logo
مقالات الرأي

على الأميركيين العمل مبكراً والتقاعد في عمر متأخر

على الأميركيين العمل مبكراً والتقاعد في عمر متأخر
تاريخ النشر:6 يونيو 2023, 03:05 م

أعلنت الصين في وقت سابق هذا العام، أنه للمرة الأولى منذ الستينيات، تجاوزت حالات الوفاة حالات الولادة وانخفض عدد السكان بمقدار 850,000 شخص في عام 2022 ليصل إجمالي السكان إلى 1.41 مليار نسمة.

واستعجل وباء كوفيد-19 وقوع هذا الحدث بضع سنوات. والأهم من ذلك أن إرث سياسة الطفل الواحد، التي تم التخلي عنها الآن في الصين، والتكلفة المرتفعة لتربية وتعليم الأطفال في مجتمع حضري متطور تكنولوجياً لا تشجع على الولادات، بالمعدل الذي يكفي للحفاظ على استدامة السكان.

فمن اليوم وصاعداً، ستعاني الصين من نقص في عدد العمال، إضافة لتحديات مالية لدعم عدد أكبر من كبار السن، وارتفاع تكاليف رأس المال نظرًا لتحويل الموارد. لكن التصريحات حول التدهور الاقتصادي للصين والخروج من سباق التفوق العالمي مبالغ فيها بشكل رهيب.

لقد تقدمت الصين على مدار السنوات العديدة الماضية على سلم التكنولوجيا، حيث تتمتع بقوة في مجال الطاقة الخضراء وصناعة رقائق الكمبيوتر، والآن لديها صناعة سيارات كهربائية عالمية المستوى. وتعني مثل هذه الأنشطة ذات القيمة الأعلى أن اقتصاد الصين لا يزال قادراً على النمو بعدد أقل من العمال.

الساعة الديموغرافية تدق أيضاً بالنسبة للغرب، فمعدلات المواليد منخفضة للغاية، بحيث لا تكفي لإعالة السكان، والعمال المهرة نادرون، وأعباء دعم السكان المسنين سوف تنمو وحسب. وستواجه حكومات الدول الغربية تحديات إضافية في تمويل الاستثمارات للحد من تغير المناخ، والبنية التحتية، والاستثمارات في البحث والتطوير، والدفاع، دون فرض مستويات معيشة متناقصة على السكان في سن العمل عن طريق الضرائب أو التضخم.

ولم تنجح التدابير السياسية التقليدية بدءاً من الإعانات المالية لدعم إنجاب المزيد من الأطفال وصولاً إلى تمويل حكومي للرعاية النهارية للأطفال، بالتزامن مع التوجيهات الصناعية. وفي الوقت نفسه، تعاني صناعة السياسات العامة من النبوءات المروعة والتوصيات قصيرة النظر، لأن محللي السياسات في كثير من الأحيان يرون العالم بعد 25 أو 50 عاماً من الآن وفقاً للقيود والتكنولوجيا والترتيبات الاجتماعية التي نمتلكها اليوم.

وحتى أوائل القرن التاسع عشر، كان النمو الاقتصادي بطيئاً ومحدودا إلى حد كبير بالنمو السكاني.

فقط مع عصر الاختراعات والثورة الصناعية والتطور واسع النطاق للأسواق المالية الحديثة التي تتيح انتقال رأس المال إلى استخداماته الأكثر إنتاجية، شهدنا النمو الاقتصادي للفرد الواحد. وقد أدى ذلك إلى ظهور طبقة متوسطة كبيرة وممكّنة، أولاً في الغرب والآن بشكل متزايد في أماكن أخرى.

كيف ننظر إلى تغير الشيخوخة؟، يبلغ عدد الموظفين العالميين الآن 8 مليارات، وسيصل إلى ذروته فوق 10 مليارات في أواخر هذا القرن. لدعم نصف البشرية الذين يعيشون في فقر بالسلع والطاقة اللازمة، وللحيلولة دون حدوث فيضانات في المدن الساحلية والأحوال الجوية القاسية، وللحفاظ على مستويات المعيشة في الاقتصادات المتقدمة، يظهر أمران واضحان، أولاً، يجب على الناس أن يعملوا لفترة أطول، وثانياً، سيكون وجود سكان أقل يستهلكون موارد أقل "تطورا مُرحبا به".

ويتراوح سن التقاعد في الصين والولايات المتحدة وأوروبا، بين 60 و67 عاماً. وكلما حاول زعيم رفع السن، كما حاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخراً، فإن كل الجحيم ينفجر في وجهه. يقول التقدميون إن العمل لفترة أطول قد يكون مقبولًا لـ "طبقة قطار أسيلا" في نيويورك وواشنطن - وهم الذين يقومون بالصفقات التجارية والكتابة على الحواسيب - ولكن لا يمكن أن يقف عمال التنظيف على ركبهم حتى سنّ السبعينات.

لقد واجه اليابانيون بالفعل مشاكل شيخوخة السكان وتراجع القوى العاملة. ولكن حافظت اليابان على دخل الفرد من خلال قبول المهاجرين من الدول الفقيرة، والعمل بذكاء عبر إعادة تصميم المهام البدنية، بحيث يمكن للعمال الأكبر سناً القيام بها - واستعراض فطنتهم المتفوقة بالروبوتات.

بالنسبة للحصة المتزايدة من العمال أمام شاشات الكمبيوتر، فإن شكلًا من أشكال التدهور العقلي ومشاكل التركيز والذاكرة، وسرعة المعالجة هو التحدي الذي يواجه العمل لفترة أطول.

في المجتمعات الحديثة القائمة على العمل الفكري بدلاً من العمل البدني، تكلف تربية وتعليم الأطفال الكثير، لذا أصبحت عوائل زواج الطفل الواحد أكثر انتشارًا في الغرب. والمدارس والجامعات تستغرق وقتًا طويلاً وتستهلك الكثير من الموارد لتعليم الشباب. نحن بحاجة إلى تقديم التدريب المهني والتدريب الحرفي المبكر في المدارس.

على سبيل المثال، في المملكة المتحدة يبدأ التدريب القانوني والطبي في وقتٍ مبكر، بالمقارنة مع الولايات المتحدة. أما بالنسبة للمهن الأقل طلباً، يمكن نقل التدريب والتدريب الداخلي إلى السنتين الأخيريين من المدرسة الثانوية.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC