logo
اقتصاد

العجز والعقوبات معضلة أمام هيمنة الدولار الأميركي عالمياً

العجز والعقوبات معضلة أمام هيمنة الدولار الأميركي عالمياً
تاريخ النشر:19 سبتمبر 2023, 12:16 م
سيد العملات وهو لقب يطلق على الدولار الأميركي، الذي لا شك أنه لا يزال لا يتمتع بمكانة عالمية لا مثيل لها، على الرغم من محاولات عدد من التكتلات والتحالفات لإنهاء عصر الدولرة بإصدار عملة موحدة ضمن تحالف معين، أو عقد اتفاقيات تبادل تجاري بالعملات المحلية.

وعلى الرغم من المكانة المهمة التي يتمتع بها الدولار الأميركي، إلا أن العجز المتزايد في الميزانية الفيدرالية، إلى جانب العقوبات الأميركية على الشركات والبنوك في روسيا ودول أخرى، تدفع الحكومات للبحث عن بدائل.

ولكن ما إذا كانت تلك الجهود ستكلل بالنجاح أم لا يزال الأمر قيد الرصد والمراقبة، إلا أنه ومن الناحية التاريخية، تمت إدارة الدولار الأميركي بشكل جيد، فإن قيمة الدولار مقابل العملات الأخرى لطالما ارتفعت خلال فترات الأزمات الاقتصادية العالمية، أو فترات الركود، بيما تنخفض خلال فترات النمو الاقتصادي.

وبناءً على ذلك، فإن الشركات على يقين بأنه يمكنها بيع السندات المقومة بالدولار بشروط مواتية، عندما يحتاجون إلى النقد في عملات أخرى، في حين تبلغ حصة الولايات المتحدة في التجارة العالمية فقط 10 %، إلا أن الدولار الأميركي هو عملة السداد لنحو نصف عمليات التجارة العالمية.

كما يسيطر الدولار الأميركي على نحو 90% من صفقات صرف العملات الأجنبية، وتبرم الشركات العالمية عقوداً عابرة للحدود محددة قيمتها بالدولار للحماية من تقلبات العملة المحلية، وتحتفظ بحسابات جارية بالدولار بمبالغ كبيرة.

ويعتبر الاحتفاظ بالسيولة في حسابات بنكية لا تدر فائدة أمر مكلف، ولذلك تحتفظ الشركات والمستثمرون غير الأميركيين بسندات الخزانة الأميركية.

وفي الوقت نفسه، تحتفظ البنوك المركزية العالمية باحتياطي من الدولار والين والجنيه الإسترليني واليورو واليوان، إلى جانب السندات الحكومية المقومة بهذه العملات لدعم عملاتها.

الصين تتطلع إلى الاستفادة من الوضع

يمثل الدولار الأميركي 55% من احتياطيات البنوك المركزية، وعلى الرغم من حجم التصديرات الكبير، الذي تستحوذ عليه الصين في الأسواق العالمية، إلا أن حصة اليوان الصيني في الاحتياطيات تقل عن عشر تلك النسبة.

وعلى الرغم من الصعوبات المالية التي تواجهها الصين في الفترة الحالية، إلا أن الرئيس الصيني شي جين بينغ، يقوم بتوسيع جهود الصين الدبلوماسية لتطبيع العلاقات التجارية مع العديد من الدول.

ومن الواضح أن طموحات الصين تشمل استبدال الدولار في اليون في التجارة والتمويل الدوليين، ولكن النظام القانوني والمالي الأميركي يتمتع بخصائص تسمح للدولار بالتفوق حالياً.

وإحدى المزايا الرئيسية هي أن الدولار الأميركي يمكن تحويله بحرية إلى العملات الأخرى، بينما يعتبر اليوان مناسباً للمعاملات التجارية، إلا أنه فيما يتعلق بتدفقات رأس المال فهو يخضع لقواعد تنظيمية صارمة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن سوق الصرف الأجنبي للدولار والعملات الغربية الأخرى مدعوم من قبل نظام سويف سويفت - وهو اتحاد من البنوك الكبرى، ومقر معظمها في الولايات المتحدة وحلفائها الموثوقين، في حلف شمال الأطلسي والمحيط الهادئ، ويتيح النظام إجراء عمليات تداول سلسة للعملات.

عواقب

تسببت العقوبات الأميركية في زعزعة استقرار حكومات الاقتصادات النامية والناشئة، على سبيل المثال كان من غير السار بالنسبة للبنوك بالتعارض مع وزارة الخارجية الأميركية، فعندما أفصح بنك BNP Paribus عن قيامه بمعاملات نفطية بقيمة 9 مليارات دولار مع دول فرض عليها عقوبات أميركا، تم تغريم المجموعة بمبلغ مماثل، وتم منعها من ممارسة الأعمال في مجال النفط والغاز وإجراء معاملات مقاصة بالدولار لمدة عام، وهو أمر صعب للغاية بالنسبة لبنك متعدد الجنسيات.

في حين أن الأسواق النامية على يقين تام أنه معرضة لتلك الغرامات، في حال انتهكت إحدى شركاتها قيود التجارة التي تفرضها الولايات المتحدة أو حلفاؤها على روسيا أو أي بلد آخر.

ونتيجة لذلك، وافقت البرازيل في قبول اليوان مقابل الصادرات إلى الصين، بينما تدرس المملكة العربية السعودية الأمر، ولكن الحقيقة هي أن عمليات شراء الروبوتات اليابانية والسيارات الألمانية لا تتم إلا بالدولار.

وبالمثل تقوم مجموعة الدول النامية بريكس، بتوسيع نطاقها ودرس نظام عملة بديل، وبما أن الصين جزء من تلك التكتل، يتعين عليها لإنجاح الأمر إنشاء نظام مراسلة للصرف الأجنبي أشبه بنظام سويفت.

معضلة العجز الأميركي

وفي الوقت نفسه كل تلك الأمور التي تعزز مركزية الدولار الأميركي من الممكن أن تتغير في حال خرج العجز في الولايات المتحدة عن السيطرة، واضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى طباعة أموال أكثر، بما يتناسب مع السيطرة على التضخم، وفي هذه الحالة لن تعد الأوراق المالية المقومة بالدولار بمثابة أصل آمن للشركات والمستثمرين العالميين.

ولكن يتعين على الصين أن تقدم بديلاً من خلال جعل عملتها وديونها الوطنية قابلة للتحويل بالكامل وفي متناول المستثمرين الأجانب، ويتعين على الصين أيضاً أن تعمل على خلق الثقة بقدرة نظامها القانوني على حماية حقوق ملكية حاملي السندات والمستثمرين الأجانب، وخاصة خلال فترات الضائقة الاقتصادية عندما يكون من المرجح أن يحتاجوا إلى النقد.

ولكي تتمكن الصين من جعل اليوان بديلاً قابلاً للتطبيق للدولار، فيتعين عليها أن تعمل على خلق سبل الحماية القانونية، وتبني الإصلاحات التي من شأنها أن تجعل الصين أشبه بالمجتمع الرأسمالي الغربي.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC