وعلى الرغم من تلك الزيادة الكبيرة المتوقعة، إلا أن المطورين العقاريين لا يتوقعون حدوث ركود في القطاع، بل يشيرون إلى أن حجم المبيعات في ارتفاع شديد، متوقعين استمرار صعود المبيعات خلال العام المقبل.
وتوقع ياسين منصور، رئيس مجلس إدارة شركة "بالم هيلز للتعمير"، ثاني أكبر شركة عقارية مدرجة في البورصة المصرية، في تصريحات صحفية قبل أيام، ارتفاع أسعار العقارات في مصر بما لا يقل عن 40% خلال 2024.
وأوضح منصور أن شركته تعمل على بناء مشروع جديد على مساحة 3 آلاف فدان بنظام الشراكة مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وقد بلغت مبيعات المرحلة الأولى 15 مليار جنيه في أول 9 أشهر من العام الجاري. وتوقع منصور زيادة هذه المبيعات إلى 17 ملياراً بنهاية 2023، مضيفاً أن إجمالي مبيعات الشركة سيتجاوز 45 مليار جنيه بنهاية العام الجاري.
عقارات مصر سترتفع 40% خلال 2024ياسين منصور - رئيس مجلس إدارة شركة "بالم هيلز للتعمير"
في هذا الصدد، يقول أسامة سعد، المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، إن التكهنات بارتفاع الأسعار طوال الوقت، سوف تعجل من الزيادة، وتسرع من وتيرة صعود السعر بدون داعٍ حاليا، مشيرا إلى أن أي توقع ما هو إلا اجتهادات شخصية من المطورين غير مبنية على دراسة معينة.
وتساءل سعد في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية": "هل التوقعات الأخيرة تضمنت تخفيض العملة المحتمل؟" مشيرا إلى أنه بالتأكيد سيكون هناك صعود في الأسعار قد يصل إلى 100%.
وأوضح أن التكاليف وحدها ارتفعت بأكثر 50% في آخر شهرين، بالإضافة إلى أن هناك توقعات بمزيد من ارتفاع أسعار مدخلات البناء، بسبب زيادة سعر صرف الدولار بالسوق الموازية، لافتا إلى أن المستوردين يدبرون الدولار من خارج القنوات الرسمية.
وكانت شركات حديد التسليح المصرية قد رفعت أسعار منتجاتها بنسبة تتجاوز 15%، ليصل سعر الطن إلى 38 ألف جنيه تسليم أرض المصنع، مقارنة بـ33 ألف جنيه قبل أسبوع، وفقا لبيانات مصانع الحديد التي أرسلتها للتجار على تطبيق واتس آب.
التكهنات بارتفاع الأسعار طوال الوقت سوف تعجل من الزيادةأسامة سعد - المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية
ورأى مدير غرفة التطوير العقاري أن "عدم اليقين باتجاه السوق يجعل المطورين يضعون هوامش ربح تحوطية تحسبا لحدوث أي اضطرابات في الأسعار" موضحا أن المطورين العقاريين يبيعون وحداتهم بنظام الآجل، قبل بناء المشروع على أن يتسلم العميل وحدته بعد عدة سنوات.
وأشار إلى أن المطور أصبح يخشى تكرار سيناريو ما حدث بعد الحرب الروسية الأوكرانية، قائلا "المطور قبل الحرب باع وحدات سكنية قبل أن تنفذ، على نظام الآجل، وكان يحسب تكلفته وفقا لسعر صرف للدولار يبلغ 15 جنيها، وسعر طن الحديد بـ 14 ألف جنيه تقريبا، وعندما جاء وقت تنفيذ المشروع بعد اندلاع الحرب، تفاجأ بتكلفة إنتاج تحسب على أساس 30 جنيها للدولار، و30 ألف جنيه لطن الحديد".
ومنذ ذلك الحين، يضع المطورون هامش ربح تحوطي للحماية من مثل هذه الصدمات، والآن هناك حرب مشتعلة في قطاع غزة، وقد يتكرر نفس السيناريو، رغم اختلاف حجم التأثير.
وذكر سعد أن العقار هو مخزن للقيمة وأفضل ملاذ آمن لمدخرات الفرد، ويضمن مكسبا سنوياً لا يقل عن 25%، وهو ما يدفع المستهلكين إلى الشراء حتى وإن كان السعر مرتفعا، مستبعدا حدوث ركود في القطاع.
وبالنسبة للعام الجاري الذي أوشك على الانتهاء، فإن أسعار العقارات ارتفعت بنسبة تجاوزت 100%، مقارنة بالعام الماضي، وفقا لسعد، الذي أوضح أن الطفرة في أسعار العقارات خلال الفترة الأخيرة، أدت إلى زيادة الطلب بنسبة كبيرة للاستفادة من العائد المرتفع، وهو ما سيتكرر العام المقبل.
من جانبه قال محمود جاد، محلل قطاع العقارات في "بحوث العربي الإفريقي لتداول الأوراق المالية"، إنه من الصعب تحديد نسب الارتفاعات المتوقعة في أسعار العقارات خلال العام المقبل، مشيرا إلى أن هناك العديد من المتغيرات، التي لا أحد يعرف مصيرها حتى الآن.
وأضاف جاد في تصريحات لـ"إرم الاقتصادية"، أنه من الصعب تحديد مصير الحرب على غزة وتأثيرها على إمدادات المواد الخام، ومن الصعب أيضا تحديد إلى أي مدى سيصل سعر الجنيه المصري، لكنه أشار إلى أن المطورين سوف يمررون أي ارتفاع في تكلفة الإنتاج إلى المشتري.
واتفق جاد مع المدير التنفيذي لغرفة التطوير العقاري، في استبعاد حدوث ركود في القطاع، قائلا "على الرغم من الارتفاعات الخيالية في أسعار العقارات خلال عام 2023، فإن حجم مبيعات شركات القطاع العقاري المقيدة في البورصة المصرية ارتفع بنسبة 75% تقريبا خلال النصف الأول من العام الجاري"، لافتا إلى أن حجم الطلب أصبح مرتفعا بنسبة كبيرة بغرض الاستثمار.
من الصعب تحديد نسب الارتفاعات المتوقعة في أسعار العقارات خلال 2024محمود جاد - محلل قطاع العقارات في "بحوث العربي الإفريقي لتداول الأوراق المالية"