ولا عجب في اختلاف كلا النظرتين، فالقابع داخل أروقة المكتب البيضاوي يراها أرقامًا إيجابية تدل على قوة الاقتصاد الأميركي ونجاحه في تجاوز تداعيات الجائحة واستيعاب الآثار السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية.
بيد أنه وفي الجانب الآخر، ترى الأسواق أن تلك البيانات من شأنها استثارة حفيظة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي يرى في اتساع التوظيف إشارة سلبية على عدم تباطؤ التضخم، جنبًا إلى جنب أنها تمنح صناع الساسة النقدية الضوء الأخضر على التحرك في مساحة أكبر بشأن قدرة الأسواق على استيعاب قرارات الفائدة.
وفي الوقت ذاته فإن تلك البيانات تمنح صانعي السياسة النقدية في واشنطن الفرصة للتحرك بوتيرة أقوى عبر تقيد أسعار الفائدة مرتفعة في ظل البيانات التي تؤكد استيعاب سوق التوظيف لرفع الفائدة.
لقد ظل معدل البطالة الأميركية أقل من 4% لمدة 20 شهرًا على التوالي، وهي أطول فترة منذ 50 عامًاجو بايدن
ومنذ ساعات قليلة وعقب صدور بيانات الوظائف الأميركية تفاخر الرئيس جو بايدن بأرقام نمو الوظائف، مشيرًا إلى أن تلك البيانات لم تأت وليدة الصدفة مؤكدًا على أنها نتاج عمل الإدارة الحالية.
ورحب الرئيس جو بايدن بأخبار نمو الوظائف التي صدرت أمس الجمعة، لكنه حذر من العواقب الاقتصادية التي ستترتب على ذلك إذا لم يوافق الجمهوريون في مجلس النواب على مشروع قانون تمويل لمنع إغلاق الحكومة الشهر المقبل.
وقال بايدن، خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض: "لقد ظل معدل البطالة الأميركية أقل من 4% لمدة 20 شهرًا على التوالي، وهي أطول فترة منذ 50 عامًا”.
وأضاف الرئيس الديمقراطي الذي يسعى لإعادة انتخابه العام المقبل: "الأمر ليس من قبيل الصدفة – إنه اقتصاد بايدن.. في إشارة إلى منتقديه وعلى رأسهم الرئيس السابق والمنافس المحتمل دونالد ترامب".
وقالت وزارة العمل الأميركية إن الوظائف غير الزراعية زادت بمقدار 336 ألف وظيفة في سبتمبر، وهو ما يزيد بكثير عن تقديرات الأسواق البالغة 170 ألفًا وأكثر من 100 ألف وظيفة عن الشهر السابق.
قرار الفائدة سيعتمد على بيانات الناتج الإجمالي المحلي، واستمرار قوة سوق العمل وعدم اتزانه بسبب علاقته المباشرة بالتضخم وارتفاع الأسعار والإنفاقجيروم باول
وأظهرت البيانات انتعاشا يتجاوز التوقعات بكثير لتقرير الوظائف الصادر عن وزارة العمل الأميركية، حيث ارتفع التوظيف بالقطاع غير الزراعي خلال سبتمبر بواقع 336 ألف وظيفة.
يأتي ذلك بأعلى من توقعات الأسواق التي توقعت ارتفاعًا بحوالي 171 ألف وظيفة ، فيما تمت مراجعة القراءة السابقة إلى 227 ألف وظيفة من 187 ألف طلب.
وعقب صدور البيانات مباشرة، ارتفعت احتمالات رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لسعر الفائدة باجتماع نوفمبر المقبل إلى 30% من 22%.
وفي الوقت ذاته، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات لتتجاوز قمتها السابقة مقتربة من حاجز الـ 5%، بينما تجاوز عائد السندات لأجل 30 عاما مستوى 5%.
وأظهرت بيانات FED SWAPS ارتفاع توقعات رفع الفائدة من جديد في 2023، إضافة إلى تأجيل توقعات خفض الفائدة للمرة الأولى من يوليو 2024 المتوقعة سابقًا إلى سبتمبر 2024.
وفيما يتعلق بتوقعات خفض الفائدة فلا تزال أداة متابعة الفيدرالي تتوقع أن يتم الخفض للمرة الأولى في اجتماع 31 يوليو 2024.
البيانات لم تأت وليدة الصدفة، مؤكدًا أنها نتاج عمل الإدارة الحاليةجو بايدن
وفي وقت سابق، قال رئيس الفيدرالي، جيروم باول: " قرار الفائدة سيعتمد على بيانات الناتج الإجمالي المحلي، واستمرار قوة سوق العمل وعدم اتزانه بسبب علاقته المباشرة بالتضخم وارتفاع الأسعار والإنفاق مما سيضطره إلى رفع الفائدة".
وقال رئيس الفيدرالي: "سوف نرى ما إذا كان الفيدرالي الأميركي سيرفع الفائدة مجددا خلال اجتماعاته المتبقية هذا العام ولكن سيعتمد ذلك على البيانات الاقتصادية".
ولفت باول إلى أن الوقت الحالي يتطلب الحذر قبل اتخاذ قرارات السياسة النقدية، مشيرًا إلى البيانات الاقتصادية هي التي ستحدد قرارات السياسة النقدية.
وأضاف الاقتصاد الأميركي 336 ألف وظيفة عن شهر سبتمبر، فيما توقع الخبراء إضافة 170 ألفًا، وتم تعديل القراءة السابقة لتسجل 227 ألفًا بدلاً من 187 ألفًا.
فيما أضاف أيضًا بالقطاع الخاص غير الزراعي 263 ألف وظيفة في سبتمبر، وكانت تشير التوقعات إلى إضافة 160ألفًا، وتم تعديل القراءة السابقة لتسجل 177 ألف بدلاً من 179 ألفًا.
وعلى الجانب الآخر، سجل معدل البطالة الأميركية 3.8% في سبتمبر. فيما توقع الخبراء أن يسجل 3.7%، وكانت القراءة السابقة عند 3.8%.
وسجل متوسط الأجور في الساعة على أساس شهري 0.2% في سبتمبر، فيما كانت تشير التوقعات إلى ارتفاع بـ 0.3% وسجل بالقراءة السابقة 0.2%.
وعلى أساس سنوي فقد سجل 4.2%، فيما كانت التوقعات تشير إلى ارتفاع بنسبة 4.3% كالقراءة السابقة.
ولم يفوت بايدن الفرصة للتحذير من العواقب الاقتصادية إذا لم يوافق الجمهوريون في مجلس النواب بحلول الشهر المقبل على تمرير مشاريع قوانين المخصصات التي من شأنها تجنب إغلاق الحكومة الفيدرالية.
وحذر بايدن من التداعيات التي ستواجهها البلاد إذا لم يوافق مجلس النواب على مشاريع قوانين المخصصات طويلة الأجل قبل انتهاء صلاحية القرار الحالي الشهر المقبل.
وأضاف بايدن: "أمامنا 40 يومًا فقط حتى يعود الكونغرس إلى العمل، مؤكدًا على ضرورة تجنب الإغلاق وحماية المكاسب الهائلة التي حققها الأميركيون على مدار العامين ونصف العام الماضيين".
وأطاح مجلس النواب يوم الثلاثاء الماضي بالنائب كيفن مكارثي، الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا، من منصبه كرئيس للمجلس، وهي المرة الأولى التي يُعزل فيها رئيس المجلس من منصبه".
ودفع الجمهوريون المتشددون بقيادة النائب مات غايتس من فلوريدا إلى إقالة مكارثي بعدما عمل مع الديمقراطيين لتمرير قرار في نهاية الأسبوع الماضي لإبقاء الحكومة مفتوحة وتجنب الإغلاق.