حرب النفط.. معروض إضافي يحبط خفض الإنتاج

يبدو أن حرب كسر عظام تدور رحاها الآن في أسواق النفط العالمية، حيث تتصارع قوى العرض والطلب بشأن تحديد مسار أسعار النفط الخام في الفترة الماضية والأشهر المقبلة.

وما بين زيادة قياسية في الإنتاج من جانب الولايات المتحدة وإيران وفي الجهة الأخرى يأتي خفض الإنتاج من "أوبك+" تقف أسعار النفط عرضة للتأرجح صعودًا تارة وهبوطًا تارات أخرى.

وفي غضون ذلك، كشف أحدث تقرير لوكالة الطاقة الدولية صدر اليوم الخميس، أن إمدادات النفط الأميركي شهدت زيادة قياسية، وهو ما انعكس على أسعار النفط في الوقت الذي يشهد فيه الطلب تباطؤاً ملحوظاً.

وفي الوقت ذاته، عزز من زيادة المعروض وتدفق الإمدادات الذي انسحب على الأسعار، ارتفاع إنتاج النفط الإيراني إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات.

إمدادات قياسية

ووفقًا لتقرير الوكالة الشهري فقد دفعت الإمدادات القياسية من الولايات المتحدة والبرازيل وغويانا، والارتفاع الحاد في إنتاج النفط الإيراني، إلى جانب تراجع الطلب، بعض أعضاء أوبك+ إلى الإعلان عن تخفيضات أكثر شمولاً بمقدار 2.1 مليون برميل في الربع الأول من عام 2024 لدرء زيادة محتملة في المخزون.

وقالت الوكالة: "أدى تحسين كفاءة الحفر وإنتاجية الآبار البالغة 950 بئرًا في منطقة الصخر الزيتي إلى تجاوز إمدادات النفط الأميركية 20 مليون برميل يوميًا في سبتمبر، متحدية تحذيرات الصناعة من تباطؤ وشيك في النمو بسبب تضخم التكاليف والقيود المفروضة على قدرة خدمة حقول النفط".

اقرأ أيضًا- مطار دبي الدولي.. طفرة في عدد المسافرين خلال موسم الأعياد

نتيجة منطقية

وقالت الوكالة: "نتيجة لذلك، من المقرر أن يصل إجمالي المراجعات التصاعدية لإمدادات النصف الثاني من عام 2023 في الولايات المتحدة إلى ما يقرب من 600 ألف برميل/اليوم منذ تقريرنا لشهر يونيو".

وأضافت الوكالة: "الولايات المتحدة الآن في طريقها لتحقيق زيادة في العرض قدرها 1.4 مليون برميل يومياً في عام 2023، وهو ما يمثل ثلثي التوسع البالغ 2.2 مليون برميل يومياً خارج أوبك+".

الإنتاج الإيراني

وقالت الوكالة: "خفف الإنتاج الإيراني من تخفيضات الإمدادات الكبيرة، التي تحملتها المملكة العربية السعودية إلى حد كبير".

وأضافت وكالة الطاقة الدولية: "ارتفع إنتاج إيران من النفط إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات".

وفي حين أنه من المتوقع أن يفقد نمو العرض من خارج أوبك+ زخمه في عام 2024، فإن المكاسب المتوقعة البالغة 1.2 مليون برميل في اليوم قد تتجاوز الزيادة في الطلب العالمي على النفط، وفقًا للوكالة.

 اقرا أيضًا- الطاقة الدولية: تخفيضات أوبك+ لم تنقذ الأسعار

تباطؤ الطلب

ولفتت الوكالة إلى تزايد الأدلة على تباطؤ الطلب على النفط، حيث من المتوقع أن تتراجع وتيرة التوسع من 2.8 مليون برميل يومياً على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 23 إلى 1.9 مليون برميل يومياً في الربع الرابع من عام 2023.

وقالت الوكالة: "أدى تدهور توقعات الاقتصاد الكلي إلى مراجعة هبوطية لتوقعاتنا لنمو استهلاك النفط العالمي بنحو 400 ألف برميل يومياً في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام وتمثل أوروبا وروسيا والشرق الأوسط معظم هذا التعديل"

أسعار الفائدة

ولفت تقرير الوكالة إلى تأثير ارتفاع أسعار الفائدة على الاقتصاد الحقيقي في حين يتحول نشاط البتروكيماويات بشكل متزايد إلى الصين، مما يقوض النمو في أماكن أخرى.

وقالت التقرير: "تبدو أوروبا ضعيفة بشكل خاص وسط الركود الصناعي والتصنيعي الواسع النطاق في القارة".

