برزت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كمركز عالمي للألعاب، حيث يوجد بها أكثر من 377 مليون لاعب، وتمّت الإشارة إلى الرياضات الإلكترونية باعتبارها أسرع الرياضات نمواً في المنطقة. ومن المتوقع أن ينمو سوق الألعاب الإلكترونية عالمياً من 281 مليار دولار أميركي، في العام 2023، إلى 665 مليار دولار بحلول عام 2030، ليستمر في الهيمنة على عالم الترفيه.
لقد أدى الارتفاع في عائدات الألعاب، مدفوعاً بارتفاع نسبة الفئة السكانية الشابة، والاختراق المرتفع للإنترنت، والاستثمار الكبير في التكنولوجيا، إلى تحويل القطاع إلى تجربة مجتمعية ونشاط تفاعلي. من الواقع الافتراضي إلى نمو معدّل الألعاب المحمولة والرياضات الإلكترونية - كلها تطوّرات تستشرف مستقبلاً واعداً لمشهد الألعاب في المنطقة. الآن، أصبحت منظومة الألعاب والرياضات الإلكترونية أحد أسرع القطاعات نمواً في صناعة الترفيه في جميع أنحاء العالم، حيث تتجاوز الإيرادات عائدات الأفلام والموسيقى مجتمعة.
ومع استمرار بروز إمكانات منطقة الخليج كمركز للألعاب، تلعب المبادرات الحكومية دوراً حاسماً في تشكيل القطاع لتصبح المنطقة رائدة عالمياً في مشهد الألعاب.
تضمّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 15% من سكان الألعاب على مستوى العالم، وتقترب المنطقة بسرعة من اللحاق ببقية العالم في مجال الرياضات الإلكترونية. يشكل الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً أكثر من نصف (55%) السكان في جميع أنحاء المنطقة، مما يشكّل أرضاً خصبة لازدهار القطاع.
تساهم المبادرات الحكومية، مثل رؤية السعودية 2030، التي تهدف إلى استحداث فرص عمل جديدة في مختلف القطاعات، وتوفير الترفيه على مستوى عالمي، بدفع نمو قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية. تخطط المملكة العربية السعودية لإطلاق أول منطقة للألعاب والرياضات الإلكترونية في العالم في مدينة القدية، واستضافة الألعاب الأولمبية للرياضات الإلكترونية في عام 2025، واستحداث 39,000 فرصة عمل من خلال الإستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية.
وعلى نحو مماثل، أطلقت دبي "برنامج الألعاب 2033" الهادف إلى استحداث 30,000 فرصة عمل جديدة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي بمقدار مليار دولار أميركي، ووضع الإمارة بين أفضل 10 مراكز عالمية في صناعة الألعاب الإلكترونية.
أصبحت ممارسة الألعاب بدوام كامل مهنة مربحة، تدرّ الملايين سنوياً على اللاعبين، كما تحرص العلامات التجارية الكبرى، مثل كوكاكولا وتويوتا، على التعاون مع اللاعبين ورعايتهم، وتمويل الفرق والأحداث والبطولات، مما يعود بالنفع على جميع الأطراف المعنية، من اللاعبين إلى منظمي الأحداث. وأدى انتشار البث المباشر للألعاب إلى تحويل التجربة إلى رياضة للمتفرجين، على غرار الرياضات التقليدية، حيث تقود منافسات نخبة اللاعبين البارزين نمو منصات البث المباشر، وتجذب استثمارات كبيرة للعلامات التجارية.
يقدم تطوير الألعاب مساراً مهنياً قوياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث تتكيف المؤسسات العامة والمؤسسات التعليمية مع متطلبات قطاع ألعاب الفيديو. ويُعد التدريب في علوم الكمبيوتر وتطوير البرمجيات ولغات البرمجة مثل “C++”، “C#”، بايثون وجافا أمراً ضرورياً لمطوري الألعاب الطموحين. ومع تطور التقنيات المبتكرة مثل الواقع الافتراضي، والذكاء الاصطناعي، تواصل المعارفة المطلوبة للنجاح في هذه المنظومة بالتوسع والنمو.
