع تقديرات عام 2024.
ومع ذلك، أشار التقرير إلى احتمالية انخفاض هامش الفائدة الصافي بنحو 20 إلى 30 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2025، نتيجة للتخفيضات المتوقعة في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي السعودي، الذي يُتوقع أن يتبع سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي للحفاظ على ربط الريال بالدولار.
كما أن القروض العقارية طويلة الأجل ذات الفائدة الثابتة، التي تمثل نحو 25% من إجمالي القروض، ستُسهم جزئياً في تعويض انخفاض الدخل الناتج عن القروض ذات معدلات الفائدة المتغيرة.
أشار التقرير إلى أن البنوك السعودية تتمتع بمستويات مرتفعة من كفاية رأس المال، حيث بلغت نسبتها 19.2% في نهاية سبتمبر 2024، وهو ما يتجاوز بكثير الحد الأدنى المطلوب البالغ 10.5%.
وأكدت الوكالة أن البنوك السعودية قادرة على تحقيق أرباح كافية لدعم نمو الأصول، مع توقعات بأن تصل نسبة توزيعات الأرباح إلى 50% في المتوسط.
لفت التقرير إلى أن نمو الإقراض تجاوز نمو الودائع، ما دفع البنوك السعودية إلى البحث عن مصادر تمويل بديلة. وأشار إلى أن النظام المصرفي تحوّل في النصف الثاني من عام 2024 إلى صافي مركز دين خارجي يقارب 1% من إجمالي القروض. ومن المتوقع استمرار تراكم الدين الخارجي خلال العامين المقبلين، مع تدخل البنك المركزي السعودي إذا دعت الحاجة إلى ضمان استقرار السيولة.
وعلى الرغم من الاعتماد المتوقع على التمويل الخارجي، أبرزت الوكالة أن المبادرات المتعلقة بالأوراق المالية المدعومة بالتمويل العقاري قد تسهم في تخفيف الضغط على البنوك. وأشادت بدور الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري ومبادرات "حصانة" في جذب رأس المال المحلي والأجنبي لدعم السيولة اللازمة للمشاريع الكبرى ضمن رؤية المملكة 2030.
أشادت ستاندرد آند بورز باستقرار القطاع المصرفي السعودي، الذي استفاد من عمليات اندماج ناجحة أدت إلى ظهور كيانات وطنية قوية.
وأكد التقرير أن الإشراف التنظيمي من البنك المركزي السعودي يلعب دوراً رئيسياً في ضمان استقرار النظام المصرفي وربحيته، مع إدارة فعّالة لمخاطر الدين الخارجي. كما أشار إلى أن المخاطر الاقتصادية والقطاعية ظلت مستقرة، مع توقع استمرار هذا الاتجاه في المستقبل القريب.
أدرج التقرير التصنيفات الائتمانية لعدد من البنوك السعودية الكبرى، مع الإشارة إلى استقرار أو إيجابية النظرة المستقبلية، وهي كالتالي:
مصرف الراجحي: A-/إيجابية
البنك الأهلي السعودي: A-/إيجابية
بنك الرياض: A-/إيجابية
البنك السعودي الفرنسي: A-/مستقرة
البنك العربي الوطني: A-/مستقرة
مصرف الإنماء: A-/مستقرة
البنك السعودي للاستثمار: A-/إيجابية