في ظل التقلبات التي تسود أسواق المال العالمية، تبرز أهمية مؤشر «ماكد» (MACD) الذي يعتبر أحد مؤشرات التحليل الفني التي يهتم بها المستثمرون؛ لما يحظى به من تنوع وفعالية وقدرة على فهم المشهد الاستثماري واتجاهات السوق.
يعد «ماكد» (MACD) أحد أشهر المؤشرات الفنية استخداماً، وهو اختصار لـ«Moving Average Convergence Divergence» التي تعني تقارب وتباعد المتوسط المتحرك.
هو مؤشر فني نشأ في السبعينيات على يد جيرالد أبيل، ويقيس الفارق بين متوسطين متحركين أسيين لأسعار الإغلاق حيث يستخدمهما لتوليد إشارات البيع والشراء.
كما يعد وسيلة لتحديد التغيرات في قوة واتجاه ومدة الاتجاهات في الأسواق المالية على مر العقود، والذي تطور ليصبح أداة أساسية للمتداولين عبر جميع فئات الأصول، من الأسهم والعملات إلى السلع والعملات الرقمية.
وتعود شعبية «ماكد» إلى بساطته وتعدد استخداماته وفعاليته في رصد الجوانب الرئيسة لديناميكيات السوق.
يتكون المؤشر «ماكد» من 3 مكونات رئيسة، والتي تتمثل في خط «ماكد»، وخط الإشارة، والرسم البياني.
يلعب كل عنصر دورا في تفسير سلوك السوق وتوليد إشارات التداول، عبر تحليل العلاقة بين هذه المكونات ومراقبة تفاعلاتها مع مرور الوقت، حيث يمكن للمتداولين الحصول على رؤى قيمة حول القوة الأساسية واتجاه تحركات الأسعار.
ويُنْشَأ خط «ماكد» الرئيس (المتوسط المتحرك الأسي لفترة زمنية قصيرة)، عن طريق طرح المتوسط المتحرك الأقصر (12 يوماً) من المتوسط المتحرك الأطول (26 يوماً) عادة ما يكون باللون الأزرق.
كما يساعد خط «ماكد» في تحديد الزخم الصعودي أو الهبوطي، أي اتجاه السوق.
أما بالنسبة للمكون الثاني لمؤشر «ماكد» (المتوسط المتحرك الأسي لفترة زمنية طويلة)، فيعرف باسم خط الإشارة وهو المتحرك المتوسط الأسي (EMA) لـ«ماكد» نفسه.
وينشئ «ماكد» إشارة شراء عندما يتحرك فوق المتوسط المتحرك الأسي ذي فترة تسعة أيام عادة ما يكون باللون الأحمر، ويرسل إشارة بيع عندما يتحرك ما دون المتوسط المتحرك الأسي الذي مدته تسعة أيام.
أما الرسم البياني فهو تمثيل بالرسومات للبعد والقرب بين خط «ماكد» وخط الإشارة، أي المسافة بين الاثنين، حيث يتأرجح فوق وتحت خط الصفر، ما يسمح بتمييز قراءات الزخم الصعودي والهبوطي.
عندما يكون مؤشر «ماكد» فوق خط الإشارة، يكون الرسم البياني إيجابيا، ويكون سلبيا عندما يكون «ماكد» تحت خط الإشارة.
فإذا ارتفعت الأسعار، فإن الرسم البياني ينمو بشكل أكبر مع تسارع سرعة حركة السعر، ويتقلص مع تباطؤ حركة السعر، والمبدأ نفسه يعمل في الاتجاه المعاكس إذا انخفضت الأسعار.
فيما يستخدم المتداولون الرسم البياني لـ«ماكد» لقياس الزخم؛ لأنه يستجيب لسرعة حركة السعر.
تعتبر قدرت «ماكد» على التكيف مع ظروف السوق والأطر الزمنية المختلفة، أبرز نقاط قوته سواء كنت تتداول على التقلبات اللحظية قصيرة المدى أو الاتجاهات طويلة المدى، ويمكن تخصيص مؤشر ماكد ليناسب أنماط وتفضيلات التداول المختلفة.