وتهدف الإستراتيجية الوطنية للألعاب في السعودية إلى تطوير 30 لعبة تنافسية جديدة، كما يعمل مركز الألعاب التابع لمركز دبي للسلع المتعددة في الإمارات على تشجيع مطوري الألعاب الدوليين والمحليين على إنشاء وإطلاق متاجرهم في الدولة. بالإضافة إلى ذلك، هناك فرص وفيرة للاعبين، والمذيعين، والمدربين، ومنظمي الفعاليات.
كما يقدّم القطاع أدواراً داعمة مختلفة، تشمل كلاً من الصحفيين، خبراء التغذية، علماء النفس، اختصاصيي العلاج الطبيعي، خبراء التسويق، مصممي الجرافيك والمحامين. هذه الأدوار المساعدة ضرورية لنجاح الأندية، وشركات ألعاب الفيديو، وتوفر الدعم اللازم لازدهار القطاع.
تضم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العديد من اللاعبين الذين أحدثوا تأثيراً كبيراً في هذا المجال. بشار كيال، المعروف أيضاً باسم "بشار كي كي"، من الأسماء الشهيرة في مشهد الألعاب الإلكترونية على قناة يوتيوب. وُلد بشار، البالغ من العمل 25 عاماً، في الإمارات العربية المتحدة، ولديه ملايين المشتركين. بدأ بشار، وهو مهندس مدني تحول إلى رياضي محترف في الرياضات الإلكترونية، في مشاركة مقاطع الفيديو على يوتيوب في العام 2009.
اليوم، يجني بشار ما بين 15,000 إلى 20,000 دولار أميركي في المتوسط من الإعلانات وصفقات الرعاية، مع 3,000 دولار من البث المباشر على قناة يوتيوب وحدها. كان لنجاح المواهب المحلية تأثير عميق على مجتمع الألعاب الإقليمي، حيث ألهم الجيل القادم من اللاعبين والمطورين، مما ساعد على الارتقاء بمستوى منطقة الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا، وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية للألعاب.
يبدو مستقبل صناعة الألعاب مشرقاً، وهو ما يؤكده الطلب المتزايد على اللاعبين المحترفين. وفي حين لا يزال اللاعبون على قناة يوتيوب في الإمارات في مراحلهم المبكرة، من المتوقع أن ينمو سوق الرياضات الإلكترونية في السعودية بنسبة 250%، على مدى السنوات الثماني المقبلة. توفر ممارسة المهنة في الألعاب العديد من الفوائد، بما في ذلك الإبداع، والابتكار، والمشاركة في الفرص العالمية.
يمكن للطلبة الاستعداد لهذه الفرص من خلال التعليم، والتواصل، والمشاركة في مجتمعات الألعاب محليّاً، كما تقدم العديد من المدارس والجامعات في المنطقة برامج تعليمية تعمل على تطوير المهارات في الألعاب والرياضات الإلكترونية والتكنولوجيا.
توفر المنافسات البارزة، مثل منافسة الرياضات الإلكترونية الجامعية التي تطلقها "مينا تك" والمدعومة من قبل نخبة من العلامات التجارية البارزة، مثل: “ExitLag” و “Riot Games”، والتي يشارك بها طلبة جامعات المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، والمغرب، فرصاً قيمة للطلبة لاكتشاف مزايا وفوائد ألعاب الفيديو، مع تمكين التواصل مع الأقران، ومعرفة المزيد عن فرص العمل في قطاع الألعاب الإلكترونية.
مدعوماً بالنمو السريع والدعم الحكومي القوي، يفتح قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فرصاً هائلة للطلبة والمحترفين، إذ تضع المنطقة نفسها كقائد عالمي في هذا المجال مع حث الطلبة على استكشاف مسارات العمل الناشئة هذه. تعزز هذه المنظومة المزدهرة من استحداث فرص عمل واعدة، وتدفع عجلة اقتصاد المنطقة، وترتقي بمشهدها الثقافي، مما يعد باستشراف مستقبل مزدهر للقطاع ككل.