يبدو أن مستقبل قطاع التمويل يعتمد بشكل متزايد على الابتكار والمنافسة، ففي السنوات الأخيرة، شهدنا صعوداً ملحوظاً لشركات التكنولوجيا المالية (Fintech) وتطوراً لأدوات الذكاء الاصطناعي، مما ساهم في تحسين أنظمة الدفع الرقمية.
ومع دخول المزيد من الشركات إلى هذا المجال، سيبرز دور الشركات القادرة على التكيف والابتكار في بيئة تنافسية تزداد شراستها، حيث يتطلب الأمر من الجميع الامتثال لمبدأ «البقاء للأقوى».
من المتوقع أن يتجه القطاع المالي، بحلول عام 2025، نحو اعتماد تقنيات متقدمة مثل الحوسبة السحابية والبلوك تشين. هذه التقنيات تهدف إلى خفض التكاليف وتحسين الإنتاجية واستكشاف فرص جديدة. كما أن القبول المتزايد للعملات الرقمية في الأسواق العالمية قد يُمهد الطريق لتطوير تقنيات أكثر تطوراً، مما سيحدث نقلة نوعية في القطاع.
تتغير تفضيلات المستهلكين بسرعة مذهلة، مما يجعل من الصعب التنبؤ بمسارها بدقة. تلعب التطورات التكنولوجية وتغير أنماط الحياة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي دوراً حاسماً في تشكيل هذه التفضيلات. التحدي الحقيقي يكمن في كيفية مواكبة هذه الديناميكية المتسارعة.
من المتوقع أن تشكل الأتمتة والذكاء الاصطناعي أبرز المحركات لتطوير قطاع التمويل. ستساهم هذه التقنيات في تحسين كفاءة التقارير وتقليل التكاليف، بالإضافة إلى استخدامها في اتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة المخاطر وتحسين المحافظ الاستثمارية. كما ستعزز البيانات الضخمة والتحليلات التنبؤية الأداء العام للقطاع المالي.
تعمل الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، مثل البنوك الرقمية، على تقديم خدمات مخصصة تعتمد على تقنيات متقدمة. هذا يمثل تحدياً للمؤسسات المالية التقليدية، التي ستضطر للتكيف أو المخاطرة بفقدان حصتها السوقية. وفي الوقت نفسه، نشهد تعاوناً بين بعض شركات التكنولوجيا المالية والمؤسسات التقليدية لإيجاد شراكات استراتيجية تعزز الطرفين.
تعتبر المملكة المتحدة بيئة خصبة لنمو التكنولوجيا المالية، حيث تتوسع مجالات مثل أنظمة الدفع الرقمي والخدمات الاستشارية الآلية والتمويل المدمج. كما يشهد سوق البنوك الرقمية ومنصات الإقراض توسعاً ملحوظاً مع تزايد اهتمام المستهلكين بالمنتجات المالية المخصصة.
تشهد البيئة التنظيمية في المملكة المتحدة تحولات كبيرة. حيث يلزم قانون «واجب المستهلك» الذي دخل حيز التنفيذ في 2023 الشركات بالتركيز على التسعير العادل وملاءمة المنتجات للعملاء. بحلول عام 2025، ستضطر الشركات إلى تعزيز مرونتها التشغيلية، خصوصاً فيما يتعلق بالأمن السيبراني وإدارة المخاطر المرتبطة بالأطراف الثالثة.
تكتسب الاستدامة أهمية متزايدة في ظل تصاعد الضغوط التنظيمية. حيث تركز المملكة المتحدة على الإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ ونمو المنتجات الخضراء مثل الصناديق المستدامة والسندات الخضراء. الشركات التي تتبنى هذه التوجهات قد تحقق ميزة تنافسية ملحوظة، خاصة في جذب المستثمرين ذوي الوعي البيئي والاجتماعي.
يبدو أن مستقبل التمويل سيشهد تحولاً جذرياً مدفوعاً بالتكنولوجيا والابتكار، مما يتطلب من جميع الفاعلين في هذا القطاع الاستعداد لمواجهة تحديات جديدة واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق النجاح والنمو المستدام.