logo
اقتصاد

سوق العمل.. الحلقة المفقودة في معادلة التنمية المغربية

سوق العمل.. الحلقة المفقودة في معادلة التنمية المغربية
الدار البيضاء، المغرب، 20 أبريل 2023.المصدر: شاترستوك
تاريخ النشر:1 أبريل 2025, 01:22 م

يواجه المغرب معادلة معقدة بين تعزيز التنمية المستدامة وتجاوز العقبات التي تعيق سوق العمل، حيث تشهد البلاد تطورات اقتصادية إيجابية، لكنها تصطدم بصعوبات في توفير فرص شغل كافية لاستيعاب القوى العاملة المتنامية. ورغم الاستثمارات الكبرى في قطاعات استراتيجية، لا يزال خلق فرص العمل محدوداً، مما يفرض تساؤلات حول قدرة المغرب على تحقيق نمو شامل ومستدام.

مكاسب اقتصادية

خلال العقدين الماضيين، قطع المغرب أشواطاً كبيرة في تحقيق التنمية، مستفيداً من إصلاحات اقتصادية وهيكلية ضخمة. فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 52 مليار دولار عام 2000 إلى أكثر من 142 مليار دولار في 2023، وسجل الاقتصاد نمواً بنسبة 3.2% في 2024، مع توقعات بوصوله إلى 3.6% في 2025.

أخبار ذات صلة

المغرب يجمع تمويلاً بملياري يورو لدعم جهود الاستثمار قبل المونديال

المغرب يجمع تمويلاً بملياري يورو لدعم جهود الاستثمار قبل المونديال

شهد القطاع الصناعي تطوراً ملحوظاً، حيث أصبح المغرب أكبر منتج للسيارات في إفريقيا، بإنتاج 700 ألف مركبة سنوياً، في حين تدرّ هذه الصناعة أكثر من 14 مليار دولار من عائدات التصدير. كما حققت البلاد تقدماً في قطاع الطاقة المتجددة، حيث أصبحت «محطة نور ورزازات للطاقة الشمسية» واحدة من الأكبر عالمياً، ضمن استراتيجية تهدف إلى توليد 52% من الكهرباء من مصادر نظيفة بحلول 2030.

على المستوى الاجتماعي، أطلق المغرب برنامج تعميم التغطية الاجتماعية ليستفيد منه 22 مليون شخص بحلول 2025، إلى جانب برنامج التحويلات النقدية الذي يدعم 7 ملايين طفل و3 ملايين أسرة، مما يعكس توجهاً لتعزيز العدالة الاجتماعية.

سوق العمل

ورغم هذه الإنجازات، لا تزال تحديات سوق العمل تعرقل تحقيق تنمية شاملة. فخلال العقد الماضي، ارتفع عدد السكان في سن العمل بنسبة 11.4%، بينما لم يواكب سوق الشغل هذا النمو، إذ لم تتجاوز نسبة ارتفاع عدد العاملين 1.5% فقط. كما انخفض معدل المشاركة في سوق العمل بنحو 4.6% خلال السنوات العشر الأخيرة.

المشكلة لا تتوقف عند قلة الوظائف، بل تمتد إلى بنيتها. فالشركات الكبرى التي تهيمن على الاقتصاد لا تسهم بشكل كبير في خلق فرص العمل، في حين أن 54.2% من العاملين يوجدون في شركات صغيرة لا يتجاوز عدد موظفيها 10 أشخاص، بينما لا تمثل الشركات المتوسطة سوى 13.1% من التشغيل الإجمالي. هذا الخلل يضعف ديناميكية السوق، ويحد من إمكانيات التوظيف الرسمي.

كما يعاني المغرب من تفاوتات جغرافية في سوق العمل، حيث زاد عدد العاملين في المدن بنسبة 24% خلال العقد الأخير، بينما انخفض في المناطق القروية بنسبة 22%، مما يعكس استمرار الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية.

أخبار ذات صلة

المغرب.. التضخم السنوي يرتفع إلى 2.6% في فبراير

المغرب.. التضخم السنوي يرتفع إلى 2.6% في فبراير

النمو والتوظيف

لتحقيق التوازن بين التنمية والتوظيف، يواجه المغرب تحدي تعزيز قدرة القطاع الخاص على خلق فرص عمل، خاصة في القطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا والصناعات التحويلية. كما يتطلب تحسين بيئة الأعمال وتقليل تكاليف التوظيف، فضلًا عن تعزيز الرقمنة ودعم المقاولات الناشئة التي تملك إمكانيات كبيرة للنمو.

وعلى الرغم من الصعوبات، تبقى المؤشرات الاقتصادية مشجعة، إذ من المتوقع أن ينمو القطاع الزراعي بنسبة 4.5% في 2025، مع تحسن في الإنتاج بعد تأثيرات الجفاف. كما أن استقرار التضخم عند أقل من 1% يمنح الحكومة هامشًا لمواصلة الإصلاحات الهيكلية الضرورية.

في النهاية، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق تنمية لا تقتصر على الأرقام والنمو الاقتصادي، بل تمتد إلى خلق وظائف مستدامة تسهم في رفع جودة الحياة وتحقيق توازن اقتصادي واجتماعي حقيقي. ومع استمرار الإصلاحات، يبقى السؤال مطروحاً: هل يستطيع المغرب سد الفجوة بين التقدم الاقتصادي واحتياجات سوق العمل؟

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
تحميل تطبيق الهاتف
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC