أصبحت الكهرباء فجأة سلعة مطلوبة بشدة بفضل الذكاء الاصطناعي، وليس من المستغرب أن ترغب شركات النفط الكبرى في استغلال هذه الفرصة.
وأعلنت شركتا «إكسون موبيل» و«شيفرون»، الشهر الماضي عن إجراء محادثات مع عملاء محتملين من مديري مراكز البيانات لإبرام اتفاقيات لتزويدهم بالكهرباء المنتجة من الغاز الطبيعي مع استخدام تقنية احتجاز الكربون.
وتعمل «إكسون» على تصميم محطة طاقة بقدرة لا تقل عن 1.5 غيغاواط، تكفي لتزويد أكثر من مليون منزل بالكهرباء.
في المقابل، استحوذت شركة «توتال إنرجيز»، التي تملك قطاعاً نشطاً في مجال الكهرباء، العام الماضي على محطات لتوليد الكهرباء من الغاز الطبيعي بقدرة 1.5 غيغاواط بالقرب من مدينتي دالاس وهيوستن في ولاية تكساس.
تجنبت «إكسون» و«شيفرون» الدخول في قطاع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لافتقارهما إلى الخبرة فيه، ولضعف العوائد المتوقعة، لكن الطاقة الناتجة عن الغاز الطبيعي تبدو مناسبة تماماً لهما.
تمتلك شركات النفط الكبرى خبرة واسعة في بناء وتشغيل محطات الغاز الطبيعي لدعم عملياتها كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل التكرير، وتسييل الغاز الطبيعي، وصناعة البتروكيماويات.
ووفقاً لـ«إكسون»، فقد طورت الشركة منذ عام 2001 مشروعات طاقة بقدرة 5.5 غيغاواط.
ما يميز شركات النفط الكبرى أيضاً هو قدرتها على العمل بسرعة، وهو ما يلقى استحسان عمالقة التكنولوجيا، إذ يمكن لهذه الشركات بناء محطات توليد الكهرباء بالقرب من مصادر الوقود، مثل حقول النفط والغاز الخاصة بها، وبيع الكهرباء مباشرة إلى مراكز البيانات دون الحاجة إلى الاتصال بالشبكة العامة.
هذا النهج يجعلها تتجنب العمليات المعقدة للاتصال بالشبكات الكهربائية أو بناء خطوط الأنابيب، ما يجعلها خياراً مثالياً في مناطق تعاني نقصاً في قدرة خطوط الأنابيب، مثل مركز «واها» في تكساس.
تمتلك شركات النفط الكبرى ميزانيات ضخمة وتدفقات نقدية هائلة، إلى جانب قدرتها على التحكم في النفقات.
وبينما يفضل المستثمرون غالباً الحصول على توزيعات أرباح بدلاً من استثمار الشركات في مشروعات ضخمة، فإنهم قد يرحبون بالاستثمار في أسواق واعدة مثل سوق الكهرباء.
تبقى العوائد على الاستثمار في قطاع الكهرباء تحدياً رئيساً لشركات النفط الكبرى، ففي عام 2023، حقق قطاع الطاقة المتكاملة في «توتال إنرجيز» عائداً متوسطاً قدره 9.8%، مقارنة بـ18.9% لأعمالها الإجمالية. ومع ذلك، تهدف الشركة إلى تحقيق عائد يبلغ 12% من قطاع الكهرباء بحلول عام 2028.
تتوقع «إكسون» أن تُستخدم محطات الطاقة التي تخطط لبنائها لتعزيز أعمالها في احتجاز وتخزين الكربون بدلاً من تحقيق عوائد كبيرة من توليد الكهرباء بحد ذاته.
يمكن لشركات النفط الكبرى تحسين عوائدها من خلال فرض رسوم إضافية على الشركات التكنولوجية مقابل الوصول السريع إلى الكهرباء المولدة خارج الشبكات التقليدية.
كما يمكن أن تكون تقنية احتجاز الكربون مصدراً إضافياً للعوائد، خاصة مع الدعم الكبير الذي توفره التشريعات الأميركية مثل قانون خفض التضخم.
تتجه الأسواق العالمية للطاقة تدريجياً من الاعتماد على الوقود الأحفوري إلى الكهرباء. وقد تكون مراكز البيانات كثيفة الاستهلاك للطاقة هي مفتاح بقاء شركات النفط الكبرى لاعباً رئيساً في المستقبل.