قفزت أرباح شركة النفط الوطنية السعودية الثلاثاء 39% الربع سنوية، حيث دعم ارتفاع أسعار النفط نمو الأرباح، التي تعزز تمويل المملكة خطة التحول الاقتصادي الطموحة داخلياً وتوسيع نفوذها الدبلوماسي في المنطقة.
أعلنت "أرامكو" (السعودية العربية للنفط) عن تحقيق صافي ربح 42.43 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، مقارنة بتسجيل 30.43 مليار دولار في نفس الفترة من العام الماضي، مدفوعة بارتفاع أسعار النفط الخام وحجم المبيعات.
تراجعت أرباح الشركة في الربع الثالث على أساس فصلي عقب الإعلان عن تسجيل أعلى صافي ربح ربع سنوي في الربع الثاني منذ بدء تداول أسهمها في البورصة السعودية في 2019. وقالت أرامكو إن الانخفاض في الأرباح يرجع لانخفاض أسعار النفط مقارنة بالربع الثاني وكذلك تراجع هوامش التكرير والمواد الكيميائية.
وقال الرئيس التنفيذي لـ"أرامكو"، أمين الناصر: "تأثرت أسعار النفط الخام العالمية خلال تلك الفترة باستمرار حالة عدم اليقين الاقتصادي، لكننا نرى في الأجل الطويل أن الطلب على النفط سيستمر في النمو لبقية العقد".
نمو سريع
تعد "أرامكو" أحد أكثر الشركات قيمة على مستوى العالم، حيث احتلت الصدارة لفترة وجيزة في مايو. وقد ساعد أداؤها في تعزيز النمو الاقتصادي السعودي رغم قلق الولايات المتحدة وأوروبا من الركود حيث عززت الحرب في أوكرانيا وتداعياتها من ارتفاع أسعار الطاقة أوضاع الدول البترولية التي عانت قبل سنوات فقط من سوق النفط الراكدة وتحول العالم إلى أنواع وقود أنظف.
يتوقع صندوق النقد الدولي أن تكون المملكة العربية السعودية واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم هذا العام، وتسجيلها معدل نمو 7.6%، الأسرع منذ نحو عقد من الزمان.
تستخدم المملكة العربية السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، الأموال لتعزيز اقتصادها والبدء في مشاريع التنمية الجذابة التي اقترحها ولي العهد محمد بن سلمان. وعلى الرغم من محاولة المملكة تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط من خلال إنشاء صناعات جديدة مثل السياحة والتعدين وتصنيع السيارات، إلا أن النفط لا يزال المحرك الرئيسي للاقتصاد.
ورغم تباطؤ ارتفاع أسعار النفط منذ الذروة التي بلغتها في مارس الماضي عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، لكنها ما تزال مرتفعة. وبينما بلغ سعر خام برنت، المؤشر العالمي لأسعار النفط في المتوسط 70.86 دولاراً للبرميل العام الماضي، و41.96 دولاراً العام الذي قبله. سجل في آخر تداول له 94.09 دولاراً للبرميل الثلاثاء الماضي.
توزيعات سخية
قالت أرامكو، التي تملك الحكومة السعودية حصة أغلبية فيها إنها ستدفع لمساهميها 18.8 مليار دولار توزيعات نقدية عن الربع الثالث. وازداد التدفق النقدي الحر للشركة ليسجل رقم قياسي بلغ 45 مليار دولار خلال الربع الثالث، بعدما بلغ 28.7 مليار دولار في الربع نفسه من العام الماضي. كما سجلت نسبة المديونية لدى الشركة، مؤشر صافي الدين إلى حقوق الملكية، مستويات سلبية لأول مرة منذ أوائل 2020، مما يشير إلى مدى تحسن بيئة الأعمال للعملاق النفطي في السنوات الأخيرة.
في الشهر الماضي، نسقت المملكة العربية السعودية عملية تخفيض إنتاج النفط بمعدل 2 مليون برميل يوميًا مع تحالف منتجي النفط المكون من 23 عضوًا والمعروف باسم "أوبك + " رغم الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة وعدد قليل من المنتجين الآخرين للضغط من أجل زيادة الإنتاج لتعويض ارتفاع أسعار الوقود والتضخم.
سعر التعادل
رأى المسؤولون السعوديون أن خفض أوبك+ للإنتاج كان ضروريًا لحماية اقتصادهم مع انخفاض أسعار النفط بنسبة تتجاوز 30% مطلع أكتوبر من الذروة التي بلغتها في يونيو، وكانت تهدد بالانخفاض إلى ما دون 80 دولاراً للبرميل. ويقول خبراء الاقتصاد إن المملكة العربية السعودية من المرجح أن تحتاج إلى بلوغ سعر النفط 76 - 78 دولارًا للبرميل كسعر تعادل في الميزانية العام المقبل، بناءً على التوقعات الأولية.
وقال المسؤولون السعوديون لنظرائهم الأميركيين إنهم يعتقدون أن سوق النفط قد ينهار إذا لم يتحركوا وتنخفض الأسعار إلى 50 دولارًا للبرميل، ما يثير القلق بشأن تعرض الخطة الاقتصادية لرؤية المملكة 2030 لتنويع اقتصادها للخطر، وفقًا لأشخاص على دراية بالأمر.
استخدمت المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى أيضاً ارتفاع إيراداتها النفطية لمساعدة الدول المجاورة التي تمر بأزمة مثل مصر وباكستان وتركيا، وضاعفت من قوتها الدبلوماسية التي لطالما استخدمتها المملكة لبناء قوتها الجيوسياسية.
المصدر: وول ستريت جورنال