وتزايدت الإثارة عندما وصل ليونيل ميسي إلى هونغ كونغ الأسبوع الماضي مع فريقه إنتر ميامي، لخوض مباراة ودية ضد مجموعة مختارة من اللاعبين المحليين. وتم طلاء المدينة باللون الوردي بألوان الفريق مع تدفق عشرات الآلاف من المشجعين إلى الشوارع، وإلى الملعب الرئيسي في هونغ كونغ، ودفع كثيرون أسعاراً باهظة — تصل إلى 620 دولاراً — للحصول على تذاكر لمشاهدة المايسترو الأرجنتيني وهو يلعب.
إلا أنه لم يفعل.
وحضر ما يقرب من 40.000 شخص مواجهة إنتر ميامي، التي بيعت تذاكرها بالكامل يوم الأحد، ولكنهم لم يتمكنوا من رؤية نجمهم المفضل وهو يلعب. وبدلاً من ذلك، رأوا ميسي على مقاعد البدلاء، حيث قال مدرب الفريق إن هناك مخاطرة بتفاقم الإصابة، التي تعرض لها مؤخراً.
وعلى الرغم من أن غياب اللاعبين المصابين عن المباريات جزء من الرياضة، لكن غياب ميسي أثار موجة من الغضب الشعبي، وأعربت الحكومة عن استيائها من منظمي المباراة، الذين وعدوا بأن يقدم ميسي أداءً مميزاً على أرض الملعب.
وأطلقت الجماهير صيحات استهجان ضد ميسي، والمالك المشارك لإنتر ميامي، نجم كرة القدم المعتزل ديفيد بيكهام بعد المباراة، ولجأ الكثيرون إلى وسائل التواصل الاجتماعي لاتهام المنظمين بالاحتيال.
وأمضى تشان وينغ-هيم، وهو شاعر ومغنٍ وأحد مشجعي ميسي منذ وقت طويل، والذي اصطحب ولديه لرؤية اللاعب الرياضي، حوالي ثلاث ساعات بعد المباراة، وهو يحاول مواساة ابنه الأكبر، الذي رفض تناول الطعام، وقال إنه لن يشاهد كرة القدم مرة أخرى أبداً.
وقال تشان البالغ من العمر 37 عاماً: "بعد المباراة، قال ابني: يا أبي، لقد كذبت علي. كان الأمر مفجعاً". "كانت التجربة برمتها عبارة عن إثارة، تطورت ببطء إلى قلق، وفي النهاية خيبة أمل لا نهاية لها."
واعتذر جيراردو مارتينو، المدير الفني لإنتر ميامي، عن غياب ميسي، الذي أرجعه للإصابة، وطلب من الجماهير تفهمهم.
وقالت حكومة هونغ كونغ، التي عرضت ما يعادل حوالي 2 مليون دولار لتمويل المباراة، إنها "تشعر بخيبة أمل شديدة" لعدم حضور ميسي، وتعهدت باستعادة بعض الأموال - التي وعدت بها كجزء من جهود المدينة، لتجديد نشاطها وتحسين صورتها الدولية المتضررة، وتنشيط الاقتصاد المحلي الراكد.
وتبذل هونغ كونغ قصارى جهدها لتعزيز السياحة، التي تضررت من الاحتجاجات الحاشدة المناهضة للحكومة في عام 2019، وسنوات من القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا. كما أضر قانون الأمن الوطني الذي فرضته بكين في عام 2020، بمشاعر المسافرين من رجال الأعمال الغربيين.
وسجلت المدينة حوالي 34 مليون وافد في العام الماضي، وفقاً لبيانات الهجرة في هونغ كونغ، وهو انتعاش عن السنوات الثلاث السابقة، ولكنه لا يزال بالكاد أكثر من نصف إجمالي الوافدين في عام 2018. كما تباطأ المستثمرون في المدينة وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي 9% هذا العام، بعد أربع سنوات متتالية من الانخفاض.
أحد الجهود المبذولة لإحياء ثروات المدينة المتدهورة أطلق عليها اسم "هونغ كونغ السعيدة"، وهي حملة تم إطلاقها العام الماضي لترتيب أنشطة ترفيهية وثقافية للمقيمين "للاستمتاع بلحظات سعيدة معًا"، وتحفيز الاقتصاد.
وتزايد القلق بشأن صورة هونغ كونغ على المستوى الدولي في الآونة الأخيرة، بعد أن كشفت المغنية سويفت أن جولتها الحالية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تشمل محطات في سنغافورة واليابان وأستراليا، ولكن ليس في هونغ كونغ.
ودعا أحد المشرعين في هونغ كونغ الحكومة، إلى العمل مع القطاع الخاص، لإقناع النجوم مثل سويفت وبيونسيه بإقامة حفلات موسيقية في المدينة، لجني الفوائد الاقتصادية "التي نراها في أماكن أخرى".
وقال كيفن يونغ، وزير الثقافة والرياضة والسياحة في هونغ كونغ، للصحفيين، إن الحكومة اشترطت، في موافقتها على المساعدة في تمويل مباراة إنتر ميامي، أن يلعب ميسي 45 دقيقة على الأقل، باستثناء أي أسباب تتعلق بالسلامة أو الصحة لعدم القيام بذلك، وأضاف أن الحكومة لم تدفع الأموال بعد للمنظمين.
وقال يونغ إن شركة تاتلر آسيا المنظمة للمباراة طمأنت الحكومة، قبل المباراة بأن ميسي سيلعب في الشوط الثاني.
وبعد المباراة، التي فاز فيها ميامي بنتيجة 4-1، قالت تاتلر إنها لم تكن تعلم مسبقًا أن ميسي سيغيب عن المباراة، وأعربت عن خيبة أملها.
وقالت شركة تاتلر في بيان لها يوم الاثنين، إنها قررت في النهاية سحب طلبها للحصول على منحة مالية من حكومة هونغ كونغ. وقالت: "تأسف شركة تاتلر آسيا بشدة، للنهاية المخيبة للآمال لهذه المناسبة المثيرة".
وبدأت المخاوف بشأن احتمالية مشاركة ميسي في اللعب، بعد تعرضه لإصابة خلال جولة في السعودية الأسبوع الماضي، حيث لعب معظم فترات المباراة الأولى، لكنه شارك فقط كبديل لفترة قصيرة في المباراة الثانية.
ومع ذلك، قال مارتينو، مدرب إنتر ميامي، للصحفيين، إن ميسي سيلعب "أكبر عدد ممكن من الدقائق" في هونغ كونغ. وظهر اللاعب في حصة تدريبية يوم السبت، في إستاد هونغ كونغ، حيث هتف عشرات الآلاف من الأشخاص بحضوره.
وانطلقت المباراة وارتدى مشجعو ميسي قمصان النادي الوردية والخطوط الأرجنتينية التقليدية باللونين الأزرق والأبيض. لكن مع مرور الدقائق تحولت الأجواء الاحتفالية للجمهور لشعور بالقلق، ومن ثم الغضب. وعندما انطلقت صافرة النهاية، وكان ميسي لا يزال يرتدي سترته الوردية على مقاعد البدلاء، تعرض ميسي لصيحات استهجان كبيرة منهم.
وكانت من بين الجماهير ليونغ تشاي يان، ابنة السياسي والعضو السابق في مجلس هونغ كونغ التنفيذي ساي ليانغ، التي شنت بعدها هجوماً لاذعاً على وسائل التواصل الاجتماعي ضد ميسي.
وكتبت على إنستغرام: "أعتبر نفسي واحدة من الأشخاص المحظوظين للغاية، الذين حصلوا على تذكرة المشاهدة عن طريق المعارف". "ولكن تم خذلان المشجعين المخلصين، الذين أنفق الكثير منهم فقط لرؤيتك تلعب أمامهم."
وعلى موقع X، نشر أحد المستخدمين "خريطة حرارية" لميسي - يوضح موقعه الأكثر شيوعًا على أرض الملعب - والذي أظهر الأرجنتيني لم يتزحزح عن مقاعد البدلاء.
وفي الملعب، أطلق المشجعون المحبطون صيحات الاستهجان وهتفوا "wui seoi"، وهي العبارة، التي تشير إلى استرداد الأموال.
وقال آندي هوي، الذي أحضر والده البالغ من العمر 65 عاماً إلى المباراة، إن الحادث من المرجح أن يؤثر على قرارات الناس، بشأن حضور أحداث كبيرة أخرى في هونغ كونغ.
وقال الرجل البالغ من العمر 32 عاماً: "الأمر ليس جيدًا لهونغ كونغ من أي جانب"، "سوف يفكر الناس مرتين قبل أن يحجزوا لفعالية أخرى."