وفي ظل المخاوف الأوروبية من التراجع الاقتصادي في ظل التنافس بين أقوى اقتصادين في العالم، أي الولايات المتحدة والصين، فتحت بروكسل خلال الأشهر الماضية سلسلة تحقيقات بشأن حزم الدعم التي تقدمها الحكومة الصينية لبعض القطاعات الصناعية خصوصا السيارات الكهربائية.
وبدأت المفوضية الأوروبية تحقيقاً في أكتوبرالماضي بشأن ما إذا كانت السيارات الكهربائية المصنعة في الصين تحصل على إعانات حكومية إضافية، وتقيد المنافسة في الكتلة المكونة من 27 دولة.
لا توجد صفقة خضراء في أوروبا دون موارد من الصينأوليفر زيبسي
وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في برلين خلال مؤتمر صحفي، أن أوروبا بحاجة إلى اتخاذ خطوات لمنع الصين من إغراق سوق الكتلة بالسيارات الكهربائية.
كما حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفون دير لاين الرئيس الصيني شي جينبينغ يوم الاثنين الماضي على ضمان ذلك.
حذر كبار المسؤولين التنفيذيين في شركات صناعة السيارات الألمانية، من رسوم الاستيراد التي قد يفرضها الاتحاد الأوروبي، معللين بأن ذلك قد يضر بخطة الكتلة للتحول الأخضر ويؤثر بالسلب على الشركات التي تستورد السيارات المصنوعة في الصين.
أوضح الرئيس التنفيذي لشركة "بي إم دبليو" أوليفر زيبسي، للصحفيين أن "فرض الرسوم الجمركية من شأنه أن ينقض الخطة الصناعية للاتحاد الأوروبي التي تتمثل في خفض انبعاثات الكربون وتطوير التكنولوجيا اللازمة للقيام بذلك.
وأضاف: "لا توجد صفقة خضراء في أوروبا دون موارد من الصين".
وتستورد "بي إم دبليو" سيارات Mini EV الصينية الصنع وiX3 الصينية في أوروبا.
وتعد الصين ثاني أكبر سوق للشركة بعد أوروبا، حيث استحوذت على ما يقرب من 32% من المبيعات في الربع الأول.
هناك نوع من الانتقام من سيارات الصينتوماس شيفر
كما أكد الرئيس التنفيذي لعلامة فولكس فاغن التجارية، توماس شيفر، لقمة مستقبل السيارات التي تعقدها صحيفة فايننشال تايمز، أن "هناك نوعا من الانتقام من سيارات الصين".
ومن المقرر أن ينتهي التحقيق بحلول نوفمبر، لكن الاتحاد الأوروبي قد يفرض رسوما مؤقتة في يوليو. ويتعين على بروكسل أن تنشر ملخصا للرسوم المؤقتة المقترحة بحلول الخامس من يونيو.
وبدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ الأحد الماضي جولة تشمل ثلاث دول في أوروبا وسط انقسام في القارة بشأن كيفية التعامل مع قوة الصين المتنامية والتنافس بين واشنطن وبكين.
وفي زيارته الأولى إلى أوروبا منذ العام 2019، اختار شي اعتماد التوازن الدبلوماسي في محطاته: فبعد زيارة الدولة إلى فرنسا التي تدعوه منذ زهاء عام إلى "حمل روسيا على تحكيم العقل" بشأن الحرب في أوكرانيا، يتوجه الرئيس الصيني إلى صربيا والمجر القريبتين من موسكو.
ويخشى الأوروبيون والأميركيون من أن هذا الدعم الحكومي يقوّض المنافسة وقد يلحق ضررا بالاقتصاد العالمي.
أوروبا بحاجة إلى اتخاذ خطوات لمنع الصين من إغراق سوق الكتلة بالسيارات الكهربائيةأورسولا فون دير لاين
وتخسر شركات صناعة السيارات الأوروبية قوتها أمام السيارات الكهربائية الصينية المدعومة. ويشعر الدبلوماسيون بالقلق من وجود جواسيس صينيين مزعومين في العواصم الأوروبية.
ويثير استمرار التجارة الدفاعية بين الصين وروسيا قلق أي شخص في أوروبا يدعم أوكرانيا التي مزقتها الحرب ويخشى ألا يتوقف الجيش الروسي عند هذا الحد.
وتربط بين أوروبا والصين علاقات اقتصادية قوية، حيث تقدر التجارة بين الاتحاد الأوروبي والصين بنحو 2.3 مليار يورو يوميا، ويبدو شي عازما على إعادة بناء وتعميق العلاقات مع الزعماء الأوروبيين بعد غياب طويل بسبب جائحة كوفيد-19.
وتدعم فرنسا تحقيقا يجريه الاتحاد الأوروبي بشأن صادرات السيارات الكهربائية الصينية، في حين تتهم بكين أوروبا بـ"الحمائية" وتعتزم جعل موقفها واضحا في باريس.
وفي المقابل فتحت الصين في يناير تحقيقا بشأن الدعم الحكومي لبعض المنتجات مثل مشروب الكونياك الفرنسي، وهو ما يتوقع أن يثير ماكرون تحفظات بشأنه.
وقال مسؤولون إن فرنسا ستسعى أيضا إلى إحراز تقدم بشأن فتح الأسواق الصينية أمام صادراتها الزراعية وحل القضايا المتعلقة بمخاوف صناعة مستحضرات التجميل الفرنسية بشأن حقوق الملكية الفكرية.