وبعد سلسة من البيانات السلبية التي تلقتها الأسواق بشأن ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، بدا وأن إجراءات التحفيز المستمر التي يعلنها المسؤولون في بكين بدأت تؤتي ثمارها.
وصدرت في صباح اليوم الجمعة، حزمة من البيانات الإيجابية التي جاءت إيجابية للغاية وبأعلى من توقعات الأسواق بشأن الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة الصينية.
الاقتصاد الصيني على أعتاب فترة انخفاض أكثر حدة في المستقبل وهذا هو بالضبط ما تريد السلطات تجنبهنومورا
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الوطني الصيني اليوم الجمعة تسارع وتيرة انخفاض أسعار المنازل في البلاد خلال أغسطس، تزامنًا والإجراءات الحكومية للحد من آثار تباطؤ القطاع العقاري على الاقتصاد.
وأظهرت البيانات انكماش مؤشر أسعار المنازل على صعيد سنوي بنسبة -0.1% مقابل النسبة ذاتها في أغسطس 2022.
وكشفت البيانات عن تراجع أسعار المنازل الجديدة في 70 مدينة صينية باستثناء الوحدات المدعومة من الدولة بنسبة 0.29% خلال أغسطس، مقابل انخفاض بنسبة 0.23% على أساس شهري في يوليو.
وواصلت أسعار العقارات في السوق الثانوية تراجعها، بعد انخفاض أسعار المنازل القائمة بنسبة 0.48% في أغسطس مقارنة بالشهر السابق، وهو أعلى معدل انخفاض شهري منذ عام 2014.
وفي إشارة جديدة على عمق أزمة العقار وتراكم ديون شركات العقار الصينية أعلنت شركة التطوير العقاري سينو أوشن تعليق سداد مدفوعات ديونها في الخارج.
وأشارت الشركة وفقًا لبيان في سوق هونغ كونغ المالي إلى أن التعليق يأتي بسبب مشكلات تتعلق بضعف السيولة وسط تعمق أزمة ديون القطاع العقاري في البلاد.
تعرضنا لانخفاض سريع في تعاقدات البيع، مع زيادة حالة عدم التأكد بشأن عمليات التصرف في الأصول، فضلاً عن المعوقات التي تواجهنا في العديد من الأنشطة التمويليةسينو أوشن
وأوضحت شركة التطوير العقاري سينو أوشن أنها ملتزمة كل الالتزام بصياغة خطة موثوقة لإعادة هيكلة ديونها الخارجية.
ووفقًا لبيان الشركة، فقد دخلت سينو أوشن في مباحثات مع دائنيها، في خطوة استباقية سعياً لإدارة التزاماتها.
وكشفت سينو أوشن في البيان عن تعرضها لانخفاض سريع في تعاقدات البيع، وزيادة حالة عدم التأكد بشأن عمليات التصرف في الأصول، فضلاً عن المعوقات التي واجهتها في العديد من الأنشطة التمويلية.
وفي غضون ذلك قررت سينو أوشن إيقاف التداولات على ثمانية من سنداتها الدولارية في بورصة هونغ كونغ بداية من اليوم وحتى إشعار آخر.
وفي الأسبوع الماضي أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني عن تغيير نظرتها للقطاع العقاري الصيني إلى سلبية.
وفي غضون ذلك توقع محللو موديز أن يستمر تأثير الإجراءات الحكومية على دعم مبيعات العقارات لفترة قصيرة من الزمن.
وأعلنت السلطات الصينية في أواخر أغسطس إجراءات جديدة لخفض الدفعات المقدمة لشراء المنازل، بينما سمحت للمقرضين بخفض معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري القائمة.
مثل هذه القرارات لا تعد إلا محركات مؤقتة لاتجاه السوقكريج تشان
وفي تلك الأثناء أعلن بنك بنك الشعب الصيني اليوم الجمعة، عن ضخ المزيد من السيولة في الاقتصاد من أجل تعزيز جهوده المبذولة لدعم التعافي الاقتصادي.
