الفضة تتفوق على الذهب.. توقعات بارتفاعات قياسية قادمة

شهدت أسعار الفضة ارتفاعاً بنسبة 29% هذا العام، متجاوزة بذلك ارتفاع الذهب القياسي الذي بلغ 26%. ومع تزايد الاهتمام بالفضة، يتوقع العديد من المحللين أن تشهد أسعارها ارتفاعاً كبيراً قد يدفعها نحو أعلى مستوياتها التاريخية، وفقاً لتقرير نشرته «ماركت واتش».

وفي هذا السياق، أشار مايكل كوجينو، مدير المحفظة الاستثمارية في «بيرمينانت بورتفوليو فاميلي أوف فوندز»، إلى أن حماسة المستثمرين والمستهلكين تجاه الذهب بدأت تمتد لتشمل الفضة. وأضاف كوجينو أن العوامل الاقتصادية الكلية، مثل انخفاض أسعار الفائدة، وعدم اليقين العالمي، وضعف الدولار الأميركي، تسهم في دعم كلا المعدنين، كما أوضح أن الفضة تُظهر «حركة سعرية أكثر حدة في الوقت الحالي».

سجلت العقود المستقبلية للذهب لتسليم ديسمبر ارتفاعاً قياسياً جديداً، حيث بلغت 2,617.40 دولار للأوقية على منصة كومكس، بعد أن حققت تسوية قياسية بلغت 2,610.70 دولار يوم الجمعة، مما يجعل هذا أعلى مستوى للذهب خلال العام الجاري.

في المقابل، حققت العقود المستقبلية للفضة لشهر ديسمبر تسوية عند 31.14 دولار للأوقية، مع زيادة ملحوظة، لكنها لا تزال بعيدة عن السعر القياسي الذي بلغ نحو 50 دولاراً للأوقية في عام 2011. ورغم ذلك، ارتفعت الفضة بنسبة 29.3% هذا العام، استناداً إلى العقود الأكثر نشاطاً.

الفضة تتفوق على الذهب

وفقاً للتقرير، فإنه رغم الأضواء المسلطة على الذهب، إلا أن الفضة أثبتت أنها الأبرز.

من جانبه، كتب حمد حسين، خبير المناخ والسلع في «كابيتال إيكونومكس» في مذكرة أنه «رغم كل الاهتمام بالذهب هذا العام، إلا أن أداء الفضة كان أفضل».

وأوضح حسين أن العوامل التي دفعت أسعار الذهب للارتفاع، مثل انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية وضعف الدولار، قد حققت الفائدة كذلك للفضة.

ويعد الطلب من الصين عاملاً رئيساً آخر في زيادة سعر الفضة، فبينما يأتي جزء من هذا الطلب من المستهلكين والمستثمرين، فإن الاستخدامات الصناعية للفضة، لا سيما في إنتاج الألواح الشمسية، أدت دوراً حاسماً.

كما مثّلت الطلبات المرتبطة بالخلايا الشمسية حوالي 15% من إجمالي الطلب على الفضة في عام 2023، وفقاً لحسين.

تجدر الإشارة إلى أن الخلايا الكهروضوئية التي تحول الضوء إلى كهرباء قد ساهمت في النمو السريع لإنتاج الألواح الشمسية في الصين، مما زاد الطلب على الفضة. ومع ذلك، فإن ارتفاع سعر الفضة لا يعود فقط إلى الطلب الصناعي.

أسعار المستقبل

يشهد سوق الفضة العالمي حالياً عجزاً في العرض، حيث أظهر تقرير مسح الفضة العالمي 2024 من معهد الفضة و(Metals Focus) أن العجز في السوق يبلغ 184.3 مليون أوقية. وعلى الرغم من أن هذا الرقم أقل بنسبة 30% عن أعلى مستوى سجله العام الماضي، إلا أنه لا يزال من أكبر الأرقام المسجلة.

