يتسبب استخراج النيكل في اندونيسيا بأضرار بيئية جسيمة كإزالة الغابات وتسميم التربة والمحيطات واستخدام الفحم بشكل مكثف، المادة التي تتسبب كثيراً بانتشار الكربون.
وهكذا يولّد استخراج النيكل تأثيرات هائلة على البيئة. ولا بدّ من الإشارة إلى أن إندونيسيا أصبحت في غضون سنوات قليلة، أكبر منتج للنيكل على مستوى العالم، حيث زادت حصتها في السوق من 5% في عام 2015 إلى 50% في عام 2023. وفي الوقت نفسه، أثبت الأرخبيل نفسه كأحد اللاعبين الرئيسيين في تحول للطاقة النظيفة. لأن النيكل هو أحد المكونات الأساسية في بطاريات السيارات الكهربائية. ولكن هذه هي مفارقة التحول، فالتكلفة البيئية لاستخراج هذا المعدن هائلة، وخاصة في إندونيسيا التي تتمتع الآن بسمعة كونها منتجة للنيكل "القذر".
ولا شكّ في أن نمو صناعة النيكل ساهم في التنمية الاقتصادية لإندونيسيا، لكن هذا البلد الآن "يواجه التداعيات السلبية لأنشطة التعدين على أراضيه"، كما يوضح تيبو ميشيل، الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "إيفري". ويشير الخبير إلى الاحتجاج الاجتماعي المرتبط بانعدام الأمن في المناجم والمصاهر، ومصادرة ملكية بعض السكان المحليين، ووجود القبائل الأصلية في مواقع التعدين "وقبل كل شيء، الأضرار التي لحقت بالبيئة".
إزالة الغابات
هناك أولا التأثيرات المباشرة للمنجم، وأولها وقبل كل شيء إزالة الغابات، وهذه العملية ضرورية لبدء عملية الاستخراج. ومما يزيد الأمر تعقيدًا أن إندونيسيا تعد من بين أجمل وأهم الغابات الأولية في العالم.
وهناك موضوع بيئي آخر مهم، وهو موضوع إدارة مخلفات التعدين. ولا يتردد بعض المشغلين عديمي الضمير في إلقاء المخلفات القذرة والأوحال في قاع البحر، وهذا ما يؤدي إلى تدمير التنوع البيولوجي البحري. “من المفترض أن تحترم الشركات المعايير البيئية، لكن هذه المتطلبات تسقط أحياناً على جانب الطريق في مشاريع معينة”، يوضح الباحث لصحيفة "لي زيكو".
وعندما يتم تخزين النفايات على الأرض، تتعرض الحيوانات والنباتات البحرية للتهديد. وغالباً ما تقع مواقع التعدين في جوار البحر، وتغسلها الأمطار الغزيرة في المنطقة. وهكذا تغسل الأمطار الكثيرة، التربة ومخلفات التعدين في ممرها، وينتهي مسارها في البحر حيث تختنق الأسماك من قلة الأكسجين في المياه.
نقص الأسماك
علاوة على ذلك، بما أن أشعة الشمس لم تعد قادرة على المرور عبر الماء، فالغطاء النباتي يختفي أيضاً. وأكد العديد من الصيادين الذين يعيشون بالقرب من المصانع والمناجم، وذلك في تحقيق أجرته "بلومبرغ"، أنهم لم يعودوا يعثرون على أي سمكة في شباكهم. ولكن هناك بعض اللاعبين يفضلون الضغط على الأوحال والحمأة وتخزينها جافة، لأن هذه الطريقة تتيح إعادة الغطاء النباتي لموقع التعدين ومنع تآكل التربة.
وترتبط القضية البيئية الأخرى للنيكل الإندونيسي بالاستخدام المكثف للفحم في مصاهر الخام ومصافي التكرير. "هناك رغبة معلنة في التحرك نحو إزالة الكربون، ولكن لم يتم تحقيق الكثير في الواقع،" يقول تيبو ميشيل. علاوة على ذلك، تعتبر جاكرتا الفحم، وهو الوقود الأحفوري الأكثر تلويثا في العالم، بمثابة طاقة انتقالية، لأنه يجعل من الممكن إنتاج معادن انتقالية. لكن سيكون من الصعب للغاية على الأرخبيل أن يتخلى عن الفحم، لأن هذه الطاقة رخيصة الثمن وسهلة الاستخدام.