وفي غضون ذلك كان من المقرر أن تسيطر على تداولات اليوم مناقشة تقرير ميزانية الكربون العالمية، الذي يحدد مدى التقدم الذي أحرزته دول العالم في كبح الانبعاثات الكربونية، الذي كشف عن بيانات دون التوقعات، وهو الأمر الذي سيفرض نفسه بقوة على طاولة المفاوضات في كوب 28، وفقًا لفريد لينجستاين كبير العلماء المشاركين في وضع التقرير.
سيتعين على الزعماء المجتمعين في كوب 28 الاتفاق على تخفيضات سريعة في انبعاثات الوقود الأحفوريفريد لينجستاين
وبعد حزمة من التعهدات الضخمة التي شهدها مؤتمر كوب 28 المنعقد في الإمارات، يبدو أن واضعي السياسة في العالم يواجهون اختبارًا صعبًا بعدما جاءت بيانات تقرير ميزانية الكربون العالمية سلبية للغاية.
وبعد أيام شهدت عددا من التعهدات المالية، سيتحول مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) اليوم الثلاثاء إلى الطاقة والوقود الأحفوري الذي يمثل نقطة التوتر الرئيسية في قمة هذا العام المنعقدة في دبي.
وبينما يواصل المفاوضون من الدول النقاش حول ما إذا كان ينبغي للوثيقة النهائية للقمة أن تتضمن تعهدا من البلدان بالخفض التدريجي لاستخدام الوقود الأحفوري.
ويعد هذا المطلب رئيسيا من الدول الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، ستستضيف الإمارات اجتماعا لوزراء الطاقة لبحث تطوير وقود الهيدروجين.
وكان المشاركون يترقبون أن يصدر تقرير علمي عن اتجاهات الانبعاثات خلال عام 2023، ليوضح ما إذا كان العالم قد حقق أي تقدم هذا العام في خفض انبعاث الغازات الدفيئة.
من المتوقع أن تصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري إلى مستوى قياسي هذا العامتقرير ميزانية الكربون
وأفاد تقرير ميزانية الكربون العالمية، الذي نُشر اليوم الثلاثاء خلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28)، بأن إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي وصلت إلى مستوى قياسي العام الماضي، استقرت في عام 2023 بسبب انخفاض طفيف في عمليات استخدام الأراضي مثل إزالة الغابات.
وخلص التقرير الذي أعده علماء من أكثر من 90 مؤسسة منها جامعة إكستر إلى أنه من المتوقع أن تطلق الدول إجمالي 36.8 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري في عام 2023، بزيادة 1.1 % عن العام الماضي.
وقال فريدلينجستاين: "سيتعين على الزعماء المجتمعين في كوب 28 الاتفاق على تخفيضات سريعة في انبعاثات الوقود الأحفوري حتى للحفاظ على هدف الدرجتين المئويتين".
ووفقًا للتقرير فإنه عندما نضيف انبعاثات استخدام الأراضي، فمن المتوقع أن يصل إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية إلى 40.9 مليار طن هذا العام.
وقال العلماء المشاركون في وضع التقرير: "إنه من المتوقع أن تصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري إلى مستوى قياسي هذا العام، مما سيؤدي إلى تفاقم تغير المناخ وزيادة الظواهر الجوية المتطرفة المدمرة".
ووفقًا لتقرير ميزانية الكربون العالمية، الذي نُشر اليوم الثلاثاء ارتفعت الانبعاثات من الفحم والنفط والغاز جميعا، بقيادة الهند والصين.
وكانت الزيادة بالصين ناجمة عن إعادة فتح اقتصادها بعد الإغلاق خلال جائحة فيروس كورونا، في حين نتجت في الهند عن نمو الطلب على الطاقة بشكل أسرع من قدرة إنتاج الطاقة المتجددة في البلاد، مما جعل الوقود الأحفوري يسد النقص.
ويؤدي مسار الانبعاثات هذا العام لدفع العالم بعيدا عن هدف منع زيادة درجة حرارة الأرض بما يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، وفقًا لبيير فريدلينجستاين الأستاذ بجامعة إكستر
وقال البروفيسور بيير فريدلينجستاين الأستاذ بجامعة إكستر الذي قاد فريق علماء تقرير ميزانية الكربون العالمية: "يبدو الآن أنه لا مفر من أننا سنتجاوز هدف 1.5 درجة مئوية الخاص باتفاق باريس".
ويهدف اتفاق باريس للمناخ لعام 2015 إلى إبقاء الاحترار العالمي أقل بكثير من درجتين مئويتين واستهداف 1.5 درجة مئوية.
وقال العلماء إن "تجاوزه 1.5 درجة مئوية سيطلق العنان لتأثيرات أكثر خطورة ولا رجعة فيها، مثل الحرارة المميتة والفيضانات الكارثية وموت الشعاب المرجانية".
تجاوزه 1.5 درجة مئوية سيطلق العنان لتأثيرات أكثر خطورة ولا رجعة فيها، مثل الحرارة المميتة والفيضانات الكارثيةتقرير ميزانية الكربون
وفي غضون ذلك بلغ العدد المسجل للمشاركين في كوب 28 رقما قياسيا هو 86 ألفا، مما دفع البعض إلى الإشادة بالمشاركة العالمية المتزايدة في محادثات المناخ.
ودشن مؤتمر الأطراف COP28 مرحلة جديدة من العمل المناخي حيث جمع أكثر من 200 مليار درهم (57 مليار دولار) في أيامه الأربعة الأولى.
وقال سلطان بن أحمد الجابر رئيس كوب 28، إن العالم اجتمع في دولة الإمارات لتقديم نسخة استثنائية من مؤتمرات الأطراف، معرباً عن تطلعه إلى العمل مع المفاوضين خلال الأيام القادمة للبناء على هذا الزخم وتحقيق مزيد من الإنجازات لحماية البشرية وكوكب الأرض".
جاء ذلك تعليقاً على التعهدات التي أعلنتها حكومات وشركات ومستثمرون ومؤسسات خيرية بقيمة نحو 210 مليارات درهم “أكثر من 57 مليار دولار” خلال الأيام الأربعة الأولى من COP28.
وفي اليوم الأول من المؤتمر حدث اتفاق بالغ الأهمية لتفعيل صندوق عالمي يختص بالمناخ، والذي يركز على معالجة الخسائر والأضرار الناتجة عن تداعيات تغير المناخ.
وأعقب هذا الاتفاق التاريخي مجموعة من الإعلانات والتعهدات عبر جميع أولويات العمل المناخي، بما يشمل التمويل والصحة والغذاء والطبيعة والطاقة.
وأطلقت دولة الإمارات صندوقاً تحفيزياً بقيمة 110 مليارات درهم 30 مليار دولار، تحت اسم ألتيرّا، يركز على جذب وتحفيز التمويل الخاص في جميع أنحاء دول الجنوب العالمي.