توقفت "تايغر غلوبال مانيجمنت"، التي تتواجد بالسوق الصينية منذ سنوات عن الاستثمار في الأسهم الصينية مؤقتًا، حسبما ذكر أشخاص مطلعين على الأمر، حيث تعيد الشركة تقييم استثمارها في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم عقب تعزيز الرئيس شي جين بينغ قبضته على البلاد.
قال المطلعون إن المديرين التنفيذيين لـ"تايغر" بمن فيهم مؤسسها تشارلز كولمان يرون أن إعادة انتخاب الرئيس شي وسيطرة الموالين له على قيادة الحزب الشيوعي خلال المؤتمر الأخير قد يزيد التوترات الجيوسياسية ويعني على الأرجح استمرار سياسة "صفر-كوفيد" في الصين.
تصاعد المخاطر
يظل إصرار الصين القضاء على تفشي كوفيد- 19، وفرض عمليات إغلاق وقيوداً أخرى عائقًا كبيرًا أمام النمو الاقتصادي. كما ازدادت المخاوف بشأن محاولة محملة لبكين في تايوان، الجزيرة ذات الحكم الديموقراطي الذاتي عقب تعديل الحزب الشيوعي الصيني مؤخراً ميثاقه ليشمل عبارة "يعارض بشدة استقلال تايوان" كما قرر ترقية قائد عسكري على دراية بالشؤون التايوانية.
قال أشخاص على دراية بالخطوة إن "تايغر" بدأت تقليص تعاملاتها في الأسهم الصينية مع التركيز على مجموعة أصغر من أسهم الشركات التي تعرفها جيدًا وتؤمن بقدراتها، فيما قال أحد المطلعين إن الأسعار المرتفعة مطلع 2021 كانت سبباً أساسيًا أيضًا.
ذكر المطلعون أن "تايغر" قلصت تعامل صندوق التحوط للصين التابع لها لأرقام متوسطة أقل من 10% مع اقتراب المؤتمر ونجحت في تجنب بعض الضربات القوية التي أصابت الأسهم الصينية نتيجة ذلك، حيث انخفض مؤشر "هانغ سنغ" في هونغ كونغ 6.4 % في 24 أكتوبر، وسجل أكبر انخفاض ليوم واحد منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. كما انخفضت شهادات الإيداع الأميركية للشركات الصينية، حيث خسرت القيمة السوقية لأكبر 5 شركات صينية مدرجة في الولايات المتحدة في 21 أكتوبر 52.17 مليار دولار في يوم واحد.
امتنعت "تايغر" عن الشراء وسط عمليات البيع الحادة، حيث أبلغ المسؤولون التنفيذيون العملاء أنهم يقضون وقتًا أطول في استغلال الفرص بالهند وجنوب المحيط الهادئ.
بدأ المستثمرون الحد من تواجدهم بالصين مع صدور سلسلة من الإجراءات التنظيمية الصارمة المتعلقة بشركات منصات الإنترنت والتعليم الهادفة للربح، التي ألحقت خسائر فادحة بالعديد من الصناديق، وسلطت الضوء على مخاطر الاستثمار في دولة استبدادية، لكن المؤتمر الأخير دفع الشركات الصينية الكبرى إلى إعادة النظر في تعاملاتهم مع السوق.
ترقب وقلق
وقال أشخاص على دراية بالشركة إن "تايغر" ترغب بمزيد من الوضوح حول قضايا مختلفة، مثل مدى قوة الصين في متابعة النمو، وما إذا كانت البلاد ستغزو تايوان، قبل استثمار دولارات جديدة في الأسهم الصينية. وفي ديسمبر، قد تكون هناك مؤشرات من مؤتمر العمل الاقتصادي للمكتب السياسي باللجنة المركزية، المسؤول عن تحديد جدول الأعمال الاقتصادي للعام المقبل برئاسة شي جين بينغ عادة.
