في ضربة مفاجئة للسوق، يستعد المستثمر الغامض المعروف بلقب «ثيو» لجني نحو 50 مليون دولار من أرباح رهاناته على الانتخابات الأميركية، بفضل تحليله غير التقليدي لبيانات التصويت.
هذه الخطوة أثارت اهتماماً كبيراً بشأن دور الأساليب المبتكرة في التنبؤ السياسي.
وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، حقق «ثيو» المُلقب بـ«حوت ترامب» هذا الربح من خلال رهاناته على فوز الرئيس السابق دونالد ترامب في سباق الرئاسة مجدداً، حتى في التصويت الشعبي، وهو احتمال قلما توقعه المحللون التقليديون.
واعتمد «ثيو» على منصة «بولي ماركت» المتخصصة في التنبؤات باستخدام العملات المشفرة، إذ وضع رهاناته عبر أربعة حسابات مجهولة.
وفي مراسلات مع «وول ستريت جورنال» قبل الانتخابات، أوضح «ثيو» إستراتيجيته، معبراً عن شكه بنتائج استطلاعات الرأي التقليدية، فقد اعتقد «ثيو» أن هذه الاستطلاعات منحازة لصالح نائبة الرئيس كامالا هاريس، وأنها تقلل من تقدير الدعم الحقيقي لترامب. لذلك، شمل رهانه أيضاً التصويت في الولايات المتأرجحة.
وفقاً لتحليل «ثيو»، هناك خلل في استطلاعات الانتخابات لعام 2024. فقد اعتبر أن هذه الاستطلاعات كانت تعكس بشكل خاطئ الدعم الحقيقي لترامب، مشيراً إلى أن العديد من مكاتب الاستطلاعات الأميركية تميل لصالح الديمقراطيين، خاصة تلك المرتبطة بالإعلام الرئيسي.
رفض «ثيو» بيانات استطلاعات الرأي التي اعتبر أنها تضخم دعم هاريس، واستثمر أكثر من 30 مليون دولار لدعم رؤيته. وبفضل خلفيته كمتداول سابق، اعتمد على نماذج رياضية لتحليل التحيزات في الاستطلاعات.
مع بدء نتائج الانتخابات، تابع «ثيو» الأحداث من فرنسا، إذ عبّر عن ثقته في رهاناته، خاصة بعد الأداء القوي لترامب في ولاية فلوريدا، الذي عزز من رهانه على فوزه في التصويت الشعبي.
ومع تقدم فرز الأصوات يوم الأربعاء، بدت أسواق المراهنات أكثر دعماً لاحتمالات فوز ترامب، فقد أظهرت تفوقه في ولايات مثل بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، التي استثمر فيها «ثيو» مبالغ كبيرة.
على مدار عدة مراسلات ومكالمة عبر «زووم»، انتقد «ثيو» استطلاعات الرأي الرئيسة في أميركا، مدعياً أن هذه الاستطلاعات غالباً ما تعكس انحيازاً لصالح الديمقراطيين، في حين يرى أن الاستطلاعات الفرنسية تعتمد معايير أكثر مصداقية.
واعتمد في تحليله على متوسطات الاستطلاعات من موقع (Real Clear Politics)، إذ أظهرت تقدماً لترامب في الولايات المتأرجحة بشكل يتناقض مع التوقعات التي قدمتها الاستطلاعات التقليدية.
وركز «ثيو» تحليله على ظاهرة أطلق عليها «تأثير الناخب المتردد لترامب»، الذي يشير إلى ميل مؤيدي ترامب لتجنب المشاركة في الاستطلاعات أو التردد في الكشف عن دعمهم له.
لمواجهة هذا التحدي، اقترح «ثيو» استخدام ما يُعرف باستطلاعات «توقعات الجيران»، التي تطرح على المستجيبين سؤالاً حول دعم جيرانهم لمرشحين معينين، بدلاً من سؤالهم عن آرائهم الشخصية، ما قد يكشف الدعم غير المعلن.
استشهد «ثيو» باستطلاعات أجريت في سبتمبر باستخدام (neighbor method)، فقد أظهرت نتائج هذه الاستطلاعات تراجعاً في دعم هاريس عندما سئل المشاركون عن المرشح الذي يعتقدون أن جيرانهم سيدعمونه. بالنسبة لـ«ثيو»، كانت هذه الاستطلاعات دليلاً قوياً على أن الاستطلاعات التقليدية كانت تقلل من حجم دعم ترامب، ما شجعه على الاستمرار في رهانه على فوز ترامب في التصويت الشعبي.
ومع اقتراب موعد الانتخابات، كانت احتمالات فوز ترامب، وفقاً لأسواق الرهانات على «بولي ماركت»، أقل من 40%، لكن «ثيو» بقي واثقاً من حساباته.
ورغم أنه لم يكشف نتائج هذه الاستطلاعات الخاصة، أكد أن منظمي الاستطلاعات الأميركية ينبغي أن يعتمدوا على هذه الطريقة مستقبلاً لتحسين دقة التنبؤات الانتخابية.
على الرغم من تحفظ «ثيو» عن الكشف عن المكتب الذي استعان به لإجراء استطلاعات «توقعات الجيران»، فإنه أكد أن النتائج كانت «مدهشة لصالح ترامب».
ومع أنه أصر على أن دوافعه كانت مالية بحتة دون أي انتماء سياسي، إلا أن نجاحه أثار نقاشاً حول فاعلية أساليب التحليل غير التقليدية، مثل استخدام «توقعات الجيران»، في تحسين دقة الاستطلاعات الانتخابية مستقبلاً.
وتُظهر قصة «ثيو» أن تحليلاً غير تقليدي لبيانات الانتخابات، مدعماً باستثمار مالي كبير، قد يُحدث فرقاً كبيراً في نتائج التنبؤ السياسي.