شهد قطاع البيع بالتجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نمواً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، حيث تتصدر المملكة العربية السعودية الإنفاق الاستهلاكي الذي تجاوز 16 مليار دولار أمريكي في العام 2024. ونظراً لأن الابتكار أصبح من أهم عناصر النجاح، تبرز أهمية دمج الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة لتحسين الكفاءة والخدمة، وزيادة الإنتاجية.
ولكن لماذا تحتاج الشركات إلى اعتماد الذكاء الاصطناعي؟
يتطلب الجيل الجديد، إستراتيجيات تسويق حديثة، فلم يعد من الممكن التأثير في هذا الجيل الذي وُلد في بيئة رقمية، بأساليب التسويق التقليدية مما يتطلب اتباع أساليب مبتكرة. لقد ساهمت التكنولوجيا في تبسيط كافة جوانب الحياة تقريباً، وفي ظل الاعتماد الواسع النطاق للذكاء الاصطناعي التوليدي، يتوقع المستهلكون، الآن، تجارب تسوق سلسة. حيث يمثل تحقيق التوازن، في مجال البيع بالتجزئة، بين تعزيز تجربة العملاء، وتحسين كفاءة العمل تحدياً مستمراً. ومن هنا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون الأداة التي تحتاجها العلامات التجارية لتقديم تجارب فريدة من نوعها وتحقيق التميز التنافسي في السوق.
أحدث الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط ثورة في قطاع التجزئة، مؤكداً على أهمية تجارب التسوق الشخصية عبر الإنترنت وفي المتاجر. حيث يمكن للذكاء الاصطناعي، من خلال تحليل مجموعات البيانات الهائلة، فهم السلوكيات والخيارات، وأنماط الشراء الفردية، مما يسمح للمسوقين بإنشاء حملات مخصصة. كما يمكن أن تساعد الإعلانات أو الرسائل المخصصة التي تلبي الاحتياجات والاهتمامات الفردية على وجه التحديد في إبراز العلامات التجارية، مما يحسن من ولاء العملاء، ويعزز الصورة الإيجابية للعلامة التجارية.
كشفت دراسة أجراها موقع (checkout.com) عن زيادة بنسبة 56% في عدد المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذين يقومون بالشراء عبر المواقع الإلكترونية أسبوعياً منذ العام 2020. ومن هنا يساعد استخدام الذكاء الاصطناعي خدمة العملاء في الشركات على التعامل مع أحجام أكبر من طلبات الدعم بكفاءة، مع ضمان رضا العملاء، وتعزيز ولائهم. حيث تعمل روبوتات الدردشة الآلية ومساعدو التسوق على تغيير تجربة العملاء من خلال تمكين الشركات من التفاعل مع جمهورها على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. كما يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي هذه أتمتة المهام الروتينية وإدارة الاستفسارات الأساسية، مما يسمح للقوى البشرية التركيز على المسؤوليات الأكثر تعقيداً وذات القيمة المضافة. كما يمكن للمعلومات التي تجمعها روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تساعد المسوقين في اتخاذ قرارات مدروسة فيما يتعلق بإستراتيجيات التسويق لتعزيز تجربة العملاء.
يمكن للذكاء الاصطناعي، باستخدام بيانات مشتريات العملاء إلى جانب تحليلات سلسلة التوريد، توقع أنماط الشراء القادمة، وضبط المخزون وفقاً لذلك، كما يحدد مجالات التحسين ويعززها، مما يعزز الربحية الإجمالية. علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تحسين إدارة المخزون من خلال توقع حجم الطلب، وبالتالي التقليل من حالات فائض المخزون ونقصه، وأتمتة عملية إعادة التخزين. حيث يضمن ذلك حفاظ تجار التجزئة على مستويات مناسبة من المنتجات، وتقليل الفاقد.
تبذل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية جهوداً رائدة لتقليل الاعتماد على النفط والغاز، وتهدفان إلى ترسيخ مكانتهما كمراكز عالمية لريادة الأعمال والابتكار في مجال التكنولوجيا. وبالتالي، ليس من المستغرب أن يتم دمج الذكاء الاصطناعي بالفعل في مختلف القطاعات لتعزيز رضا العملاء، وإنتاجية الشركة، وصورة العلامة التجارية.
يؤدي استخدام أداة تخطيط متطلبات المواد القائمة على الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة إلى تحسين مستويات الخدمة، وتحسين إدارة المخزون، وتعزيز كفاءة العمل. وأسفرت هذه المبادرة من قبل مطارات دبي عن زيادة بنسبة 24% في مستويات الخدمة، مما يسهل أوقات الاستجابة الأسرع لصيانة المرافق، وتحسين تجربة الضيوف بشكل عام.
أحدثت الشركة ثورة في مجال التسوق في المطارات باستخدام نظام فيجريد لخدمة العملاء مع نقاط البيع المتنقلة. يعالج هذا الابتكار، الذي تم تطبيقه في متاجر دوفري في المطارات، تحديات خدمة العملاء وتمكين الموظفين. ويُمكّن نظام نقاط البيع المتنقلة الموظفين من مسح المنتج ضوئياً لعرض نقاط البيع الرئيسة لضمان قدرتهم على تقديم خدمة مناسبة للعملاء. وعلاوة على ذلك، يدمج النظام ميزات خاصة بالعملاء تتيح للموظفين الوصول إلى ملفات تعريف العملاء، وسجل الشراء، والتوصيات لتعزيز تجارب التسوق، وإضفاء الطابع الشخصي عليها.
يعتبر كارفور في مول الإمارات أول منفذ بيع بالتجزئة دون محاسب في المنطقة. فبدلاً من عدادات الدفع التقليدية، يستخدم العملاء هواتفهم الذكية للوصول إلى المتجر والتسوق فيه. ويتتبع هذا المتجر المدعوم بالذكاء الاصطناعي تحركات العملاء بناءً على بنية أجسامهم، دون استخدام بيانات التعرف على الوجه أو البيانات البيومترية. وتكتشف الكاميرات متى يتم التقاط أو إرجاع الأغراض، وتقوم تلقائياً بتحديث سلة التسوق الرقمية للمتسوق المرتبطة بحساب العميل على تطبيق كارفور.
في ظل انتشار الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط، تعمل الشركات على دمجه في إستراتيجياتها التسويقية للارتقاء بتجربة العملاء، وتخصيص الحملات والخدمات، وتحسين الإنتاجية الإجمالية.