تشهد المملكة العربية السعودية نهضة سياحية غير مسبوقة، مدفوعة برؤية 2030، المبادرة الطموحة التي أطلقت عام 2016 لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
في 2024، استقبلت المملكة 30 مليون زائر دولي، بزيادة 9.5% عن 2023، مع إنفاق سياحي قياسي بلغ 41 مليار دولار، وفقاً لوزارة السياحة والبنك المركزي السعودي.
بدعم من مشاريع ضخمة مثل نيوم وقِدية، وتحسين الربط العالمي، وحملات تسويقية مبتكرة، تتحول السعودية إلى وجهة سياحية عالمية واعدة. ومع استعداد المملكة لعرض إنجازاتها في سوق السفر العربي (ATM) 2025 بدبي، تشير التوقعات إلى أن السياحة ستسهم بـ86 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، معززة التحول الاقتصادي.
حققت السياحة السعودية قفزات نوعية. في 2019، استقبلت المملكة 17.5 مليون زائر دولي، لكن الأعداد تراجعت إلى 3.48 مليون في 2020-2021 بسبب قيود كوفيد-19. بدأ التعافي في 2022 بـ16.4 مليون زائر، ثم ارتفع إلى 27.4 مليون في 2023. في 2024، سجلت الأشهر السبعة الأولى 17.5 مليون سائح، بزيادة 10% عن الفترة نفسها في 2023 و73% مقارنة بـ2019. ونمت السياحة الترفيهية بشكل لافت، حيث وصل عدد الزوار للعطلات إلى 4.2 مليون في الأشهر السبعة الأولى من 2024، بزيادة 25% عن 2023 و656% مقارنة بـ2019، مما يعكس نجاح المملكة في تنويع عروضها السياحية بعيداً عن السياحة الدينية.
أسهمت السياحة بشكل كبير في الاقتصاد. تراجع إنفاق السياح الدوليين من 27.8 مليار دولار في 2019 إلى 3.9 مليار دولار في 2021 بسبب الجائحة، لكنه تعافى إلى 36.1 مليار دولار في 2023، ووصل إلى 41 مليار دولار في 2024، محققًا فائضًا في ميزان السفر بقيمة 13.26 مليار دولار. كما نمت مساهمة القطاع في الناتج المحلي من 35.2 مليار دولار في 2019 إلى 44.4 مليار دولار في 2023. ومن المتوقع، بدعم من مشروعات سياحية جديدة وأحداث عالمية، أن تصل هذه المساهمة إلى 86 مليار دولار في 2025، وفقًا لمجلس السفر والسياحة العالمي (WTTC).
أصبحت السياحة محركًا رئيسيًا للتوظيف، حيث وفرت 2.5 مليون وظيفة في 2023، مقارنة بـ1.8 مليون في 2019 و1.5 مليون خلال الجائحة.
ويدعم القطاع أهداف رؤية 2030 لتقليص البطالة، خاصة من خلال فرص في الضيافة، الترفيه، والسياحة الثقافية.
على سبيل المثال، يقول محمد الغامدي، صاحب فندق في الرياض: «شهدنا زيادة بنسبة 30% في الحجوزات بفضل المهرجانات الثقافية الجديدة».
تعتمد استراتيجية السياحة على مشاريع رائدة. نيوم، المدينة الذكية بقيمة 500 مليار دولار، تجمع بين الابتكار والطبيعة المستدامة. قِدية، وجهة ترفيهية بـ10 مليارات دولار، تقدم متنزهات ومرافق رياضية. مشروع البحر الأحمر، الذي يضم أكثر من 90 جزيرة، يركز على السياحة الفاخرة والبيئية مع التزام بالاستدامة. هذه المشاريع، التي يدعمها صندوق الاستثمارات العامة، تهدف إلى جذب 150 مليون زائر سنويًا بحلول 2030، منهم 70 مليون دولي.
يعزز تحسين الربط العالمي هذه الطموحات. طيران الرياض، الناقل الوطني الجديد، سيبدأ عملياته في الربع الثالث من 2025، ليربط المملكة بأكثر من 100 وجهة. كما أن تأشيرة سياحية موحدة لدول مجلس Angon السفر لدول الخليج، والتي اقترحت في 2024، ومن المتوقع إطلاقها في 2025، ستعزز السياحة الإقليمية. في سوق السفر العربي 2025 (28 أبريل - 1 مايو، دبي)، ستعرض السعودية جناحًا موسعًا بنسبة 16%، بمشاركة هيئة السياحة وطيران الرياض، لتسليط الضوء على هذه التطورات.
يتوقع أن يصل سوق الفنادق إلى 2.65 مليار دولار في 2025، بنسبة انتشار 28.9%، سترتفع إلى 34.6% بحلول 2029، وفقًا لـ Statista. بحلول 2029، سيصل متوسط الإيرادات لكل مستخدم إلى 373 دولارًا، مع 86% من الإيرادات عبر المبيعات الإلكترونية، مما يعكس التكيف مع الاتجاهات الرقمية.
تواجه السعودية منافسة قوية من دول مثل الإمارات وقطر، التي تتمتع ببنية تحتية سياحية متطورة. كما تشكل الاضطرابات الإقليمية وقيود ثقافية، مثل حظر الكحول، تحديات أمام جذب السياح الغربيين. لمواجهة ذلك، تتبنى المملكة إصلاحات ثقافية، مثل تسهيل قواعد اللباس وزيادة مشاركة النساء في سوق العمل، إلى جانب استضافة فعاليات عالمية وشراكات مع علامات مثل هيلتون. كما تعمل على معالجة مخاوف الاستدامة في مشاريع مثل البحر الأحمر، التي تتبنى ممارسات بيئية متقدمة.
يتوقع أن ينمو سوق السياحة بنسبة 3.51% سنويًا حتى 2029، ليصل إلى 4.7 مليار دولار، مع إيرادات متوقعة بـ4.1 مليار دولار في 2025. هدف جذب 150 مليون زائر بحلول 2030، بدعم من استثمارات استراتيجية، يبدو طموحًا لكنه قابل للتحقيق. لم تعد السعودية مجرد وجهة للحج، بل وجهة عالمية للسياحة الترفيهية والثقافية.