وقال كولمان وآخرون وفقًا لأشخاص على دراية بالمحادثات إنه سيتعين على الرئيس شي تحفيز الاقتصاد إلى حد ما.
حققت "تايغر"، أحد أوائل المستثمرين في الصين، مكاسب بالممليارات من الاستثمار في الإصدارات التي تركز على الصين من شركات الإنترنت الأميركية، مما ساعد في انتشار سمعتها كمستثمر في التقنيات الذكية.
استثمرت "تايغر" في 3 شركات إنترنت صينية مدرجة في 2002، وأغلقت أول صندوق شركات خاصة لها، بقيمة 75.8 مليون دولار في 2004. وكان أول استثمارات الصندوق في مجموعة "علي بابا" التي طرحت أسهمها في اكتتاب عام ضخم بنيويورك في 2014.
تاريخ من المكاسب
يتمثل الرهان الأكثر نجاحًا للشركة في الصين في استثمار 200 مليون دولار في عملاقة التجارة الإلكترونية "جي دي دوت كوم"، وحققت عوائد 5 مليارات دولار. وكانت "تايغر" أيضًا من بين أوائل المستثمرين في شركة "ديدي غلوبال" وشركة الذكاء الاصطناعي "سينس تايم غروب"، وخرجت من الشركتين عقب فترة وجيزة من انتهاء فترات إغلاق الاكتتاب العام، وفقًا لأشخاص على دراية بالاستثمارات.
تشمل الاستثمارات الخاسرة أيضًا استثمارها في مزود الشقق السكنية "دانك أبارتمنت" وشركة "زويبانغ" التعليمية، وفقًا لوثيقة حديثة صادرة عن "تايغر".
قال أشخاص على دراية بأعمال الشركة إن "تايغر" لا تزال تستثمر في السوق الصينية من خلال العديد من صناديق الأسهم الخاصة، ولكنها تباطأت بشكل كبير في الاستثمارات الجديدة في الشركات الخاصة منذ تكثيف بكين القمع التنظيمي لمنصات الإنترنت الصيف الماضي.
تعد أكبر استثمارات "تايغر" الخاصة في الصين "بايت دانس"، الشركة الأم لـ"تيك توك" وتاجر بيع الأزياء بالتجزئة "شي إن".
أصول مدارة
سجل صندوق التحوط الخاص بـ"تايغر" واحدًا من بين الأسوأ اداءً في القطاع مؤخرًا ومحا سنوات من المكاسب في أشهر فقط ما دفع الشركة لخفض الرسوم مطلع هذا العام، حيث خسر الصندوق 7% العام الماضي وتراجع بنسبة 52% هذا العام حتى سبتمبر واستمر في التراجع بعدها.
قال أشخاص على دراية بالشركة إن استثمار "تايغر" في الأسهم الصينية ساهم في تلك الخسائر رغم مساهمتها بنسبة طفيفة من باقي المحافظ.
بلغ إجمالي قيمة الأصول المدارة لدى "تايغر" نحو 60 مليار دولار في 30 سبتمبر.
قال أحد المطلعين إن "تايغر" سجلت مبيعات صافية في الأسهم الصينية خلال السنة المنتهية في 30 يونيو، لكنها اشترت الأسهم الصينية مجدداً مع انخفاض السوق ضمن استراتيجية الشراء أثناء الهبوط، التي أثبتت نجاحها سابقًا.
غادر الشريك في "تايغر"، إدوارد لي الشركة في يونيو، وكان يركز على الاستثمار في الشركات المدرجة في الصين لما يقرب من عقد من الزمان، حيث بدأ جمع الأموال لصالح صندوق التحوط العالمي الخاص به.
قال بعض المقربين من "تايغر" إن "جي دي دوت كوم" وشركة توصيل الطعام "ميتوان" يمثلان الجزء الأكبر من استثمارات "تايغر" الصينية بصندوق التحوط الخاص بالشركة.