تعمل دولة الإمارات على تطبيق لوائح جديدة تهدف إلى الحد من الانبعاثات الكربونية، وذلك في إطار مساعيها لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وتستعد الشركات العاملة في الإمارات للامتثال لهذه اللوائح، وهو ما يمثل فرصة للتحول إلى ممارسات أكثر استدامة. ومن جانب آخر، يتطلب الامتثال لهذه اللوائح استجابة سريعة وحلولًا مبتكرة، وهو ما يمكن أن يفتح المجال أمام الابتكار التقني والتشغيلي في القطاعات الصناعية.
تستهدف هذه اللوائح تقليص الانبعاثات الكربونية، وتدعو الشركات الكبرى التي تنتج 500,000 طن متري أو أكثر من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنوياً لتقديم تقارير مفصلة حول انبعاثاتها بحلول 28 يونيو المقبل. كما تشمل هذه اللوائح الانبعاثات المباشرة الناتجة عن العمليات (النطاق 1) والانبعاثات غير المباشرة الناتجة عن استهلاك الكهرباء (النطاق 2).
رغم أن الحد الأدنى للانبعاثات المستهدفة في الإمارات أعلى من بعض الدول الأخرى، إلا أن التركيز على الملوثين الرئيسيين في هذه المرحلة يعد خطوة هامة لتحقيق أقصى تأثير إيجابي على البيئة.
كما يوضح الخبير في وكالة الطاقة الدولية، نيكولاس هاورث: «هذا النهج يضمن التعامل مع أكبر الملوثين أولًا، مع تأجيل إدراج الملوثين الأصغر لتقليل التكاليف الأولية.»
تعد منصة تداول أرصدة الكربون أحد أبرز المبادرات التي يترقبها الجميع، حيث من المقرر أن تتيح للشركات الكبرى شراء أرصدة كربونية كجزء من جهودها لخفض الانبعاثات. ورغم أن التفاصيل المتعلقة بكيفية عمل المنصة لا تزال قيد النقاش، إلا أن هذه المنصة تتيح للشركات تخفيض انبعاثاتها إلى ما دون مستويات 2019؛ ما يمنحها فرصة للحصول على أرصدة كربونية قابلة للتداول، وهو ما يعزز الالتزام البيئي والتشجيع على تبني ممارسات خضراء.
وفقاً لشركة المحاماة العالمية «ريد سميث»، يمكن للشركات التي تخفض انبعاثاتها إلى ما دون خط الأساس لعام 2019 تسجيل هذه الانخفاضات والحصول على أرصدة كربونية قابلة للتداول.
ويتوقع خبراء أن تستغرق الشركات فترة تتراوح بين عام إلى عامين للامتثال الكامل للوائح الجديدة، مع إمكانية أن يستغرق تشغيل منصة تداول الكربون بين 5 إلى 10 سنوات بناءً على تجارب عالمية سابقة. كما تشير الباحثة ليو تان: «امتثال منصة تداول الكربون قد يستغرق الأمر من 5 إلى 10 سنوات لتحقيق تشغيل كامل بناءً على التجارب العالمية السابقة.»
فيما يتعلق بالغرامات، من المتوقع أن تصل إلى 6 ملايين درهم إماراتي (1.6 مليون دولار) على الشركات التي لا تلتزم باللوائح. ورغم ذلك، يعتقد الخبراء أنه من المهم تصميم نظام عقوبات متناسب مع حجم الانبعاثات الزائدة؛ ما يسهم في تعزيز الامتثال وتحفيز الشركات على اتخاذ إجراءات بيئية فعالة. كما أشار الخبير في «غرينبيس»، هيرويج شوستر، إلى أن «الغرامات يجب أن تكون متناسبة مع حجم الانبعاثات الزائدة، وإلا فقد تختار الشركات دفع الغرامة بدلًا من تقليل الانبعاثات.»
من المتوقع أن تؤثر هذه اللوائح بشكل مباشر على الصناعات ذات البصمة الكربونية العالية مثل الطاقة والبناء والنقل، حيث يتعين على الشركات في هذه القطاعات تقييم انبعاثاتها ووضع أنظمة رصد شاملة لضمان الامتثال، كما سيتعين على الشركات العائلية والمجموعات التجارية متعددة القطاعات تحديد بصمتها الكربونية عبر خطوط أعمالها المختلفة.
وفي هذا السياق، تؤكد أهمية توفير دعم مالي وتشغيلي أكبر للشركات الصغيرة التي تعمل في الصناعات كثيفة الكربون مثل الأسمنت، لضمان قدرتها على التكيف مع هذه المتطلبات البيئية الجديدة.