تشهد مزارع القهوة ارتفاعاً ملحوظاً في السرقات، مع استمرار ارتفاع أسعار القهوة عالمياً، مما حوّل المزارع إلى مسارح للجرائم.
نتيجة لذلك، بحسب تقرير نشرته وكالة أنباء «بلومبرغ»، لجأ المزارعون في أوغندا إلى اتخاذ تدابير قصوى، بما في ذلك القيام بدوريات ليلية لحماية محاصيلهم، فيما استخدم آخرون الكلاب والأسوار العالية، وحتى النحل كإجراءات أمنية لردع اللصوص.
ووفقاً لجمعيتين زراعيتين في البلاد، فإن مشكلة سرقة القهوة وصلت إلى مستويات غير مسبوقة، إذ يضطر المزارعون الآن إلى حماية محاصيلهم من اللصوص الذين ينشطون تحت جنح الظلام، مما يعكس اتجاهاً أوسع في القطاع الزراعي نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
تزامنت هذه الزيادة في السرقات مع الارتفاع العالمي في أسعار القهوة، إذ أدى الجفاف في المناطق الرئيسية المنتجة للقهوة، مثل فيتنام، وزيادة الطلب إلى تقليص العرض ورفع الأسعار، مما جعل من القهوة هدفاً مربحاً.
كما شهدت أوغندا، خامس أكبر مصدر للقهوة في العالم، ارتفاعاً في سعر حبوب الروبوستا، المستخدمة في القهوة الفورية، إلى مستويات لم تشهدها منذ السبعينيات، حيث ارتفعت أسعار الحبوب غير المقشورة، المعروفة محلياً باسم «كيبوكو»، بنسبة تصل إلى 65% هذا العام، لتصل إلى 7,000 شلن أوغندي (1.89 دولار أميركي) للكيلوغرام الواحد، وفقاً لهيئة تنمية القهوة الأوغندية.
وعلى الرغم من نقص البيانات الدقيقة حول حجم السرقات، فإن جمعية مزارعي القهوة المركزية في أوغندا (CECOFA) وتحالف مزارعي القهوة الأوغندية (UCFA) أكدتا أن الوضع أسوأ من السنوات السابقة.
شكلت سرقات المواد الغذائية والمشروبات أكثر من 20% من المنتجات المسروقة عالمياً العام الماضي، وفقاً لمؤسسة المعايير البريطانية، ارتفاعاً من 17% في عام 2022. وفي أوغندا، يعتقد العديد من المزارعين أن اللصوص هم من السكان المحليين، وغالباً من الشباب، الذين يبيعون الحبوب المسروقة إلى سلاسل التوريد. ولا تؤثر هذه الحوادث على دخل المزارعين فقط، بل تهدد أيضاً الجهود طويلة الأجل لأوغندا في زيادة إنتاج وتصدير القهوة.
وتمتد تأثيرات السرقات إلى ما هو أبعد من الخسائر الفورية للقهوة، بحسب التقرير، إذ يمكن أن تتأثر جودة الحبوب عندما يتم سرقتها قبل أن تنضج تماماً. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يتسبب اللصوص في إلحاق الضرر بالأشجار، مما يؤثر على إنتاجيتها المستقبلية. وهو ما يعتبر مثيراً للقلق بشكل خاص، حيث تهدف أوغندا إلى زيادة إنتاج وتصدير القهوة بشكل كبير.
كما تشكل تكاليف الأمن الباهظة عبئاً كبيراً على صغار المزارعين، الذين يعيش العديد منهم بالقرب من خط الفقر، إذ يتم حثهم على الاستثمار في الأسوار والحراس والكلاب، وحتى النحل لردع المجرمين.
وتتخذ بعض المناطق إجراءات إضافية لجعل الاستفادة من القهوة المسروقة أمراً أكثر صعوبة. ففي منطقة كاكوميرو في غرب أوغندا، يُمنع الأطفال من بيع حبوب القهوة للوسطاء، لأنهم أكثر عرضة للاستغلال من قبل اللصوص، وفقاً لما ذكره تاديوو سينيوني، أحد المزارعين الذين تعرضوا للسرقة.
قامت الحكومة الأوغندية بتوزيع ملايين الشتلات المجانية في السنوات الأخيرة لمساعدة المزارعين على زيادة الإنتاج، بهدف رفع الإنتاج إلى 20 مليون كيس بحلول عام 2030، مقارنةً بإنتاج حوالي 7 ملايين كيس حالياً. ومع ذلك، يهدد استمرار السرقات هذه الجهود ويعيق استثمار المزارعين في محاصيلهم.
وقال ريتشارد موغانزي، مدير المبيعات والتسويق في اتحاد ماساكا التعاوني، الذي يضم حوالي 100,000 مزارع: «بالتأكيد، ستثبط السرقات جهود المزارعين في الاستثمار إذا لم يتم اتخاذ إجراءات».
ومع استمرار المشكلة، هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية صناعة القهوة في أوغندا، التي تؤدي دوراً حيوياً في اقتصاد البلاد ومعيشة آلاف المزارعين.