هذا التدوير وتلك الفرص والأرقام، التي ترصدها إحصائيات وبيانات رسمية، تعد وفق خبير اقتصادي عماني، تحدث إلى "إرم الاقتصادية"، ضمن "توجه واعد ومتنامٍ في السلطنة منذ 2011، تعززه خطط حكومية لدعم الاقتصاد الدائري (إعادة التدوير) في 20 نشاطا، تم تقييمها بنحو نصف مليار ريال".
واحتضنت العاصمة، مسقط، خلال نوفمبر الجاري، لأول مرة بالشرق الأوسط، مؤتمر الرابطة الدولية لإدارة النفايات، بمشاركة 55 بلدًا، وقد انتهى بتوصيات تدعو تحرك عالمي داعم لآليات الاقتصاد الدائري، ودعم الاستراتيجيات المبتكرة لإدارة المخلفات، وفق وكالة الأنباء العمانية.
وحصلت الشركة العُمانية القابضة لخدمات البيئة التي تعرف باسم "بيئة" (حكومية) على جائزة خلال المؤتمر الدولي، عن حملتها التوعوية في عام 2023، بعنوان "ضروري نحسّ (نستشعر)"، المعنية بالتوعية من الحد من المخلفات واعتماد ممارسات يومية للتخلّص السليم من النفايات.
ويقدر حجم استثمارات الاقتصاد الدائري في السلطنة بنحو 1.5 مليار دولار أميركي، وفق ما ذكره مُهاب الهنائي، نائب الرئيس للاستدامة والاقتصاد الدائري في "بيئة" في تصريحات صحفية، موضحا أن "إحصائيات شركة بيئة تشير إلى إنتاج 2.3 مليون طن من النفايات في السلطنة سنويا، أي ما يقارب من 8 آلاف طن يوميا، بعوائد حال إعادة تدويرها تصل إلى نصف مليار ريال سنويا"، وفق حديث مع إذاعة "وصال" العمانية في فبراير 2023.
وأضاف الهنائي أن "السلطنة مهتمة بالاقتصاد الدائري الذي يعظم الناتج المحلي ويوفر نحو ألفي وظيفة بخلاف إنشاء المصانع"، لافتا إلى أن "دولة الإمارات سباقة في تنفيذ الاقتصاد الدائري بمنطقتنا"، وأن السلطنة لديها خطط لإعادة تدوير 60% من النفايات الصلبة بحلول عام 2025م و80% بحلول عام 2030، وفق بيانات "بيئة".
وفق بيانات مماثلة، نقلتها صحيفة "عمان"، في 3 يوليو 2023، ارتفعت الإيرادات المحصلة من معالجة النفايات الصناعية في سلطنة عمان إلى 5.3 ملايين ريال، مقسمة بين نفايات الرعاية الصحية التي بلغت إيراداتها 2.7 مليون ريال، والنفايات الخطرة حوالي 2.6 مليون ريال.
وخصصت السلطنة لخطتها الخمسية (2021- 2025) لدعم قطاع النفايات، تمويلا بدأ بـ64 مليون ريال في 2021، ثم ارتفع إلى 55 مليون ريال في 2022، و45 مليون ريال في 2023، و40 مليون ريال في 2024، وأخيرا 35 مليون ريال في 2025.
وشهدت السلطنة في 2023، تحركات مكثفة لتعزيز قطاع إعادة تدوير النفايات واستثماراته، ففي 8 نوفمبر وقعت شركة "الخدمة لإعادة التدوير" العُمانية و"تدوير" السعودية اتفاقية عمل مشترك في مجال إعادة التدوير وإدارة المخلفات.
كما جرى في 28 أغسطس الماضي، افتتاح مصنع حديث لإعادة تدوير الإطارات، بمحافظة شمال الباطنة، بقيمة استثمارية تتجاوز 1.3 مليون ريال عُماني، وبقدرة إنتاجية على معالجة 6000 طن متري من الإطارات المهملة سنويًّا.
وعلى هامش الافتتاح، قال عبد الله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة إن "هناك اهتمامًا كبيرًا بالاقتصاد الدائري على المستوى الوطني بإصدار لائحة تُنظم تصدير النفايات وفرض رسوم على مختلف النفايات ليتم إعادة تدويرها محليًّا".
وأضاف أنه "بعد إصدار لائحة تنظيم النفايات في شهر أبريل 2021م وصل إجمالي عدد المصانع العاملة في مجال إعادة تدوير مختلف النفايات بسلطنة عُمان حتى الآن إلى 30 مصنعًا، بعض منها قيد الإنشاء، ومن المتوقع تدشينها بداية العام المقبل".
وفي 7 يونيو الماضي، وقّعت مدينة صور الصناعية، عقد استثمار مع شركة الفيروز للمشاريع المحلية، لإقامة مشروع إعادة تدوير الإطارات بحجم استثمار يصل إلى ٨٣ مليون ريال عماني للمرحلة الأولى، ومن المتوقع أن يوفر 212 فرصة عمل، منها 75% للعُمانيين.
الخبير الاقتصادي، أحمد كشوب، قال لـ"إرم الاقتصادية"، إن "سلطنة عمان تسعى بحلول 2050 إلى الوصول للحياد الكربوني الصفري، في ظل توجه عالمي لذلك".
وأوضح أن "السلطنة منذ 2011، تعقد فعاليات تركز على حماية صحة الإنسان وجودة البيئة، والحد من تغير المناخ، وحاليا مستمرة أيضا في دعم الاقتصاد الدائري؛ ولديها فرص استثمارات كبيرة في هذا القطاع".
وأضاف: "لدينا الشركة العمانية القابضة لخدمات البيئة التي وضعت ضمن استراتيجيتها أكثر من 20 نشاطا تقريبا يتعلق بالاقتصاد الدائري كفرص استثمارية وتم تقييم هذه الاستثمارات بأكثر من 528 مليون ريال عماني".
وتابع: "كذلك هيئة البيئة تعمل في دعم مجال إعادة تدوير النفايات وهناك فرص استثمارية واعدة بالسلطنة وأتوقع أن تنمو وسط الجهود الرسمية في هذا الاتجاه".
واستطرد كشوب: "لدينا أيضا مجموعة برامج وطنية مثل البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي، والبرنامج الوطني لتنمية الصادرات (نزدهر)".
وأكد أن "كل هذه البرامج والجهات تعمل على استقطاب استثمار أجنبي وتعزيز القطاع الخاص المحلي، في قطاعات الاقتصاد الدائري وتدوير النفايات".
وأشار كشوب إلى أنه "من ضمن هذه الفرص ما يتعلق بإعادة تدوير النفايات الإلكترونية وإنشاء محطة تحول النفايات لطاقة، وتدوير الزجاج والنفايات الخضراء ومخلفات الورق والكرتون ونحاس البطاريات وزيت المركبات وغيرها".
ولفت إلى أن ذلك يأتي ضمن أولويات عمان 2040 التي تركز على تنويع مصادر الاقتصاد وأن تكون السلطنة مركزا رائدا في الحلول المبتكرة في مثل هذه الجوانب".
وأضاف: "الحكومة تسعى لتعظيم الفرص الاستثمارية، وفق رؤية تسعى للوصول إلى صفر انبعاثات بحلول 2050"، مشيرا إلى أن دول الخليج أيضا لديها اهتمام كبير بإعادة التدوير وتعزيز الاقتصاد الدائري.