في العصر الرقمي الذي تهيمن فيه وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية، أصبحت الإعلانات التي تروج لمنتجات مختلفة مثل المكملات الغذائية ومستحضرات التجميل جزءاً أساسياً من التجربة اليومية للمستخدمين.
تتنوع هذه الإعلانات من حلول سحرية لمشكلات الحياة إلى الترويج لمنتجات طبية وعلاجية، ما يثير تساؤلات حول مدى الرقابة والضرائب المرتبطة بهذا القطاع المتنامي، هذه الإعلانات لا تقتصر على الترويج للمنتجات، بل قد تكون محط جدل أحياناً؛ بسبب غياب الرقابة الكافية على منصات التواصل الاجتماعي مقارنة بالوسائل التقليدية مثل الإعلانات التلفزيونية أو الصحفية.
في الأردن، تخضع الإعلانات المتعلقة بالعقاقير الطبية والمكملات الغذائية لمعايير رقابية صارمة لضمان حماية المستهلكين من المنتجات المضللة أو غير الآمنة. ومع ذلك، تبقى الإعلانات عبر منصات مثل فيسبوك وإنستغرام تحت رقابة أقل، لأنها تستهدف أسواقاً متعددة دون المرور عبر القنوات الرسمية المحلية.
وتواجه الجهات المختصة تحديات كبيرة في مراقبة هذه الإعلانات؛ بسبب حجم التجارة الإلكترونية المتزايد والعدد الهائل من المنشورات التي يتم نشرها بشكل يومي.
في هذا السياق، أكدت منال التميمي، مسؤولة الإعلام في مؤسسة الغذاء والدواء الأردنية، في تصريح لـ«إرم بزنس»، أن المؤسسة تقوم بمراقبة الإعلانات الخاصة بالمنتجات التي يتم الترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأوضحت التميمي أن أي منتج يتم ترويجه يجب أن يكون مسجلاً ومفحوصاً من قبل المؤسسة، وإذا ثبت أنه مخالف للمعايير يتم إغلاق الحسابات أو فرض عقوبات قانونية.
وأكدت أن المؤسسة تسعى إلى ضمان أن كل منتج يتم ترويجه عبر الإنترنت لا يشكل خطراً على صحة المستهلكين. في حال وجود شكوى من أحد الزبائن أو ملاحظة مخالفة، تقوم المؤسسة بالتحقيق الفوري في الأمر لضمان أن المنتجات المطروحة للمستهلكين تتوافق مع المعايير الصحية والأمنية.
وبينما تواصل المؤسسة جهودها في التصدي لهذه المشكلة، يبقى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة للإعلانات من أبرز التحديات التي تواجه الجهات التنظيمية؛ بسبب تنوع الأسواق والمناطق المستهدفة. العديد من المنتجات يتم الترويج لها عبر الإعلانات المنشورة من دول أخرى، ما يعقّد الرقابة المحلية، وهذا يجعل من الصعب على الجهات المعنية في الأردن ملاحقة الإعلانات التي قد تتجاوز الحدود التنظيمية.
من جهة أخرى، تعد التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مصدر دخل هاماً للخزينة العامة من خلال الضرائب التي تفرضها الحكومة الأردنية على المبيعات، تشمل هذه الضرائب ضريبة المبيعات التي تُفرض على السلع المعروضة حسب نوعها، بالإضافة إلى ضريبة دخل بنسبة 2% على المبيعات.
موسى الطراونة، مساعد مدير عام ضريبة الدخل والمبيعات الأردني، أكد في تصريح لـ«إرم بزنس» أن التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تخضع لهذه الضرائب مثل أي تجارة أخرى، حيث يلتزم المعلنون بدفع الضرائب حسب نوع وفئة المنتجات التي يتم الترويج لها، ويعد هذا جزءاً من الجهود الحكومية المستمرة للسيطرة على التجارة الإلكترونية غير المنظمة وضمان أن الأنشطة التجارية جميعها تخضع للأنظمة الضريبية بشكل صحيح.
على الرغم من هذه التحديات الرقابية، يمكن القول إن الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تساهم في دعم الاقتصاد المحلي بشكل غير مباشر، على سبيل المثال، شهد قطاع خدمات التوصيل نمواً ملحوظاً بفضل التجارة عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما ساعد على تعزيز قطاع اللوجستيات وفتح فرص عمل جديدة.
ومع التوسع المستمر في التجارة الإلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يتوقع أن يستمر هذا النمو في قطاع التوصيل، ما يساهم في دعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل جديدة، خاصة في المجالات المرتبطة بالتكنولوجيا واللوجستيات.
أما على الصعيد الحكومي، فقد تم الإعلان عن تفعيل نظام الفوترة الوطني، الذي سيبدأ تطبيقه في أبريل المقبل، وهو النظام الذي يهدف إلى تحسين الرقابة على التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وضمان شفافية العمليات التجارية، من خلال هذا النظام، سيتمكن المسؤولون من تتبع جميع المعاملات التجارية وضمان التزام الشركات بالأنظمة الضريبية، ما سيسهم في زيادة الإيرادات الضريبية من هذا القطاع المتنامي، ويعد هذا النظام خطوة مهمة نحو تنظيم التجارة الإلكترونية وتوفير آليات رقابية فعالة تواكب التغيرات السريعة في هذا المجال.
تُظهر التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تأثيراً كبيراً على الاقتصاد الأردني والعالمي، وعلى الرغم من التحديات المرتبطة بالرقابة على هذه التجارة، تظل فرصها الاقتصادية كبيرة.
ومع التوسع المستمر في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كأداة تسويقية، تظل الجهود الحكومية لتنظيم السوق وضمان حماية المستهلك وضمان العدالة الضريبية من خلال أنظمة مثل نظام الفوترة الوطني أمراً حيوياً؛ لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية الحقوق.