logo
اقتصاد

كيف تنظر شعوب العالم إلى تأثير نفوذ الصين داخل حدودها؟

كيف تنظر شعوب العالم إلى تأثير نفوذ الصين داخل حدودها؟
زوار داخل إحدى قاعات العرض في معرض إنجازات التعاون الصيني الأفريقي عالي الجودة في إطار "الحزام والطريق" الذي أقيم في مدينة تشانغشا بمقاطعة هونان الصينية، يوم 29 يونيو 2023المصدر: (أ ف ب)
تاريخ النشر:10 يوليو 2024, 12:14 م

يقول مركز الأبحاث الأميركي إن فهم موقف الشعوب من الصين مهم جداً لصنّاع السياسة.

في موازاة الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة ودول الغرب عموماً لتصوير الصين على أنها خطر اقتصادي على العالم، أجرى مركز الأبحاث الأميركي "بيو ريسيرش سنتر" (Pew Research Center) دراسة استقصائية خلصت إلى أن شعوب العديد من دول تعتبر أن الصين تتمتع بنفوذ اقتصادي كبير داخل حدودها.

الدراسة التي امتدت عبر 6 قارات، وشملت أكثر من 44 ألف مشارك في 35 دولة خلال الفترة من يناير إلى مايو 2024، أشارت إلى أن هذا التصور توسّع بشكل ملحوظ منذ آخر استطلاع أجراه مركز "بيو"، ومقره في العاصمة الأميركية واشنطن، خلال 2019، مع نسبة أعلى في معظم البلدان التي تعترف الآن بالدور الكبير الذي تلعبه الصين في تشكيل ظروفها الاقتصادية.

الدول الغربية التي أثار نمو الاقتصاد الصيني السريع خلال العقود الأخيرة قلقها بشأن التوازن الاقتصادي العالمي، تحاول التصدي لهذا الصعود بطرق مختلفة، سواء عبر اتهام الصين بممارسة سياسات تجارية غير عادلة، مثل: سرقة الملكية الفكرية، والدعم الحكومي الكبير للشركات الصينية، والذي يجعل المنافسة مع نظيراتها الأجنبية غير متكافئة، كما تقول، أو عبر توجيه الانتقادات لمبادرة "الحزام والطريق" التي تراهن عليها بكين في توسعاتها الاقتصادية على المستوى العالمي، إذ تعتبر دول الغرب أن هذه المبادرة هي محاولة للسيطرة على الأسواق والبنية التحتية في دول أخرى.

مواقف متباينة

لم تقتصر جهود التصدي للنفوذ الصيني المتنامي على ذلك فقط، بل امتدت إلى اتخاذ تلك الدول إجراءات تنفيذية من بينها فرض رسوم جمركية وقيود على الاستيراد والتصدير إلى الصين فيما بات يُعرف اليوم بـ"الحرب التجارية" التي تتأثر بها اليوم معظم دول العالم.

لكن، ورغم ذلك، لا يبدو أن هناك موقفاً موحداً بين شعوب العالم إزاء التوسع الصيني، وهذا على الأقل ما أظهرته دراسة مركز "بيو". فقد بيّنت الدراسة وجود انقسام واضح في التصورات بناءً على الوضع الاقتصادي للدول التي شملها الاستطلاع. ففي 17 دولة متوسطة الدخل، أعرب 47% من البالغين في المتوسط عن وجهة نظر إيجابية حول النفوذ الاقتصادي للصين، مقارنة بـ29% لديهم آراء سلبية. وعلى العكس من ذلك، فإن المشاعر سلبية في الغالب في 18 دولة مرتفعة الدخل، حيث يرى 57% من البالغين في المتوسط ​​أن التأثير الاقتصادي للصين سلبي، بينما أكد 28% أنه إيجابي.

تطور الديناميكيات الجيوسياسية

تُظهر الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بعضاً من أكثر التصورات سلبية، إذ يشير ما يقرب من ثلاثة أرباع البالغين المشاركين في الدراسة إلى التأثير الاقتصادي السلبي للصين على الاقتصاد الأميركي. وبالمثل، زادت المشاعر السلبية في دول مثل الأرجنتين والبرازيل واليابان وكوريا الجنوبية وتونس منذ عام 2019؛ ما يعكس الديناميكيات الجيوسياسية والاقتصادية المتطورة.

وبحثت دراسة مركز "بيو" أيضاً في مواقف محددة تجاه الشركات الصينية العاملة في الخارج، خصوصاً في 9 بلدان متوسطة الدخل في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا. ورغم اختلاف الآراء حول الممارسات البيئية ومعاملة العمال، يُنظر إلى هذه الشركات عموماً على أنها مفيدة للاقتصادات المحلية، حيث يشير ​​72% في هذه الدول التسع إلى أن الشركات الصينية لها تأثير إيجابي على اقتصادها المحلي.

أما عن حجم التأثير الذي يعتقد الناس أن الصين تتمتع به على اقتصاد بلادهم، فيرى الثلثان أو أكثر في جميع الدول الـ35 التي شملتها الدراسة أن الصين تؤثر في الظروف الاقتصادية المحلية في بلادهم، ويشمل ذلك نسبة تتراوح بين 13% و62%.

تباين المواقف بين الدول

في الولايات المتحدة وكندا، يتفق جميع البالغين تقريباً على أن الصين تتمتع بقدر من التأثير في الظروف الاقتصادية لبلادهم. وفي أوروبا، يقول تسعة من كل عشرة أو أكثر في معظم البلدان التي شملتها الدراسة إن الصين تؤثر في الظروف الاقتصادية هناك، بشكل خاص في فرنسا وألمانيا وإيطاليا.

أما تأثير الصين على الظروف الاقتصادية في دول آسيا والمحيط الهادئ العشر التي شملتها الدراسة فهو محسوس بشكل أقل توازناً. ففي اليابان وماليزيا وكوريا الجنوبية، يظهر تأثير الصين بشكل أكبر حيث يقول نصفهم تقريباً إن الصين تتمتع بقدر كبير من النفوذ، بينما يقول نحو 8 من كل 10 أو أكثر في تركيا إن الصين تؤثر على الظروف الاقتصادية لبلادهم.

كانت تونس هي الدولة العربية الوحيدة التي شملها استطلاع مركز "بيو"، وقد أشارت الدراسة إلى أن التونسيين هم الأكثر احتمالاً للقول بأن الصين ليس لها أي تأثير على الإطلاق على الظروف الاقتصادية (22%)، لكنهم أيضاً الأكثر احتمالاً للقول بأن لديها قدراً كبيراً من التأثير (41%).

أفريقيا وأميركا اللاتينية

من بين الذين شملهم الاستطلاع في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يرى الكينيون التأثير الأكبر للصين، إذ يقول نحو 9 من كل 10 كينيين إن الصين تؤثر على اقتصادهم المحلي، بما في ذلك 50% يقولون إن لديها قدراً كبيراً من النفوذ. وتقول نسبة مماثلة من النيجيريين إن الصين تؤثر على الظروف الاقتصادية لبلادهم، لكن نسبة أقل تقول إن هناك قدراً كبيراً من التأثير (41%).

ويقول 8 من كل 10 أو أكثر في كل دولة من دول أميركا اللاتينية الست التي شملها الاستطلاع إن الصين لديها قدر من التأثير على الظروف الاقتصادية لبلادهم، بينما يرى التشيليون التأثير الأكبر، حيث أفاد 60% منهم بوجود قدر كبير من التأثير.

عوامل تاريخية

تظهر الاختلافات الإقليمية في التصورات واضحة أيضاً، حيث أبلغت دول مثل اليابان وماليزيا وكوريا الجنوبية عن تأثير ملموس من الصين، والذي يتأثر غالباً بعوامل تاريخية وجيوسياسية. في المقابل، تُظهر أميركا اللاتينية وبعض الدول الأوروبية مشاعر متضاربة تجاه النفوذ الاقتصادي للصين؛ ما يعكس العلاقات الاقتصادية المتنوعة والتحالفات الجيوسياسية.

إلى ذلك، أكد مركز "بيو" أن فهم هذه التصورات العالمية للنفوذ الاقتصادي للصين أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى صناع السياسات والمحللين على حد سواء، مع استمرار الديناميكيات الاقتصادية العالمية في التطور وسط مناظر جيوسياسية متغيرة. 

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC