logo
اقتصاد

شهادات الادخار في مصر.. هل اقتربت نهاية عصر الفائدة المرتفعة؟

شهادات الادخار في مصر.. هل اقتربت نهاية عصر الفائدة المرتفعة؟
رجل يحمل أوراق نقدية من الجنيه المصري أمام ماكينة الصراف الآلي لبنك مصر، الغردقة، 07 فبراير 2020.المصدر: غيتي إيمجز
تاريخ النشر:20 أكتوبر 2024, 04:07 م

في قرارات مفاجئة لكثيرين من المدّخرين في مصر، خفضت مجموعة من البنوك الكبرى خلال الأيام الماضية، أسعار الفائدة على شهادات الادخار بالعملة المحلية والدولار.

هذه الخطوة أثارت تساؤلات حول مستقبل هذا المنتج الذي طالما كان ملاذاً آمناً لأصحاب المدخرات، خلال السنوات الماضية التي تزامنت مع تحرير سعر الصرف في نوفمبر 2016، وسياسة التشديد النقدي لمواجهة التضخم.

4 بنوك يخفضون أسعار الفائدة

قبل أيام، أعلن بنك (HSBC) مصر عن خفض سعر الفائدة على الشهادة الثلاثية ذات العائد الثابت بمقدار 1.5%، ليصبح العائد الشهري 20.5% بدلًا من 22%، حسب ما ورد على موقع البنك.

وخفّض البنك التجاري الدولي (CIB)، وهو أكبر بنك في القطاع الخاص المصري، أسعار الفائدة بمقدار 2% على ثلاث أنواع من شهادات الادخار ذات العائد الثابت، وفقاً لموقعه الإلكتروني، كذلك خفض بنكا الأهلي المصري ومصر، أكبر بنكين حكوميين، الفائدة على شهادات الادخار الدولارية لأجل 3 سنوات بنحو 0.50%.

وتأتي هذه القرارات في وقت يتزايد فيه الحديث عن احتمالية توجه البنك المركزي المصري إلى خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل 2025، إذ توقع تقرير صادر عن "فيتش سوليوشنز" أن تخفض السلطات أسعار الفائدة بنحو 12% على مدار عام 2025 بشكل تراكمي.

يرى عدد من الخبراء المصرفيين والاقتصاديين تحدثوا مع «إرم بزنس»، أن هذه الخطوات قد تكون مؤشراً على نهاية عصر الفائدة المرتفعة على شهادات الادخار، خاصة مع توقعات بأن يتجه البنك المركزي المصري إلى خفض الفائدة في العام 2025.

ووفقاً لبيانات البنك المركزي المصري، تبلغ إجمالي قيمة شهادات الادخار وودائع المصريين الآجلة نحو 5.5 تريليون جنيه (114 مليار دولار)، وهي تمثل 78.3% من إجمالي المدخرات بالعملات المحلية لدى البنوك المصرية حتى يونيو الماضي.

أخبار ذات صلة

وزراة المالية المصرية تطرح أذون خزانة بـ 1.03 مليار دولار

وزراة المالية المصرية تطرح أذون خزانة بـ 1.03 مليار دولار

تزايد الضغوط على السيولة

بحسب الخبير المصرفي محمد عبد العال، توجد توجهات واضحة نحو خفض أسعار الفائدة على شهادات الادخار، وسط تزايد الضغوط على السيولة النقدية بسبب مدفوعات عوائدها، ما دفع بعض البنوك إلى إعادة النظر في أسعار الفائدة على شهادات الادخار.

وفي حديث مع «إرم بزنس» يقول عبد العال، إنه مع تحقيق مستهدفات الدولة بخفض معدلات التضخم في العام 2025، تتزايد التوقعات ببدء دورة تيسير نقدي جديدة، وتتضمن خفض أسعار الفائدة تدريجياً لدعم النمو الاقتصادي وتشجيع الاستثمار.

يوضح الخبير المصرفي أن التخلي عن سياسة التشديد النقدي التي تزامنت مع رفع الفائدة قد تؤدي إلى تحفيز الطلب على الاقتراض، ولكنها في الوقت نفسه قد تحد من جاذبية شهادات الادخار بوصفها أداة استثمارية للمدخرين الباحثين عن عوائد مضمونة ومرتفعة.

ووسط توقعات بخفض البنك المركزي أسعار الفائدة في 2025، يبدو أن البلاد تشهد تحولاً تدريجياً بعيداً عن شهادات الادخار مرتفعة العائد التي كانت ركناً أساسياً في خيارات الادخار خلال السنوات الماضية.

منذ سبتمبر عام 2014 ومع طرح شهادات قناة السويس الادخارية بفائدة 12% ولمدة 5 سنوات من قبل 4 بنوك هي الأهلي ومصر والقاهرة وقناة السويس، ومع إجراء تحرير في سعر صرف في 3 نوفمبر 2016، وارتفاع الدولار إلى 13 جنيهاً مقابل 8 جنيهات، واتباع البنك المركزي سياسة التشديد النقدي برفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم، بدأت البنوك المصرية تتسابق لطرح شهادات ادخار بعوائد مرتفعة، لجذب السيولة وتوسيع قاعدة عملائها وصلت إلى 30%.

توقعات بتراجع التضخم

بدوره، قال الخبير المصرفي أحمد آدم، إن توجه البنوك لخفض فوائد شهادات الادخار، سواء أكانت بالعملة المحلية أم الدولارية مؤخراً، يعكس تحسباً لتحركات البنك المركزي التي يرجح أن يبدأ في خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل.

وأضاف آدم، في تصريحات لـ«إرم بزنس»، أنه مع نجاح الحكومة في خفض معدلات التضخم عن المستويات القياسية التي سجلها في الربع الأخير من العام 2023 واقتربت من 40% إلى 26.4% في سبتمبر الماضي، وتوقعات تخفيف السياسات النقدية، فإن الفائدة المرتفعة على الشهادات ستصبح أمراً صعباً للحفاظ عليه.

ومساء الخميس الماضي، قالت لجنة السياسات النقدية في بيان للبنك المركزي، إن التراجع التدريجي لتضخم السلع الغذائية، بجانب تحسن توقعات التضخم منذ بداية العام، يشير إلى استمرار التضخم في مساره النزولي، وإن كانت وتيرته مقيدة بفعل إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة.

وتتوقع اللجنة ذاتها أن ينخفض معدل التضخم بدءاً من الربع الأول من عام 2025 مع تحقق التأثير التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس.

بينما توقع بنك الاستثمار الأميركي "غولدمان ساكس" أن يسجل معدل التضخم في مصر 22% على أساس سنوي بنهاية العام الجاري 2024، على حين توقعت شركة "فيتش سوليوشنز للأبحاث" تراجع معدل التضخم في البلاد إلى 12.3% في يونيو 2025.

أخبار ذات صلة

مصر تبحث مع «البنك الدولي» تمويل المرحلة الثانية من سياسات التنمية

مصر تبحث مع «البنك الدولي» تمويل المرحلة الثانية من سياسات التنمية

تحوّل كبير في شهادات الادخار

شهادات الادخار ذات الفائدة المرتفعة كانت هي الخيار المفضل للمستثمرين الأفراد الذين يبحثون عن عائد ثابت وآمن، ولكن مع التوجهات الأخيرة لخفض الفائدة، يبدو أن هذا العصر قد يشهد تحولًا كبيرًا، وفق الخبير الاقتصادي بلال شعيب.

ويشير شعيب، في حديث مع «إرم بزنس»، إلى أنه مع توقعات خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة خلال عام 2025، تظهر علامات واضحة على أن السياسات النقدية في مصر قد تتجه نحو التيسير النقدي، موضحاً أن هذه الخطوة تأتي في محاولة لدعم النمو الاقتصادي وجذب مزيد من الاستثمارات.

البحث عن بدائل استثمارية

بالنسبة للمدخرين، يعدُّ خفض الفائدة على شهادات الادخار ضربة قاسية، خاصة لأولئك الذين يعتمدون على هذه الشهادات بوصفها مصدر دخل ثابتاً، ومع استمرار الاتجاه نحو خفض الفائدة، قد يجد كثير من المودعين أنفسهم يبحثون عن بدائل استثمارية أكثر ربحية، وفق شعيب

ومن هذه البدائل، الاستثمار في السندات التي قد تظل تقدم عوائد ثابتة، ولكن بمخاطر أقل نسبياً، بالإضافة إلى ذلك، قد تجد بعض الفئات من المدخرين في الأصول المالية الأخرى مثل الأسهم أو العقارات أو الذهب أو العملات الأجنبية بوصفها بدائل مناسبة.

دعم النمو وتحفيز الاستثمار

على الرغم من أن خفض أسعار الفائدة على شهادات الادخار قد يكون له تأثير سلبي على المدخرين، فإنه يحمل بعض الإيجابيات للاقتصاد الكلي، فعندما تنخفض الفائدة، يصبح من الأسهل للشركات والمستثمرين الحصول على تمويل بتكلفة أقل، ما يعزز من فرص النمو الاقتصادي ويحفز الاستثمار في قطاعات مختلفة.

ويرى شعيب أن خفض الفائدة يعد دافعاً لنقل الأموال من الأدوات الادخارية إلى الاستثمارات الأكثر إنتاجية، ما يدعم نمو الاقتصاد من خلال تشجيع الاقتراض والاستثمار، كما أنه يساعد في تعزيز الإنفاق الاستهلاكي، ما ينعكس بشكل إيجابي على معدلات النمو الاقتصادي.

ويرى أن الاقتصاد المصري حالياً بحاجة إلى سياسات تدعم النمو، وخفض الفائدة يعد أحد هذه الأدوات، ولكنه أشار إلى أن البنوك بحاجة إلى تقديم منتجات مالية جديدة لتعويض الفئات المتأثرة من خفض أسعار الفائدة على شهادات الادخار.

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC