تؤسس إدارة بايدن لاستهداف الشركات غير المصرفية وفرض إشراف فيدرالي أكثر صرامة وسط تزايد قلق الجهات التنظيمية من التهديدات المالية للشركات التي تعمل خارج النظام المصرفي الخاضع لإشراف دقيق.
يتحرك مجلس مراقبة الاستقرار المالي الأميركي، اللجنة المكونة من كبرى الجهات التنظيمية المسؤولة عن مراقبة استقرار النظام المالي نحو تخفيف أو إلغاء القيود المفروضة في عهد ترامب واستهدفت الحد من تنظيم المؤسسات غير المصرفية، وفقًا للأشخاص المطلعين على العملية، الذين قالوا إن الهدف من التحرك تسهيل تصنيف الشركات غير المصرفية كمؤسسات مالية من الناحية التنظيمية، وهو التصنيف الذي يقتصر حاليًا على أكبر البنوك في البلاد، ويستلزم فرض رقابة واسعة عليها للحد من المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي.
رفض جمهوري
يعكس الجهد التنظيمي المتوقع تركيز إدارة بايدن على المخاطر النظامية المحتملة المرتبطة بالشركات غير المصرفية، التي تضم صناديق التحوط، شركات إدارة الأصول وشركات التأمين، وشركات الرهن العقاري، وبورصات العملات المشفرة.
من المتوقع أن يكون هناك رد فعل كبير على هذه الجهود، وربما تحديات قانونية من شركات القطاع والجمهوريين، المتشككين في اللجنة، ويروا أن عملها غير شفاف ولا يخضع للمساءلة.
منذ مارس 2020، تأهبت الجهات التنظيمية بحالة قصوى للحفاظ على الاستقرار المالي، وسط مخاوف المستثمرين من جائحة كوفيد-19 والاندفاع لسحب الأموال وتصفية الأصول الآمنة مثل سندات الخزانة. منذ تلك الفترة، يدقق المسؤولون في العديد من المخاطر غير المصرفية، بما في ذلك صناديق الاستثمار التي يمكن للمستثمرين التخارج منها في أي وقت، حيث تسببت المبيعات القسرية لأصول الصندوق تلبية لطلبات استرداد الوثائق في تدهور سيولة سوق الدخل الثابت. كما تدور بعض المخاوف مؤخرًا بشأن صعود العملات الرقمية المستقرة وغيرها من العملات المشفرة.
إجراءات قريباً
وقال الأشخاص المطلعون على العملية إن تحركات مجلس مراقبة الاستقرار المالي لا تزال في مراحلها الأولى، لكنها ستظهر بوضوح خلال الأشهر الأولى من 2023. حيث يسعى مجلس مراقبة الاستقرار المالي إلى تخفيف أو إلغاء أجزاء من قواعد لجنة إدارة المخاطر لعام 2019، التي فرضت تحديات إجرائية إضافية، وطلبت من المجلس إجراء مراجعة مطولة للأنشطة في قطاع يحتمل أن يكون محفوفًا بالمخاطر، قبل أن يستهدف شركات بعينها. وهو ما لا يمكن تحديد كيفية القيام به، لذلك تشير التوقعات إلى الغاء اللجنة لتلك القواعد تمامًا، أو تجري تغييرات أكثر عليها.
عارضت وزيرة الخزانة، جانيت يلين القواعد في عهد ترامب، لما تصفه بأنه يقوض صلاحيات اللجنة للحد من المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي. وقد كان المضي قدماً في إصلاح تلك القواعد بطيئًا للغاية، لأن الإدارة كان لديها مجموعة أخرى من القضايا لمعالجتها من التضخم إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وقال المطلعون إن أي تأخر يكون الهدف منه ضمان أن تتمتع لجنة المخاطر بالمرونة اللازمة لتحديد المؤسسات غير المصرفية التي قد يهدد فشلها الاقتصاد، بدلاً من القلق بشأن شركة مالية غير مصرفية محددة.
إلغاء القواعد ضرورة
وقال جون ريزو، المتحدث باسم جانيت يلين، التي ترأس لجنة المخاطر، إنها ما تزال ترى ضرورة إعادة تقييم قواعد المجلس لعام 2019 وإن المجلس "ينبغي أن يكون قادرًا على استخدام الأدوات التي منحها له الكونغرس لمعالجة المخاطر التي تهدد الاستقرار المالي".
أعلن نصف الأعضاء العشرة من لهم حق التصويق داخل فريق المخاطر خلال الأسابيع الأخيرة، ومن ضمنهم مدير مكتب حماية المستهلك المالي، روهيت شوبرا، علنًا دعمهم الحد من تلك القواعد.
ورداً على سؤال السناتور الديموقراطي عن ولاية ماريلاند، كريس فان هولن خلال جلسة استماع في 15 نوفمبر بشأن إمكانية إلغاء القواعد في عهد ترامب، قال ثلاثة من كبار مسؤولي البنوك والاتحادات الائتمانية دعمهم إلغاء تلك القواعد.
