اﻷثنين 10 مارس 2025 م
أظهرت الشركات الكبرى سخاء غير مسبوق تجاه مساهميها عام 2024، إذ بلغت التوزيعات النقدية 1.747 تريليون دولار، مقارنة بـ1.661 تريليون دولار في 2023، وفقاً للدراسة السنوية التي أجرتها «جانوس هندرسون».
وجاءت هذه النتيجة متجاوزة التوقعات الأولية البالغة 1.730 تريليون دولار، بفضل نمو أقوى من المتوقع بالتوزيعات النقدية في الولايات المتحدة واليابان خلال الربع الأخير من العام.
وعلى الصعيد العالمي، رفعت 88% من الشركات توزيعاتها النقدية أو حافظت عليها، مع تسجيل زيادة متوسطة قدرها 6.7%.
وشملت هذه الديناميكية العديد من القطاعات، مثل الاتصالات والتأمين والبناء، التي شهدت زيادات بنسب من رقمين.
ومع ذلك، جاء نحو نصف إجمالي الزيادة في التوزيعات النقدية من القطاع المالي، الذي وزع 434.8 مليار دولار، حيث ساهمت البنوك وحدها بمبلغ 257.6 مليار دولار.
وقد استفاد هذا القطاع بشكل كبير من ارتفاع أسعار الفائدة، ما عزز أرباحه.
شهد عام 2024 نقطة تحول رئيسية في قطاع التكنولوجيا، حيث وزعت شركات «ميتا» و«ألفابت» و«علي بابا» أول أرباح نقدية في تاريخها، والتي بلغت مجتمعة 15.1 مليار دولار، وهو ما يمثل خُمس النمو العالمي في التوزيعات النقدية.
ووفقاً لـ«جانوس هندرسون»، فإن الشركات التي بدأت بتوزيع الأرباح لأول مرة كان لها تأثير غير متناسب على السوق.
وساهمت «علي بابا» وحدها بمبلغ 5.1 مليار دولار، ما جعلها ثالث أكبر شركة موزعة للأرباح في الصين وواحدة من أكبر الشركات عالمياً.
كما بدأت شركات تكنولوجية أخرى، مثل «سيلزفورس» و«بوكينغ»، في توزيع الأرباح اعتباراً من مارس 2024، ما يعكس نضوجها المالي وقدرتها على توليد سيولة فائضة قابلة للتوزيع.
رغم دخول منافسين جدد إلى السوق، لا تزال «مايكروسوفت» تحتل المركز الأول بين أكبر الشركات الموزعة للأرباح عبر مختلف القطاعات، حيث وزعت نحو 22 مليار دولار.
أما «إكسون موبيل»، فاستعادت المركز الثاني بعدما دفعت توزيعات بقيمة 16.7 مليار دولار، وهو المركز الذي لم تحتله منذ عام 2016، وذلك بعد تعزيز موقعها من خلال الاستحواذ على «بايونير ريسورسز» في نهاية 2023.
تجدر الإشارة إلى أن شركة «أرامكو السعودية»، التي وزعت أرباحاً قياسية بلغت 124 مليار دولار في 2024، مستبعدة من نطاق الدراسة نظراً لانخفاض نسبة أسهمها المتداولة في السوق، إذ تمتلك الحكومة السعودية نحو 90% من الشركة، بشكل مباشر أو من خلال «صندوق الاستثمارات العامة».
من بين 49 دولة شملتها دراسة «جانوس هندرسون»، سجلت 17 دولة مستويات قياسية في التوزيعات النقدية، من بينها الولايات المتحدة وكندا واليابان وفرنسا.
وبلغت توزيعات الشركات الفرنسية 68.8 مليار دولار، ما جعلها أكبر مساهم أوروبي في هذا الاتجاه.
وكان لشركات مثل «أكسا» و«بي إن بي باريبا» تأثير كبير على هذا النمو، بفضل ارتفاع أرباحها بشكل ملحوظ.
رغم حالة عدم اليقين الاقتصادي، التي تفاقمت بسبب التوترات التجارية المتزايدة منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تتوقع «جانوس هندرسون» نمواً عالمياً بنسبة 5% في التوزيعات النقدية خلال عام 2025، ما يرفع الإجمالي المتوقع إلى 1.830 تريليون دولار.
ويتوقع المستثمرون استمرار ارتفاع أرباح الشركات في 2025، إذ تشير التقديرات إلى زيادة تفوق 10%.
ومع أن هذه التوقعات قد تبدو متفائلة في ظل التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الحالية، إلا أن الخبر السار للمستثمرين هو أن التوزيعات النقدية عادة ما تكون أكثر استقراراً من الأرباح خلال الدورات الاقتصادية.
حتى في فترات التباطؤ، تميل الشركات إلى الحفاظ على توزيعاتها، بل وزيادتها أحياناً، لطمأنة المستثمرين بشأن قوتها المالية.