وأوضح حسين أن الفضة عادة ما تتحرك بالتزامن مع الذهب، ومع توقعات «كابيتال إيكونومكس» بارتفاع أسعار الذهب بنهاية عام 2025، من المحتمل أن تتبع الفضة الاتجاه نفسه.

ومع ذلك، أشار حسين إلى أن ضعف الطلب الصناعي قد يحد من مكاسب أسعار الفضة، خاصةً مع توقع تباطؤ النمو في الصين العام المقبل.

من جهتها، دعت هيئة صناعة الطاقة الشمسية في الصين إلى ضرورة دمج أكبر في صناعة الألواح الشمسية، بسبب الضغوط المالية التي تواجه الشركات المصنعة. وقد يؤدي ذلك إلى إبطاء وتيرة نمو الطلب على الفضة من قطاع الطاقة الشمسية في المدى القريب.

بينما من المحتمل أن ترتفع أسعار الفضة، يشير حسين إلى أن الزيادة المتوقعة في أسعار الذهب بنسبة 10% بين الآن ونهاية 2025 قد لا تنطبق بالضرورة على الفضة.

الفضة قد تستمر في التفوق

رغم التحديات الحالية، يظل كوجينو متفائلاً بشأن الفضة، ويتوقع أن تستمر في التفوق على الذهب.

وأوضح قائلاً: «الفضة في منتصف موجة صعود كبيرة»، مشيراً إلى أن أسعار الفضة لم تحقق بعد الانفجار الذي شهدته أسعار الذهب.

وعندما سُئل عما يتطلبه الأمر لرفع أسعار الفضة إلى مستوياتها القياسية، أشار كوجينو إلى الظروف الحالية في السوق. وقال: «نحن بالفعل نشهد تلك العوامل في السوق»، مؤكداً أن المناخ النقدي الحالي وعدم توازن العرض والطلب على الفضة يمثلان عاملين رئيسين.

توقع كوجينو أن تستقر أسعار الفضة في النطاق المرتفع الذي يبلغ 20 دولاراً للأوقية، وأن تصل إلى 30 دولاراً للأوقية في السنوات المقبلة.

يُذكر أن العقود المستقبلية للفضة لم تسجل أرقاماً قياسية منذ أكثر من 13 عاماً، حيث وصلت الأسعار إلى 49.82 دولار في أبريل 2011. ومع ذلك، يدعم النشاط الاقتصادي وأداء الفضة التاريخي خلال فترات الركود تقديرات كوجينو بشأن إمكانية تحقيق الفضة لمكاسب مستقبلية.

تأثير الركود على الفضة

يؤدي النشاط الاقتصادي دوراً كبيراً في تحركات أسعار الفضة، خاصةً خلال فترات الركود.

ورغم أن الركود قد يؤثر سلباً على الطلب الصناعي على الفضة، اعتبر كوجينو أن قيمة الفضة قد تعززها معدلات الفائدة الحقيقية المتناقصة، مع توقع قيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة القصيرة الأجل. وأوضح أن الفضة غالباً ما تحقق أداءً جيداً في مثل هذه البيئات.

ويتوقع أن يعلن الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة يوم الأربعاء، وهو ما قد يكون الأول في سلسلة من التخفيضات المصممة لتحفيز الاقتصاد، وقد تعمل كضمان ضد الركود.

ماذا يجب أن يفعل المستثمرون؟

نصح كوجينو المتداولين في الفضة بانتظار تراجع محتمل نحو النطاق المتوسط البالغ 20 دولاراً للأوقية.

ومع ذلك، بالنسبة للمستثمرين على المدى الطويل، يعدّ التقييمات الحالية معقولة، نظراً للأداء المحتمل الأفضل للفضة في المستقبل.

تجاوزت الفضة الذهب في عام 2024، ومع الطلب القوي والقيود على العرض والظروف الاقتصادية المواتية، من المحتمل أن تواصل صعودها. ورغم أن المخاطر مثل تباطؤ الطلب الصناعي قد تحد من المكاسب، تبقى توقعات الفضة إيجابية، مما يجعلها استثماراً جذاباً للمستقبل.