logo
تكنولوجيا

الفيديو المزيف.. سلاح الحملات الرئاسية الأميركية

الفيديو المزيف.. سلاح الحملات الرئاسية الأميركية
تاريخ النشر:5 يونيو 2023, 12:06 م

يظهر مقطع فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الصين تغزو تايوان والمهاجرون يتدفقون عبر الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، ويصور الفيديو أن ما يجري هو نتيجة إعادة انتخاب الرئيس بايدن.

وتظهر سلسلة من الصور، ضباط شرطة يرتدون الزي الرسمي، ويلاحقون الرئيس السابق دونالد ترامب على الأقدام، بينما تبين صورة أخرى البنتاغون وقد اشتعلت فيه النيران في أعقاب انفجار.

القاسم المشترك بين هذه المشاهد، أنها كلها مزيفة.

يعمل الذكاء الاصطناعي سريع التطور، على تسهيل إنشاء مقاطع فيديو وصور معقدة يمكن أن تخدع المشاهدين وتنشر معلومات مضللة، مما يشكل تهديداً كبيراً للحملات السياسية مع انطلاق انتخابات 2024.

الصور المزيفة ليست جديدة على الحملات، فخلال السباق الرئاسي لعام 2020، شارك ترامب رسماً متحركاً مزيفاً لبايدن وهو يخرج لسانه مراراً وتكراراً، مع تسمية توضيحية تقول "المهمل جو". فيديو آخر أظهر رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي تبدو في حالة تلعثم بعد أن تم تبطيئه، حصد ملايين المشاهدات في عام 2019.

ما تغير هو أن إنشاء الوسائط أصبح أسهل بكثير، مع طرح ما يسمى بأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية، التي يمكنها تحويل المدخلات البسيطة بسرعة إلى مقاطع فيديو وصور وموسيقى ونصوص ذات شكل متطور. وقد ترك ذلك مسؤولي الحملات الانتخابية يستعدون لعام 2024، للدخول في مستوى من الإبداع الرقمي والانتشار، على عكس أي موسم انتخابي سابق الآن حيث أصبح بإمكان ملايين المستخدمين الوصول إلى هذه الأدوات

قال تيدي جوف، المدير الرقمي في حملة الرئيس السابق باراك أوباما: "لن تخلق هذه التقنيات عوالم جديدة تماماً، أو أنواعاً من المعلومات المضللة التي لم نتخيلها من قبل، ولكنها ستجعل تصميمها أسهل وأسرع وأرخص". وأضاف: "وستكون عواقب ذلك عميقة جداً."

وكانت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري وراء الفيديو الذي يصور أمريكا "البائسة"، في حال حصول بايدن على فترة ولاية رئاسية ثانية، ونشر ترامب مقطع فيديو تم التلاعب به لمذيع سي إن إن أندرسون كوبر، وهو يرد على ظهور الرئيس السابق في قاعة استضافتها الشبكة.

ويقول كوبر في الفيديو المزيف: " لقد نال منا الرئيس دونالد جيه ترامب - هنا في القاعة الرئاسية على شبكة سي إن إن".

وشارك ترامب أيضاً محاكاة ساخرة لإطلاق الحملة الرئاسية لحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، التي شهدت الكثير من الخلل على تويتر سبيس. ويظهر الفيديو المزيف الذي نشره ترامب، ديسانتيس والرئيس التنفيذي لشركة تويتر، إيلون ماسك، والمانح الديمقراطي جورج سوروس، ونائب الرئيس السابق ديك تشيني، وأدولف هتلر وصورة شيطانية، ويبدو أنه يستخدم استنساخاً صوتياً تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك ترامب نفسه، الذي يتدخل ليقول، "تمهل، إيلون، سيقول الرئيس الحقيقي بضع كلمات."

ولم يرد المتحدثون باسم حملة ترامب واللجنة الوطنية الجمهورية على طلبات التعليق.

ويُنظر إلى السرعة التي يستطيع بها الذكاء الاصطناعي إنشاء المحتوى، على أنها عامل تغيير في قواعد اللعبة، فبدلاً من الاضطرار إلى الاعتماد على الاستشاريين والخبراء الرقميين، يعد الذكاء الاصطناعي وسيلة أرخص بكثير، يمكن من خلالها للحملات الاستجابة للأحداث في الوقت الفعلي.

ويقول المستشارون الديمقراطيون والجمهوريون، إنهم يختبرون أيضاً الذكاء الاصطناعي وروبوت الدردشة "شات جي بي تي" ChatGPT، كأدوات تنظيم رقمية يمكن أن تساعد في صياغة الخطابات، وجمع التبرعات لرسائل البريد الإلكتروني والنصوص وبناء ملفات الناخبين.

وعلى الرغم من أن الحملات لا تزال بحاجة إلى مراجعة وتحرير المحتوى، الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، إلا أن التكنولوجيا يمكن أن تساعد بشكل كبير، في تقليل مقدار الوقت الذي يقضيه في الاتصال اليومي بالناخبين.

ويحذر المراقبون عبر الإنترنت من إمكانية استخدام التكنولوجيا لأغراض شائنة، بما في ذلك نشر معلومات كاذبة حول ساعات وأماكن الاقتراع، أو المواعيد النهائية لتسجيل الناخبين، أو كيف يمكن للناس الإدلاء بأصواتهم.

وعشية الجولة الأولى لانتخاب رئيس بلدية شيكاغو في فبراير، لاحظ موظفو المرشح بول فالاس مقطع فيديو، تم تداوله على تويتر. وأوضح بريان تاون، مدير حملة فالاس، أن الفيديو يظهر صورة فالاس وصوتاً يشبه صوته، ويبدو فيه أنه يتغاضى عن وحشية تعامل الشرطة.

وقال تاون إن الفيديو لم يتم تداوله على نطاق واسع، ومن المحتمل ألا يؤثر على التصويت. واحتل فالاس المركز الأول في جولة فبراير، لكنه خسر جولة الإعادة، ومع ذلك، وصف تاون القصة بأنها سابقة خطيرة. وقال إنه لا يعرف من صمم الفيديو، وأن الحملة حددت أنه من المحتمل أن يكون قد تم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وقال تاون: "بالنسبة للناخب المطلع، يظهر الفيديو في النهاية على أنه ملفق"، "ولكن لديك أيضاً الكثير من الناخبين، ممن قد يشاهدون مجرد مقتطفات من الفيديو وفجأة يصبحون أكثر ميلاً للتصويت ضد مرشح."

وغالباً ما تحتوي منصات وسائل التواصل الاجتماعي، على سياسات تنص على أنها ستزيل المحتوى المضلل، الذي تم التلاعب به. وقد يكون تنفيذ هذه السياسات غير متسق أو بطيئاً، وفي بعض الأحيان تقوم المنصات باستثناءات المنشورات الكاذبة من قبل المرشحين، باسم السماح بالنقاش السياسي الحر.

ودفع ظهور أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدية قادة التكنولوجيا، إلى الدعوة إلى نظام تصنيف جديد، مما يسمح للمستخدمين بمعرفة ما إذا كان جزء من المحتوى تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي. وجاء فيديو اللجنة الجمهورية RNC حول إعادة انتخاب بايدن مصحوباً بإخلاء مسؤولية في نص أبيض صغير ينص على "تم إنشاؤه بالكامل باستخدام صور AI".

وإلى ذلك قال إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، ورئيس لجنة الذكاء الاصطناعي المعينة من قبل الكونغرس: "من الواضح تماماً أنه لا ينبغي أن يتعرض المستخدمون لمعلومات مضللة عشوائية، دون معرفة من فعل ذلك ومن أين أتت".

كما قالت كل من غوغل ومايكروسوفت، الداعمة لـ "أوبن إيه آي"، منشئ "شات جي بي تي"، إنهما تطلقان أدوات لتمييز المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة AI ببيانات حول أصله.

وفي خطوة أولية نحو التنظيم، طلب البيت الأبيض مؤخراً تقديم مدخلات عامة بشأن قضايا الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك كيفية مواجهة التحديات التي تواجه العملية الانتخابية.

ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن هناك حالات يمكن فيها تطبيق القوانين الحالية، على استخدام المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي في الانتخابات، ويمنع قانون الانتخابات الفيدرالي المرشحين من انتحال صفة مرشحين آخرين.

وقدمت مجموعة بابليك سيتيزن Public Citizen مؤخراً، التماساً إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية، التي تفرض قوانين الحملة، لإصدار توجيهات تفيد بأن هذا البند سينطبق إذا استخدم أحد المرشحين تصويراً تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، لمرشح منافس في إعلان الحملة، ولم ترد الوكالة على الالتماس.

ولا تملك لجنة الانتخابات الفيدرالية FEC أي سلطة للرقابة على المستخدمين العاديين لوسائل التواصل الاجتماعي الذين قد ينشرون مقطع فيديو ملفقاً ينتشر بسرعة.

وقال روبرت وايزمان، رئيس "بابليك سيتيزن"، إن الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام، يجب أن تعلن أن استخدام وسائل الإعلام الاحتيالية "خارج المسموح"، وأضاف: "لسنا مستعدين بالفعل لهذا التحدي".

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC