ومع اقترابنا من منتصف النصف الثالث تقريباً، يسير الناتج المحلي الإجمالي على المسار الصحيح للتوسع بمعدل سنوي يتراوح بين 2.4% و4.1%، استناداً إلى اثنين من أكثر المتنبئين متابعة.
وتضع الاحتياطيات الفيدرالية في أتلانتا نواكاست نمواً مقدراً بنسبة 4.1%، وتقدر شركة إس آند بي غلوبال، التي يمكن القول إنها المعيار الذهبي في وول ستريت زيادة بنسبة 2.4%.
ومن المرجح أن يتقلص التقدير إلى ما يقرب من 2%، بحلول الوقت الذي ينتهي فيه الربع في سبتمبر، ولكن مع ذلك سيكون ذلك الأداء إنجازاً رائعاً، وتؤدي تكاليف الاقتراض المرتفعة تاريخياً إلى تدهور الاقتصاد، وغالباً ما تؤدي إلى ركود في غضون عام أو عامين.
ولما يقرب من عام ونصف العام، كان الاحتياطي الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل في الولايات المتحدة، مما جعله يقترب من الصفر إلى حد أعلى، يبلغ 5.5% وذلك لمكافحة التضخم المرتفع.
ولكن على الرغم من ذلك نما الاقتصاد بوتيرة سنوية صلبة بنسبة 2%، في الربع الأول وتسارعت الوتيرة خلال الربع الثاني بنسبة 2.4%، وتجاوز معدل النمو المفاجئ هذا العام بشكل طفيف، ما يراه المحللون أنه أعلى سرعة مستدامة للاقتصاد.
وتوقع كبار مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي، أن يتباطأ الاقتصاد إلى حد الركود في عام 2023، بينما وضع الاقتصاديون في في قطاع الأعمال، احتمالات الركود عند 50% أو أكثر.
وأدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى ركود سوق الإسكان، واستنزاف الصناعة التحويلية، وتقليص الاستثمار في الأعمال التجارية، وأجبرت البنوك على تقليص الفروض، وتعرض الاقتصاد لأضرار.
وعلى الرغم من ذلك، فإن حجر الأساس للاقتصاد هو الإنفاق الاستهلاكي، الذي بقي ثابتاً تماماً، ويشتري الأميركيون سلعاً أقل نسبياً مثل الأجهزة، لكنهم ينفقون مبالغ كبيرة على خدمات مثل السفر والاستجمام وتناول الطعام بالخارج.
ويصفه بعض الاقتصاديين بأنه نمو الإنفاق، وجاء نتيجة الكبت بعد جائحة كورونا، خاصة بالإفراط بالتسوق على الأشياء التي لم يكونوا قادرين على القيام بها.
ويمكن لمعظم الأميركيين الذين يرغبون في الحصول على وظيفة، أن يجدوا واحدة على الأقل، مما يحافظ على معدل البطالة بالقرب من أدنى مستوى له منذ نصف قرن عند 3.6%، ولا تزال الشركات تقوم بالتوظيف على الرغم من المخاوف من الركود، ولا تزال مترددة في تسريح العمال وسط أسوأ نقص في العمالة في العصر الحديث.
وانخفضت مطالبات إعانات البطالة الأولية بشكل حاد في الشهر الماضي، وعادت بالقرب من أدنى مستوياتها بعد الوباء بعد ارتفاع مفاجئ أوائل الصيف.
وقال كبير الاقتصاديين في كوميريكا، بيل آدامز، إنه مع انخفاض مطالبات البطالة الأولية، والمستمرة أيضاً، يبدو أن الاقتصاد يستقر بعد التصحيح المتذبذب، الذي بدأ في منتصف عام 2022.
وأدى ضيق سوق العمل بدوره إلى ارتفاع الأجور، بأسرع وتيرة منذ سنوات، ولا يكفي لتعويض الزيادة في الأسعار بشكل كامل، بسبب ارتفاع التضخم، ولكن يكفي للحد من الضرر.
ويشعر المستهلكون بالثقة الكافية لمواصلة الإنفاق، وللحفاظ على نمو الاقتصاد، وعلاوة على ذلك، فقد تحسنت استطلاعات ثقة المستهلك بشكل كبير في الأشهر القليلة الماضية، بعد هبوطها إلى مستويات منخفضة جديدة في وقت مبكر من العام.
وتعافت الثقة بين الشركات الكبيرة والصغيرة على حد سواء جزئياً من أدنى مستوياتها الأخيرة، مدعومة بالطلب المستمر من المستهلكين والأرباح القوية.
وقال كبير الاقتصاديين في سانتاندير كابيتال ماركتس، ستيفن ستانلي، إن بيانات أرباح الشركات حتى الآن، تشير إلى أن الشركات تستمر في الصمود بشكل معقول.
وتنفق الحكومة أعلى بكثير من مستويات ما قبل الوباء، بما في ذلك الإعانات المتعلقة بالطاقة الخضراء للمصنعين، ومزايا الضمان الاجتماعي الأعلى بسبب التضخم.
ويحصل المدخرون أيضاً أخيراً على عائد جيد على السندات وحسابات التوفير وما شابه.
سوف يعتمد ذلك على ما إذا كانت الارتفاعات في تكلفة العمالة معتدلة، واستمرار التضخم في التباطؤ، نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، ويتراوح معدل التضخم الآن بين 3% و 4.8% اعتماداً على الإجراء.
وسيسمح تخفيف ضغوط الأسعار لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، بإنهاء دورته الحالية من زيادات أسعار الفائدة، وإعطاء الاقتصاد مساحة أكبر للتنفس، في حين أن المعدلات الأعلى ستؤدي إلى عكس ذلك.
ويعتقد بعض الاقتصاديين ومسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، أن مثل هذه السيناريو قد يؤدي إلى هبوط ناعم أسطوري يقهر فيه الاحتياطي الفيدرالي التضخم دون التسبب في ركود، وهو ما حدث مرة أو مرتين فقط منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال توماس باركين رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، إنه لا تزال هناك قصة معقولة مفادها أن التضخم سيعود إلى طبيعته في وقت قصير، وأن الاقتصاد يتجنب الصدمات الإضافية.