أعلنت هيئة قناة السويس المصرية، يوم الثلاثاء، عن إطلاق خدمات بحرية ولوجستية جديدة تهدف إلى تطوير الخدمات المقدمة للسفن العابرة. هذه الخطوة أثارت تساؤلات حول أهميتها في استعادة إيرادات الشريان المائي الأهم في العالم، والتي تأثرت بالتوترات العسكرية في المنطقة.
وتراجعت إيرادات القناة إلى 7.2 مليار دولار في العام المالي 2023-2024، مقارنةً بـ9.4 مليار دولار في العام المالي 2022-2023. حسب بيانات قدمها أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس.
يتوقع مستشار النقل البحري وخبير اقتصادات النقل ودراسات الجدوى أحمد الشامي،متحدثا لـ«إرم بزنس» أن يستمر انكماش إيرادات قناة السويس خلال العام المالي الممتد من 1 يوليو 2024 حتى 30 يونيو 2025. وأكد أنه من المتوقع ألا تتجاوز الإيرادات 7 مليار دولار، وذلك بسبب حالة عدم اليقين التي تسود العالم بشأن انتهاء التوترات الجيوسياسية في المنطقة.
وأكد أن الفترة التي سبقت السابع من أكتوبر 2023 شهدت تدفقاً مالياً كبيراً لقناة السويس، وكانت التوقعات تشير إلى إمكانية تحقيق إيرادات تصل إلى 11 مليار دولار عن السنة المالية السابقة الممتدة من 1 يوليو 2023 حتى 30 يونيو 2024. قبل اندلاع الحرب، كان عدد السفن المارة بالقناة يتراوح بين 85 و90 سفينة يومياً، بينما انخفض هذا العدد حالياً إلى 20-30 سفينة فقط.
وأوضح أنه يجب على الهيئة أن تقدم خدمات لوجستية إضافية، إما من خلال شركاتها الخاصة أو بالتعاون مع القطاع الخاص. ومن الأمثلة التي ذكرها الشامي استغلال الترسانات الموجودة في شرق بورسعيد والسويس، حيث يمكن إضافة نشاط صيانة الحاويات، وهو نشاط غير موجود حالياً في مصر. ولكنه يمكن أن يسهم في تحقيق إيرادات دولارية كبيرة. وأكد أن هيئة قناة السويس تمتلك كافة العوامل اللازمة لهذا النشاط، من موارد بشرية ومالية، باستثناء الآلات المطلوبة.
واعتبر مستشار النقل البحري أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل عدة أعوام، لإنشاء صندوق خاص بالهيئة كان قراراً صائباً، حيث استفادت الهيئة من هذا الصندوق بعد تعرضها لخسائر في نوفمبر 2007 عقب اندلاع الحرب في الشرق الأوسط.
كما أشار الشامي إلى أن العديد من الشركات الكبرى في العالم قامت خلال الفترة الماضية بالاستثمار في بعض الموانئ الأفريقية لتكون بديلاً لقناة السويس، مثلما حدث في جيبوتي والصومال. وأكد أنه حتى في حال انتهاء التوترات في البحر الأحمر، ستحتاج هذه الشركات من 5 إلى 6 أشهر للعودة مجدداً لتمرير سفنها عبر قناة السويس.
في يوليو الماضي، كشف البنك المركزي المصري أن إيرادات قناة السويس قد انخفضت إلى 5.8 مليار دولار خلال الفترة من يوليو 2023 حتى مارس 2024، مقارنةً بـ6.2 مليار دولار في الفترة نفسها من العام المالي السابق 2022-2023.
يقول الخبير الاقتصادي المصري سمير رؤوف، لـ«إرم بزنس» إن القناة يمكن ان تنتعش باستغلال إعلان دول مثل الصين وروسيا عن ضخ استثمارات في قناة السويس، ليتم تحويل جزء من المنطقة إلى مركز عالمي للتصنيع وإعادة تدوير بعض البضائع التي تحتاجها دول إفريقيا وشرق آسيا. ورأى أن عمليات التصنيع ستساعد على تعويض جزء كبير من الخسائر المالية التي تتعرض لها القناة في ظل استمرار التوترات العسكرية في البحر الأحمر.
وأضاف رؤوف أن السبب الرئيس وراء توقيت الإعلان عن هذه التحديثات الجديدة يعود إلى ما عانت منه التجارة العالمية طيلة العام الماضي من تداعيات التوتر الجيوسياسي في المنطقة، والتي أدت إلى خسائر طالت العديد من الدول، بما في ذلك مصر وأوروبا والصين، نتيجة توقف العديد من السفن التجارية العابرة لقناة السويس.
ولفت أن المرور عبر قناة السويس يوفر الطاقة وتكاليف الشحن مقارنةً بأي طرق بديلة كانت تفكر فيها بعض الدول، حيث إن حركة التبادل التجاري عبر القناة تستغرق أقل بـ13 يوماً من أقرب منافسيها، وهو فارق زمني كبير يؤدي إلى ارتفاع التكلفة الإجمالية لنقل البضائع من أوروبا إلى شرق آسيا وأفريقيا، وما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية على حركة التجارة العالمية.
وكشف مكتب الإحصاءات الوطني في بريطانيا أن تحويل مسارات السفن التجارية من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الصالح أدى إلى زيادة أسعار الحاويات المتجهة إلى أوروبا بنسبة تزيد عن 300% في بداية التوترات العسكرية في المنطقة.
وذكر مصدر مسؤول في هيئة قناة السويس لـ«إرم بزنس» أن مصر تسعى حالياً إلى جعل قناة السويس مركزاً إقليمياً قادراً على تقديم خدمات لكافة السفن العابرة، للحفاظ على سلاسل الإمداد العالمية، من خلال توفير خدمات صيانة السفن وإصلاح الأعطاب التي قد تحدث فيها. كما أشار إلى تقديم خدمة جديدة تُعرف بالإسعاف البحري، والتي تُعتبر أشبه بمستشفى بحري متواجد في القناة.
يُذكر أن مكتب الإحصاءات الوطني في بريطانيا أشار إلى أن حركة الشحن عبر قناة السويس تراجعت بنسبة 66% من ديسمبر 2023 حتى أبريل من العام الحالي.
وفي بداية العام الحالي، قررت هيئة قناة السويس تفعيل خصومات على الرسوم لمجموعة من السفن التي تقوم برحلات تجارية طويلة المدى، حيث تصل بعض الخصومات إلى 75%.
هذه الخصومات سارية حتى نهاية العام 2024، وتستفيد منها 12 فئة من السفن الناقلة للبضائع وناقلات الخام والغاز الطبيعي المُسال بين الأميركيتين وآسيا.