وأظهرت بيانات المركزي الصيني ضخ 191 مليار يوان (26.3 مليار دولار) في النظام المالي عن طريق قروض لأجل عام، إضافة إلى ضخ 34 مليار يوان عن طريق قروض لمدة 14 يومًا.
وتأتي قرارات التحفيز التي تتخذها بكين بعد تعثر ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم بسبب انكماش سوق العقارات، وتباطؤ الاستهلاك المحلي، وتضخم ديون الحكومات المحلية.
وفي إطار محاولات البنك في توفر سيولة للأسواق للإنعاش الزخم المتباطئ قرر بنك الصين الشعبي PBOC ، اليوم الجمعة إبقاء سعر الفائدة على الإقراض متوسط الأجل لمدة عام MLF كما هو دون عند مستويات 2.5%.
بينما أبقى المركز الصيني سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام دون تغير عند مستويات 1.8%.
وفي المقابل، قرر المركزي الصين اليوم الجمعة خفض سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 14 يوما إلى 1.95% مقابل 2.15% سابقا.
نظرة سلبية للعقار الصيني.. وتوقعات أن يستمر تأثير الإجراءات الحكومية على دعم مبيعات العقارات لفترة قصيرة من الزمن.موديز
وللمرة الثانية خلال العام، يفاجئ بنك الصين الشعبي(المركزي الصيني) نسبة متطلبات الاحتياطي الإلزامي لدى البنوك في محاولة لتعزيز السيولة وإنعاش الاقتصاد المتعثر.
ووفقًا لقرار المركزي الصيني أمس الخميس، فقد خفض البنك المركزي الصيني حجم الأموال النقدية التي يجب على المقرضين الاحتفاظ بها في الاحتياطي للمرة الثانية هذا العام.
وقال دنكان ريجلي، كبير الاقتصاديين الصينيين في بانثيون للاقتصاد الكلي: "إن التخفيض، الذي يبدأ اعتبارًا من اليوم الجمعة، يهدف إلى تعزيز قدرة الإقراض للبنوك وتسهيل التحفيز المالي، خاصة إصدار سندات الحكومة المحلية".
وفي أغسطس الماضي، قرر بنك الشعب الصيني (PBOC) دعم السيولة من خلال تخفيض مفاجئ لسعر الفائدة على قروضه لمدة عام واحد - أو تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل.
ويعد تخفيض اغسطس هو التخفيض الثاني هذا العام، وفي غضون ذلك يتوقع معظم الاقتصاديين أن يبقي بنك الشعب الصيني سعر الفائدة دون تغيير في الاجتماع المقبل.
وأشار كريج تشان، الرئيس العالمي لاستراتيجية العملات الأجنبية في نومورا الياباني، إلى أن مثل هذه القرارات لا تعد إلا محركات مؤقتة لاتجاه السوق.
ولفت تشان إلى أن تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي RRR في العملات الأجنبية، وحتى تشديد قيود السيولة للضغط على المراكز الآجلة للعملات الأجنبية، لن يعالج أزمة الثقة التي أثارها قطاع العقار.
ولفت الرئيس العالمي لاستراتيجية العملات الأجنبية في نومورا إلى أن الاقتصاد الصيني على أعتاب فترة انخفاض أكثر حدة في المستقبل وهذا هو بالضبط ما تريد السلطات تجنبه.
وقال تينج مينج، كبير استراتيجيي الائتمان في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية: "أرى أن احتمال حدوث أضرار جانبية أكبر يزداد، بيد أنه حتى الآن تمتلك السلطات في بكين فرصة لتغير الأوضاع ولكن عبر إجراءات حقيقية وحاسمة".
وأشار كبير استراتيجيي الائتمان في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية إلى أن هناك عدة عوامل مختلطة تؤثر على الشعور العام، ليس فقط قطاع العقارات، ولكن إعادة الهيكلة الشاملة للاقتصاد الكلي في الصين.