شهد سوق العقارات في الإمارات ازدهاراً ملحوظاً في 2024، مع زيادة في الصفقات العقارية، وارتفاع في قيم العقارات، واستمرار اهتمام المستثمرين.
ومع بداية عام 2025، يتوقع أن يستمر القطاع في النمو، مدفوعاً بالمبادرات الحكومية الإستراتيجية، والسياحة القوية، وزيادة الثقة من المستثمرين العالميين.
تعد الإمارات العربية المتحدة نموذجاً عالمياً للتحول الاقتصادي السريع، حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي 546 مليار دولار في 2024، بزيادة تصل إلى 23 مرة عن مستواه قبل 50 عاماً، مما جعلها من بين أفضل 20 دولة في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد، وفقاً لصندوق النقد الدولي (IMF).
وفي حين كان النفط المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في البداية، فإن إستراتيجية التنوع المدروسة قد أعادت تشكيل مسار الاقتصاد بشكل كبير، لا سيما مع قطاع العقارات.
أصبح قطاع العقارات عنصراً أساسياً في الاقتصاد غير النفطي للإمارات، مستفيداً من المبادرات الحكومية مثل تأشيرات الإقامة الطويلة للمستثمرين ورجال الأعمال والمهنيين المهرة، إلى جانب البيئة الضريبية الجذابة، وفق تقرير صادر عن منصة (Construction week)
تتصدر دبي المشهد العقاري في البلاد، بفضل عقاراتها السكنية الفاخرة، والمراكز التجارية المرموقة، والوجهات التجارية الشهيرة، والمناطق الصناعية.
في المقابل، تشهد أبوظبي توسعاً ملحوظاً، حيث كانت تركز تقليدياً على المشاريع الحكومية، لكنها الآن تطور مشاريع سكنية فاخرة، وتعمل على زيادة المساحات الصناعية، لا سيما في «منطقة خليفة الصناعية» (KIZAD).
وتتمتع الشارقة بموقع مميز في سوق الإسكان الميسر، حيث تجذب المشترين الذين يبحثون عن قرب من دبي دون تحمل الأسعار المرتفعة. في الوقت ذاته، اكتسبت عجمان اهتماماً من الشركات الصغيرة والمتوسطة بفضل توفر المساحات السكنية والصناعية ذات التكلفة المعقولة.
وتركز رأس الخيمة على توفير أسلوب حياة يركز على الاستجمام والتوسع التجاري، مما يجعلها وجهة متنامية للسياحة والأعمال. وتبقى كل من الفجيرة وأم القيوين أسواقاً هادئة، إلا أنهما تشهدان نمواً معتدلاً مدفوعاً بالطلب المحلي والمشاريع السكنية والتجارية والصناعية الصغيرة.
تبقى دبي الرائدة بلا منازع في سوق العقارات الإماراتي، وهو اللقب الذي اكتسبته من خلال جهود التنويع المبكرة وسوق العقارات المفتوحة. وعلى عكس الإمارات الأخرى التي تمتلك احتياطيات كبيرة من النفط، ركزت دبي في نموذجها الاقتصادي على التجارة والسياحة والعقارات.
وأثمر هذا النهج المستقبلي في تحويل دبي إلى قوة عقارية عالمية، مع تحطيمها للأرقام القياسية في 2024. ففي الأشهر التسعة الأولى من 2024، شهد سوق العقارات السكنية في دبي أكثر من 98,000 معاملة عقارية، بقيمة تجاوزت 183 مليار درهم، (49.8 مليار دولار)، متفوقة على الرقم القياسي لعام 2023.
أما أبوظبي، عاصمة الإمارات، فقد حققت نمواً ملحوظاً في أسواق العقارات السكنية الفاخرة والمتوسطة. في عام 2023، تم تسجيل 12,800 عملية بيع سكنية، بزيادة 117% مقارنة بالعام السابق.
كما شهدت القيمة الإجمالية للمبيعات ارتفاعاً كبيراً بنسبة 184% لتصل إلى 42.6 مليار درهم، أي 11.6 مليار دولار. واستمرت هذه الديناميكية في 2024، حيث تم تنفيذ أكثر من 7,000 معاملة سكنية، مع وصول قيمة المبيعات إلى نحو 20 مليار درهم، أي 5.5 مليار دولار، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري.
تشهد الإمارات الأخرى نمواً سريعاً كوجهات جذب رئيسية، خاصة للمستثمرين الذين يبحثون عن خيارات أكثر ملاءمة. وحققت الشارقة نمواً كبيراً في هذا السياق، حيث جعلت قربها من دبي، بالإضافة إلى خيارات الإسكان الميسر وتحسين البنية التحتية، منها وجهة جاذبة للمستثمرين والمشترين.
وسجلت الشارقة 69,078 معاملة عقارية عبر الفئات جميعها في الأشهر التسعة الأولى من 2024، بزيادة 47% مقارنة بالفترة نفسها من 2023. كما بلغت قيمة هذه المعاملات 28 مليار درهم (7.6 مليار دولار)، مما يعكس زيادة بنسبة 16.5% مقارنة بالعام الماضي.
إمارات أخرى مثل رأس الخيمة، وعجمان، والفجيرة تشهد أيضاً زيادة في الاهتمام، إذ تستفيد هذه المناطق من المشاريع الحكومية للبنية التحتية، وقطاع السياحة المتنامي. ومع مزيج من الإسكان الميسر، والمنتجعات الفاخرة، والمشاريع الموجهة نحو أسلوب الحياة، من المتوقع أن تواصل هذه الأسواق الناشئة نموها وجذب الاستثمارات في السنوات المقبلة.
بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يواصل سوق العقارات الإماراتي مساره الصعودي في 2025. وبحسب تقرير لصندوق النقد الدولي، من المتوقع أن يصل النمو في الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.1% في 2025، مما يشير إلى قوة اقتصادية مستمرة.
كما من المحتمل أن تحفز التغييرات في السياسات، مثل إزالة الحد الأدنى للدفعة الأولية البالغة مليون درهم للحصول على التأشيرة الذهبية، المزيد من الاستثمارات في قطاع العقارات. نتيجة لذلك، من المرجح أن تواصل أسعار العقارات وقيم الإيجارات ارتفاعها، نتيجة العرض المحدود والطلب المتزايد من المستثمرين المحليين والدوليين.
من المتوقع أيضاً أن تلعب الاستدامة دوراً محورياً في مستقبل قطاع العقارات في الإمارات، إذ يركز المطورون بشكل متزايد على المشاريع الصديقة للبيئة والخضراء، استجابةً للطلب المتزايد على خيارات الحياة المستدامة.
إضافة إلى ذلك، يُتوقع أن يحدث تطور كبير في استخدام تكنولوجيا العقارات (Prop Tech)، مما سيغير طريقة التفاعل في السوق، ويعزز الشفافية والكفاءة للمطورين والمستثمرين على حد سواء.
ومع استمرار تطور سوق العقارات في الإمارات، تواصل الدولة تعزيز دورها كقائد عالمي في تطوير المدن، مدعومة ببنيتها التحتية المتقدمة، ومشاريعها المبتكرة، وسياساتها الداعمة للاستثمار، مما يؤكد مكانة الدولة كمركز ديناميكي للاستثمار العالمي.