وهذا الصندوق هو موضوع خلاف امتد لسنوات بين الدول الصناعية الكبرى المسببة للتلوث، والدول النامية التي تطالب بتعويضات عن أضرار لم يكن لنشاطها الاقتصادي دور فيه.
وتشير التقديرات الدولية إلى أن الدول النامية تخسر سنويا قرابة 400 مليار دولار، بفعل الكوراث الطبيعية الناجمة عن التغير المناخي .
وفي مقابلة مع "إرم الاقتصادية" تؤكد وزيرة البيئة المصرية الدكتورة ياسمين فؤاد، أن الجهود الدولية يجب أن تتكاتف أكثر من أي وقت مضى من أجل الوصول إلى تحقيق فعلي لمشكلة التكيف مع المناخ في مؤتمر الأمم المتحدة COP 28 .
وبسؤالها عن سبل الوصول لتحقيق الهدف العالمي للتكيف مع مشكلة المناخ خلال فعاليات مؤتمر المناخ COP28 بدبي ،قالت ياسمين فؤاد: حدد اتفاق باريس الهدف العالمي للتكيف، من خلال السعى إلى زيادة الطموح بشأن التكيف مع المناخ باعتباره تحديا عالميا ذا أبعاد دولية، ووضع ذلك لأول مرة في المادة 7 من اتفاق باريس بهدف تعزيز المرونة والقدرة على التكيف، والمساهمة في التنمية المستدامة وضمان استجابة ملائمة للتكيف، وهو ما يتطلب من جميع الأطراف المشاركة بجهودهم والإبلاغ عنها للتخطيط والتنفيذ من خلال برنامج عمل واضح.
على جانب آخر، كانت هناك تعهدات من الدول المتقدمة بمضاعفة تمويل التكيف من مستويات عام 2019 بحلول عام 2025، وهو ما اعتبر فوزًا كبيرًا للبلدان النامية عندما أدرج لأول مرة في ميثاق جلاسكو للمناخ في عام 2021.
وأوضحت الوزيرة أن cop27 في شرم الشيخ، أصدر النسخة النهائية من التعهد الرئيسي للدول المتقدمة بشأن مضاعفة تمويل التكيف الخاص فى خطة التنفيذ، وتمت الدعوة إلى إعداد تقرير من اللجنة الدائمة المعنية بالتمويل، التابعة للأمانة العامة، للاتفاقية الإطارية حول مضاعفة تمويل التكيف، للنظر فيه خلال جلسات مؤتمر COP28.
وبشأن ما إذا كانت ثمة آليات تمويل جديدة ستطرح أوالعمل على تفعليها في مؤتمر المناخ COP28 بدبي ، قالت ياسمين فؤاد إن العمل جار مع رئاسة المؤتمر على إرساء القواعد العاملة لإنشاء صندوق الأضرار والخسائر، حيث تعتبر الخسائر والأضرار إشارة إلى الكوارث الناجمة عن الطقس القاسي، على البنية التحتية المادية والاجتماعية للدول الفقيرة والضعيفة، في مواجهة ظاهرة تغير المناخ، وهي أضرار لا يمكن تلافيها من خلال إجراءات تخفيف الانبعاثات الكربونية، أو التكيف مع تغير المناخ.
أما صندوق الخسائر والأضرار فيشير إلى التمويل اللازم للإنقاذ وإعادة الإعمار بعد الكوارث غير المتوقعة، والمرتبطة بالمناخ، وكان الصندوق مطلبًا طويل الأمد من قبل الدول النامية، بهدف إلزام الدول المتقدمة، المسؤولة تاريخيًا، عن الانبعاثات المسببة لتغير المناخ، بدفع ثمن هذه الخسائر والأضرار، لدعم ضحايا الكوارث المناخية.
وترى ياسمين فؤاد أن إعلان التأسيس لا يعني أن الأمر انتهى عند هذا الحد، رغم كونه انتصارًا واضحًا للدول النامية، فإن هناك المزيد من الخلافات بشأن الأمور الفنية والتمويلية المتعلقة بالخسائر والأضرار، ولا تزال المفاوضات بشأن الصندوق، جارية حتى اللحظة، ومن المتوقع استمرارها حتى COP28، وذلك لتحديد مصادر أموال الصندوق، وكيف سيتم توزيعها، ومن سيتسلمها.
وتلفت وزيرة البيئة المصرية الى تقديرات التقارير التي عرضت أمام الأطراف في مفاوضات بون في يونيو الماضي، والتي تحذر من أنه بحلول 2032 يمكن للكوارث المتعلقة بالمناخ، مثل الأعاصير وارتفاع مستوى سطح البحر، أن تكلف الدول النامية ما لا يقل عن 400 مليار دولار كل عام. تندرج هذه الأموال ضمن التزامات الدول المتقدمة التي فشلت حتى الآن في توفير التمويل الكافي للمناخ، الذي تعهدت به في 2009، ما تسبب في انعدام الثقة بشكل عام بين الأطراف حول هذه القضايا.
وأوضحت الوزيرة أن الدول النامية تريد صندوقًا قائمًا بذاته ومستقلا عن جميع آليات تمويل المناخ الحالية، وفي متناول جميع الدول النامية، ويعتمد على الأموال العامة القائمة على المنح، ويعترف بمبادئ العدالة والإنصاف والانبعاثات التاريخية. كما تسعى الدول النامية أيضًا إلى الحصول على صندوق يمكن التنبؤ به ومستدام وكاف، مع مصادر تمويل موثوقة من الدول المتقدمة لمعالجة آثار تغير المناخ وتعزيز النهج القائمة على الاحتياجات والحقوق لتحقيق الاستدامة.
وتضّمَن قرار تأسيس صندوق الخسائر والأضرار في COP27، تشكيل لجنة انتقالية لتطوير كل من الصندوق نفسه وترتيبات التمويل الأخرى المتعلقة به، ودعم الإجراءات ذات الصلة، حيث عقدت اللجنة الانتقالية اجتماعها الأول في الأقصر بمصر في مارس 2023، واجتمعت مرة ثانية في بون في يونيو الماضي.
ومن المقرر أن تعقد اللجنة الانتقالية اجتماعين آخرين قبل COP28، بالإضافة إلى اجتماع على مستوى الوزراء، قبل أن تعلن للأطراف ما توصلت إليه في دبي نهاية 2023.
وقالت إن سكان الدول النامية تأثروا بشكل كبير ومباشر بالتغير المناخي في السنوات الأخيرة، والدول الغنية تساهم تقريبا بما بين 9% و20% من ناتجها المحلي الإجمالي لتحقيق جهود التكيف مع أزمة المناخ.
ومن وجهة الجانب المصري فإن البديل الذي يمكن ان يسرع في جهد عالمي، للتغلب على مشكلات التغير المناخي يكمن في الاقتصاد الأخضر كاستجابة للعديد من الأزمات العالمية المتعددة، ويهدف بشكل عام إلى تحقيق تنمية اقتصادية عن طريق تنفيذ العديد من المشاريع الصديقة للبيئة، وباستخدام تكنولوجيات جديدة في مجالات الطاقات المتجددة والنظيفة، ويدعو إلى تحويل القطاعات القائمة بالفعل إلى نمط الاقتصاد الأخضر، وتغيير أنماط الاستهلاك غير المستدامة، مما يعمل على خلق فرص عمل جديدة بهدف الحد من الفقر.
وقالت ياسمين فؤاد إن مصر اتخذت مساراً طموحا نحو التحول الأخضر، بدءا من العمل على تغيير لغة الحوار حول البيئةوالمناخ في السنوات الأخيرة الماضية؛ ليتحول من مجرد محاربة مصادر التلوث والحد من معدلات التلوث، إلى العمل على خلق روابط بين البيئة والاقتصاد.
وأوضحت أن إجراءات الإصلاح تلك تعد بمثابة قصة نجاح مصرية لتضمين كافة الشركاء، واتاحة قيمة مضافة من تركيز الاهتمام على صون الموارد الطبيعية والتصدي لآثار تغير المناخ، وهنا يأتي دور المجلس الوطني للتغيرات المناخية .
وتحرص مصر من خلال مشاركتها في COP28 على البناء على ما تحقق في مؤتمر المناخ COP27 برئاستها سواء على المستوى الفني ودعم قضايا المناخ واستكمال العمل على المبادرات التي تم اطلاقها في COP27 ومنها مبادرة الحلول القائمة على الطبيعة ENACT، ومبادرة المخلفات، بحلول 2050 لإفريقيا.
ومن المقرر إطلاق النسخة الأولى لمؤتمر الاستثمار البيئي والمناخي في سبتمبر المقبل ويعد أحد أهم خطوات مصر الإعداد للمشاركة في COP28، من خلال ايجاد الشراكات مع القطاع الخاص والشباب والقطاع المصرفي، وقصص النجاح والفرص الاستثمار المطروحة في أربع قطاعات متعلقة بالمناخ الطاقة وإدارة المخلفات والاقتصاد القائم على المواد الحيوية، والسياحة.