RTA: نخطّط للانتقال إلى مستوى جديد من استخدامات الـAI
في عالم يتطوّر باستمرار مع تقدم التكنولوجيا بسرعة فائقة، يبرز الذكاء الاصطناعي كواحد من أكثر الابتكارات قدرة على إحداث تحوّل جذري في قطاع النقل الحضري كما نعرفه اليوم.
بإمكان الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة، إعادة تعريف النقل الحضري كقطاع تقليدي يعدّ أحد القطاعات الإستراتيجية لتنمية الاقتصاد على مستوى العالم، إلى جانب تأثيره المباشر على الحياة اليومية للأفراد. فعلى سبيل المثال، شكل تطبيق الذكاء الاصطناعي في أنظمة إدارة حركة المرور ثورة حقيقية. وإذا انتشر استخدام هذه التكنولوجيا على نطاق واسع، سيكون لها تأثير هائل على الأداء الاقتصادي وجودة الحياة الحضرية.
الذكاء الاصطناعي، الذي قد يحقق تأثيراً إيجابياً بقيمة 320 مليار دولار في الشرق الأوسط فقط بحلول عام 2030، من المتوقّع له أن يساهم في إحداث تحوّل في مجال النقل الحضري من خلال تحسين مستويات الكفاءة والسلامة وتجربة العملاء، وفق ما أفاد به إسلام عبد الكريم، المدير العام لشركة «يانغو» (Yango) في دول مجلس التعاون الخليجي، في تصريحات إلى «إرم بزنس».
وتركّز الشركة التي توفر نظاماً بيئياً لخدمات تقنية متعددة أقرب إلى مفهوم «السوبر آب» (SuperApp)، على تحويل التقنيات العالمية إلى خدمات يومية بهدف إثراء التجارب المحلية.
أشار عبد الكريم إلى أن كميات هائلة من البيانات تتم معالجتها في الزمن الفعلي، عبر تقنيات تحسين المسارات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، لعرض طرق التنقل الأسرع والأكثر كفاءة؛ الأمر الذي يخفض زمن التنقل واستهلاك الوقود، مضيفاً أن السوق العالمية لهذه التكنولوجيا من المتوقع لها أن تحقق نمواً بمعدل سنوي مركب عند 14.1% بحلول عام 2030.
من ناحية أخرى، أوضح أن التحليل التنبؤي الذي يتيحه الذكاء الاصطناعي يعزّز مستويات السلامة والموثوقية، عبر مراقبة أنماط الحركة المرورية وتحديد المخاطر المحتملة، ما يسمح باتخاذ إجراءات استباقية.
وفي وقت يتسبّب قطاع النقل بـ24% من الانبعاثات العالمية المرتبطة بالطاقة، فإن الانتقال إلى الحلول المستدامة يعتبر أمراً حيوياً وبالغ الأهمية. في هذا الإطار، تساهم عمليات تخطيط الطرق المحسنة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في تخفيض عدد الرحلات غير الضرورية واستهلاك الوقود، بينما تعمل على تعزيز التحوّلات في عادات النقل مثل أنظمة استدعاء سيارات الأجرة ومشاركة السيارات، بحسب المدير العام لشركة «يانغو» في دول مجلس التعاون الخليجي.
وحول خدمات استدعاء سيارات الأجرة، قال: «تعمل الأنظمة التي تقوم على الذكاء الاصطناعي بتحليل حركة المرور باستمرار، بالإضافة إلى توقّع ارتفاع الطلب وتوزيع الموارد بشكل دينامي، الأمر الذي يضمن التقليل من أوقات الانتظار حتى في ساعات الذروة».
وأضاف أن إمكانات الذكاء الاصطناعي تتيح أيضاً الحصول على خدمات مخصّصة، حيث يتم تقديم اقتراحات مجهّزة خصّيصاً وفقاً لتفضيلات المستخدم ورحلاته السابقة.
في منطقة الشرق الأوسط التي تخطو خطوات سريعة نحو اعتماد التقنيات الذكية، يعتبر دمج الذكاء الاصطناعي قفزة هائلة نحو مدن أكثر ذكاءً وأماناً وترابطاً. أضاف عبد الكريم أنه من المتوقع أن يزداد تأثير الذكاء الاصطناعي في مجال النقل، ليجعل من المنطقة نموذجاً يحتذى به لجهة حلول النقل الذكية على مستوى العالم.
وقال: «مع تقدّم التقنيات، فإنها ستعيد تشكيل ملامح النقل الحضري بما يواكب المبادرات المحلية مثل ‘خطة دبي الحضرية 2040’، الأمر الذي يبشر بعهد جديد من أنظمة النقل الأكثر ذكاءً وترابطاً».