وقال نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي للإشراف المصرفي، مايكل بار المسؤول الرابع الذي أدلى بشهادته في جلسة الاستماع إن إعادة النظر في قيود عهد ترامب من شأنه ضمان أخذ مجلس مراقبة الاستقرار المالي "المخاطر التي قد تأتي في النظام مستقبلًا في الاعتبار". ويحضر بار اجتماعات مجلس مراقبة الاستقرار المالي لكنه لا يملك حق التصويت رسمياً في اللجنة.
انتهى زمن الإنقاذ
يرجع إنشاء المجلس إلى قانون دود - فرانك لعام 2010، حيث سعى الكونغرس إلى منع عمليات الإنقاذ، مثل التي تم تقديمها لبنك "أميريكان أنترناشونال غروب" وبنك "بير ستيرنز" أثناء الأزمة المالية في 2008، وسمح للمجلس بإخضاع الشركة المالية المحفوفة بالمخاطر لرقابة أكثر تدخلاً، في حالة إقرار الجهات التنظيمية أن فشلها قد يعرّض الاقتصاد للخطر.
وضع مجلس مراقبة الاستقرار المالي خلال إدارة أوباما تصنيف للمؤسسة المالية التي تؤثر في النظام ومن بينها 4 شركات كبيرة هي: "جي إي كابيتال"، وشركات التأمين العملاقة "برودينشال فايننشال" و"أميريكان إنترناشونال غروب" و"ميتلايف" كما تم التدقيق في شركات أخرى، من بينها "بلاك روك" و"بيركشاير هاثاواي" رغم إقرار الجهات التنظيمية بنهاية المطاف أن الشركات ليست مؤهلة لتصنيفها مؤسسات مالية هامة للنظام، لكن التصنيف أصبح خطر يهدد عمالقة وول ستريت.
تقليص الأعمال
بعد تصنيف مجلس مراقبة الاستقرار المالي المؤسسات غير المصرفية الأربع، قامت كلاً من "جي إي كابيتال" و"أميريكان انترناشونال غروب" بتقليص بعض الشركات والتخلص منها، ما دفع لجنة المخاطر إلى رفعهما من التصنيف في 2016 و2017 على التوالي.
كذلك قلّصت "ميتلايف" أعمالها وأقنعت قاضياً فيدرالياً بإلغاء التصنيف في 2016 ورفعت إدارة ترامب التصنيف عن الشركة الرابعة "برودينشال" في 2018 وأكدت أن المسؤولين السابقين في عهد أوباما اعتمدوا على تحليل خاطئ لشركة التأمين.
أصبح التخلص من تصنيف مؤسسات مالية هامة للنظام هدفاً للجمهوريين منذ فترة طويلة، الذين زعموا أن إدارة أوباما استخدمت سلطة التصنيف بشكل تعسفي، وشوهت الأسواق المالية من خلال صنع شركات "أكبر من أن يسمح لها أن أ بالإفلاس".
مؤسسات تريليونية
صوتت إدارة ترامب، تحت قيادة وزير الخزانة آنذاك، ستيفن منوشين في 2019 لصالح تغيير القواعد الداخلية للجنة الرقابة المالية، مما قلل من إمكانية وصف المجلس للمؤسسات غير المصرفية بأنها مؤسسات مالية هامة للنظام.
في الواقع، بدأت الجهات التنظيمية التي أوكلت إليها إدارة بايدن بالمهمة في اتخاذ خطوات لكبح جماح الصناديق المشتركة، وسط مطالبات من محافظي البنوك المركزية وصندوق النقد الدولي، للحد من تعرض الصناديق للمخاطر التي قد يتعرض لها المستثمرون عند تراجعات الأسواق المالية. واقترحت لجنة الأوراق المالية والبورصات مطلع هذا الشهر، قواعد جديدة تهدف للحماية من مخاطر احتمال بيع صندوق الاستثمار المشترك حيازاته الأكثر سيولة في حالة التعرض لموجة من طلبات الاسترداد.
وأشار رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات، غاري غينسلر إلى أن إجمالي أصول الصناديق التحوطية، وما يسمى بالصناديق الخاصة نمت بسرعة خلال السنوات الأخيرة لتبلغ نحو 21 تريليون دولار، أقل بتريليوني دولار فقط عن أصول البنوك التجارية.
كما حذر المسؤولون من مخاطر محتملة تمكن في العملات المشفرة، حيث أصبح القطاع مرتبطًا بالنظام المالي الأوسع. وسبق تلك المخاوف انهيار بورصة "إف تي إكس" للعملات المشفرة غير الخاضعة للتنظيم في الولايات المتحدة.
وقال ديفيد بورتيلا، المحامي في شركة "كرافيث سوينغ آند مور" للخدمات القانونية، الذي عمل لصالح مجلس مراقبة الاستقرار المالي خلال إدارة أوباما: "قد ترغب الإدارة مع تصاعد المخاطر غير المصرفية بالاهتمام أكثر، والاستفادة القصوى من الأدوات المتاحة لمعالجتها".
المصدر: وول ستريت جورنال