لمؤشر «ماكد» إيجابيات عدة تتمثل في أنه يمكن استخدامه كمؤشر للاتجاه أو الزخم، كما يساعد على اكتشاف إشارات البيع والشراء المحتملة من خلال تقاطع وانحراف الماكد، كما يعد أداة مستقلة، أو يمكن دمجها مع المؤشرات الفنية الأخرى.
فيما يخص سلبيات المؤشر، فتتمثل في أنه يمكن أن يشير انحراف «ماكد» إلى انعكاسات محتملة لا تحدث أبدا، أي أنه ينتج نتيجة إيجابية كاذبة.
كما أن عدم تنبؤه بالانحراف يعتبر من أبرز سلبيات المؤشر بما يكفي من انعكاسات الأسعار الحقيقية، كما أنه لا يمكن أن يشير بشكل كامل إلى ما إذا كان الأصل في منطقة ذروة الشراء أو ذروة البيع.
فيما يخص استخدامات المؤشر، فعند تقاطع خط «الماكد» مع خط الإشارة يمكن الاستفادة من المؤشر بتقاطع خط «ماكد» (MACD) مع خط الإشارة، فإذا كان التقاطع للأعلى، فتعتبر إشارة شراء، وإذا كان التقاطع للأسفل، فهذه تعتبر إشارة بيع.
كما يجب الأخذ في الاعتبار أن إشارات البيع والشراء الناتجة عن تقاطع خطي (MACD) والإشارات ليس لها علاقة بالاتجاه؛ ما يجعل بعضها خاطئاً، لذلك لابد من استخدام الاتجاه كفلتر للإشارات.
ففي الاتجاه الصاعد نتبع إشارات الشراء، ونتجاهل إشارات البيع، وفي الاتجاه الهابط نتبع إشارات البيع، ونتجاهل إشارات الشراء.
ويفضل أن تتكون إشارة الشراء أدنى خط الصفر للمؤشر، والعكس، يفضل أن تتكون إشارة البيع أعلى خط الصفر.
أما في حال تقاطع خط «ماكد» لنقطة الصفر، فإن تجاوز خط «ماكد» خط الصفر للأعلى يشير إلى سيطرة المشترين على السوق وتفوقهم على البائعين فتكون هذه إشارة بالشراء، والعكس عند تجاوز «ماكد» خط الصفر للأسفل يشير ذلك إلى بداية سيطرة البائعين وتفوقهم على المشترين، فتكون هذه إشارة بالبيع.
تعد تقاطعات خط الإشارة أكثر إشارات «ماكد» شيوعاً، حيث يمثل 9 أيام من المتوسط المتحرك الأسي لخط «ماكد»، كمتوسط متحرك للمؤشر، فإنه يتتبع خط «ماكد»، ويجعل من السهل تحديد تحولات مؤشره.
ويحدث التقاطع الصعودي عندما يتحول خط «ماكد» إلى الأعلى، ويتجاوز خط الإشارة.
فيما يحدث التقاطع الهبوطي عندما ينخفض مؤشر «ماكد» ويعبر أسفل خط الإشارة، ويمكن أن تستمر عمليات الانتقال بضعة أيام أو بضعة أسابيع، اعتماداً على قوة الحركة.
هنا يجب أن تتم العناية الواجبة قبل الاعتماد على هذه الإشارات المشتركة، حيث يجب أن يُنظر إلى تقاطعات خط الإشارة عند أقصى درجات الإيجابية أو السلبية بحذر.
على الرغم من أن مؤشر «ماكد» لا يحتوي على حدود علوية وسفلية، يمكن لخبراء الرسوم البيانية تقدير البيانات التاريخية من خلال تقييم مرئي بسيط.
ويتطلب الأمر تحركاً قوياً في الأصل المالي لدفع الزخم إلى أقصى الحدود.