السيارات الكهربائية

إضافة إلى ذلك، تستمر معايير الكفاءة الأكثر صرامة وأسطول السيارات الكهربائية المتوسع في الحد من استخدام النفط.

ونتيجة لذلك، تم تعديل نمو الطلب العالمي على النفط في عام 2023 لينخفض بمقدار 90 ألف برميل في اليوم عن تقرير الشهر الماضي إلى 2.3 مليون برميل في اليوم.

وتمثل الصين 78% من الزيادة هذا العام، ومن المتوقع أن يتراجع نمو استهلاك النفط بشكل كبير في عام 2024، إلى 1.1 مليون برميل يومياً، مع عودة خطوط الأساس للطلب إلى طبيعتها مع تلاشي التشوهات المرتبطة بفيروس كورونا.

اقرأ أيضًا- مغامرة جديدة للذهب.. الطريق مفتوح لمستويات غير مسبوقة

نمو الإمدادات الأميركية

وقال التقرير: "يستمر نمو إمدادات النفط الأميركية في تحدي التوقعات، حيث تجاوز الإنتاج مستوى 20 مليون برميل يوميًا".

وأضاف التقرير: "سيؤدي هذا، إلى جانب الإنتاج القياسي في البرازيل وغويانا إلى جانب التدفقات الإيرانية المتزايدة، إلى رفع الإنتاج العالمي بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا إلى 101.9 مليون برميل يوميًا في عام 2023".

وستقود الدول غير الأعضاء في أوبك+ مرة أخرى المكاسب العالمية في عام 2024، والمتوقعة عند 1.2 مليون برميل يوميًا بعد "أوبك+"، تعميق تخفيضاتها الطوعية للنفط، وفقًا للطاقة الدولية.

النفط الروسي

وانخفضت أسعار تصدير الخام الروسي بشكل حاد في نوفمبر، مع انخفاض سعر خام الأورال إلى ما دون سقف سعر 60 دولارًا للبرميل في 6 ديسمبر.

وأدى انخفاض الأسعار وانخفاض شحنات النفط بمقدار 200 ألف برميل يوميًا إلى انخفاض إيرادات تصدير النفط الخام والمنتجات لشهر نوفمبر بنسبة 17% على أساس شهري إلى 15.2 مليار دولار، وهو مستوى لم نشهده منذ يوليو 2023.

وانخفضت إيرادات النفط الخام (-2.4 مليار دولار على أساس شهري) أكثر من المنتجات (- 800 مليون دولار).

اقرأ أيضًا- التضخم في السعودية يرتفع للمرة الأولى منذ 5 أشهر

استهلاك النفط

ومن المتوقع أن يكون استهلاك النفط الخام العالمي في الربع الأخير من عام 2023 أضعف بكثير مما كان مقدرا في السابق بسبب التحولات الأعمق والأطول في مصافي التكرير، حيث سينخفض بمقدار 3.6 مليون برميل يوميا على أساس شهري في أكتوبر ولا يتعافى إلا ببطء إلى ذروة موسمية تبلغ 84.2 مليون برميل يوميا بحلول ديسمبر 2023.

وانخفضت مخزونات النفط العالمية المرصودة بمقدار 19.6 مليون مليون برميل في أكتوبر.

وبينما لم تتغير مخزونات النفط الخام إلى حد كبير، انخفضت مخزونات المنتجات النفطية للمرة الأولى منذ أربعة أشهر، مما عكس الاتجاه في الربع الثالث من عام 2023 عندما ارتفعت مخزونات المنتجات النفطية بمقدار 1.3 مليون برميل يوميًا، في حين سحب الخام 1.6 مليون برميل يوميًا في المتوسط.

منظمة التعاون

وانخفضت المخزونات البرية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وغير الأعضاء فيها بمقدار 18.9 مليون برميل و24.2 مليون برميل على التوالي، في حين زاد مخزون النفط على الماء بمقدار 23.5 مليون برميل.

سعر النفط

استمرت العقود الآجلة لخام برنت في الانخفاض خلال شهر نوفمبر، حيث انخفضت بمقدار 5 دولارات للبرميل إلى 83 دولارًا للبرميل.

أدى ارتفاع صادرات النفط الخام الأميركية وضعف نمو الطلب العالمي إلى الضغط على هيكل أسعار النفط الخام الفوري.

واستمر الاتجاه الهبوطي للنفط في أوائل ديسمبر بعد فشل اجتماع أوبك+ في 30 نوفمبر في وقف انخفاض الأسعار، حيث كانت أسعار خام برنت أقل بنحو 25 دولارًا للبرميل عن أعلى مستوى سنوي في سبتمبر.

اقرأ أيضًا- بالصور.. الفساد يعصف بثالث أكبر اقتصاد بالعالم