في إمارة دبي، يتواجد أحد أحدث وأكبر مراكز التحكم المرورية المتقدمة على مستوى العالم، وهو «مركز إدارة الأنظمة المرورية الذكية»، المعني بإدارة الحركة المرورية والازدحامات والأحداث الأخرى مثل حالات الطوارئ والفعاليات التي تحتضنها الإمارة؛ عن طريق نظام مركزي هو «النظام المروري المتقدم» (iTRAFFIC) المعزّز بتقنيات الذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات الضخمة وإنترنت الأشياء، وفق ما أوضحه محمد آل علي، مدير إدارة الأنظمة المرورية الذكية في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، خلال حديثه إلى «إرم بزنس» على هامش المؤتمر العالمي لأنظمة النقل الذكية (ITS) الذي جمع في دبي آلاف المتخصّصين في قطاعات التنقل والتكنولوجيا، لمناقشة واستعراض التقدّم في مجال التنقل الذكي.
أشار آل علي إلى أن المركز يستخدم العديد من التطبيقات القائمة على الذكاء الاصطناعي، كتطبيقات تحليل الحركة المرورية بشكل فوري، الذي بناء عليه يتم اقتراح خطط استجابة آنية مؤتمتة عن طريق النظام وعرضها على اللوحات الإلكترونية المنتشرة في الطرقات، ما يساهم في إخطار السائقين وتنبيههم؛ وبالتالي تخفيف الازدحامات المرورية.
ولفت أيضاً إلى تطبيقات التحليل التنبؤي، «حيث تعمل الخوارزميات على توقع الازدحامات المرورية ليتم بشكل استباقي اتخاذ اللازم لإدارة الحركة المرورية».
تنتشر في جميع طرقات دبي أجهزة ذكية تقوم بإرسال هذه المعلومات من الأجهزة الميدانية إلى النظام المركزي بشكل آني ليتم اتخاذ القرار بناء عليها. وقد لفت مدير إدارة الأنظمة المرورية الذكية في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، إلى أن الهيئة بصدد التوسع في هذا الإطار وزيادة التغطية وتعزيز قدرات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة المتوفرة لديها.
وكشف عن خطط دبي لتطبيق تقنيات «التفاعل المشترك» (Cooperative ITS) مثل تطبيقات «مركبة إلى مركبة» و«المركبة إلى البنية التحتية» أو «المركبة إلى كل شيء»، ما يواكب التوجهات المستقبلية. هذا يعني أن المركبات ستصبح متّصلة بمركز التحكم بحيث يتم إرسال معلومات الحركة المرورية إليها مباشرة، ما يمكّنها من تفادي مواقع الازدحامات، ويقلّل بالتالي الازدحام والحوادث والتأثير التتابعي لها. هذا، إلى جانب التنبيه لأي توقف مفاجئ في الحركة المرورية، وفق توضيحات مدير إدارة الأنظمة المرورية الذكية في هيئة الطرق والمواصلات في دبي.
تجربة أخرى تعيشها أبوظبي، مرتبطة بتطوير مجال التنقل عبر سيارات الأجرة. إذ دخل مركز النقل المتكامل «أبوظبي للتنقل» التابع لدائرة البلديات والنقل في الإمارة، في شراكة مع «يانغو»، تعتبر خطوة جوهرية نحو تحديث النقل الحضري ودعم نظام النقل البيئي في المدينة، وفق ما أكده المدير العام لشركة «يانغو» في دول مجلس التعاون الخليجي.
وقد أطلقت الشركة خدمة متطوّرة لاستدعاء سيارات الأجرة في أبوظبي من خلال تطبيق «يانغو» (Yango) لاستدعاء السيارات، حيث تعمل هذه الخدمة على دعم وتعزيز ترابط المدينة عبر دمج سيارات الأجرة ضمن منصة واحدة سهلة الاستخدام، تجعل عملية حجز سيارات الأجرة أمراً يسيراً، في كافة مناطق الإمارة.
تعتمد منصات استدعاء السيارات مثل «يانغو» (Yango) على أنظمة التعلم الآلي لتحليل أنماط الحركة المرورية والبيانات في الزمن الفعلي بهدف تحسين المسارات والطرق؛ الأمر الذي يقلص الوقت، ويحد من استخدام الوقود. «بالتالي فهي لا تسهم في الارتقاء بتجربة المستخدم فحسب، بل تتماشى كذلك مع أهداف الاستدامة، مثل تحقيق صافي الانبعاثات الصفرية في دولة الإمارات بحلول عام 2050»، وفق ما أوضحه عبد الكريم.
واعتبر أن الاعتماد على تكنولوجيا «يانغو»، سيسهم عبر هذه الخدمة الجديدة - التي شهدت في مرحلتها التجريبية تسجيل أكثر من 1500 سيارة أجرة وإنجاز أكثر من 8000 رحلة - في التطوير المستمر لبنية النقل الأساسية في أبوظبي.
بحسب المدير العام لشركة «يانغو» في دول مجلس التعاون الخليجي، يعتبر التعاون بين القطاعين العام والخاص أمراً حيوياً لدعم وتعزيز التنقل الحضري، حيث تتلاقى الموارد والخبرة والتكنولوجيا بهدف الدفع بمسار الابتكار.
وقال: «يقدم مركز النقل المتكامل ‘أبوظبي للتنقل’ بالشراكة مع ‘يانغو’ أحد الأمثلة البارزة على تأثير هذه التحالفات وقدرتها على تحويل أنظمة النقل بشكل فعّال ومؤثر».