مع إعلان الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب نيته فرض تعريفات جمركية كبيرة على الواردات، التي قد تصل إلى 60% على السلع الصينية و10%-20% على الواردات الأخرى، تستعد الشركات الأميركية لارتفاع محتمل في التكاليف.
وللتعامل مع هذه النفقات المتوقعة، تدرس العديد من الشركات خيارات مختلفة، بما في ذلك زيادة الأسعار، وهو إجراء ينظر إليه خبراء في هذه الشركات بحذر في ظل الضغوط التضخمية التي تثقل كاهل المستهلكين بالفعل، بحسب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».
استناداً إلى خبرتها خلال الفترة الرئاسية السابقة لترامب، التي شهدت استهداف واردات من الصين ومواد مثل الألومنيوم والصلب، طورت العديد من الشركات الكبرى خططاً لمواجهة التعريفات الجمركية. وأصبحت هذه الشركات تدرك سبل الاستجابة من خلال استراتيجيات كرفع الأسعار أو خفض التكاليف أو حتى استيعاب التكلفة ضمن هامش الربح.
كما اتجهت بعض الشركات نحو تنويع سلاسل توريدها، للحد من اعتمادها على الصين وتقليل تأثير التغيرات المحتملة في السياسات التجارية.
تقدم شركة (E.l.f. Beauty)، وهي شركة مستحضرات تجميل منخفضة التكلفة مقرها أوكلاند، مثالاً واضحاً على هذا التوجه. ففي عام 2019، رفعت الشركة أسعار ثلث منتجاتها بمقدار دولار واحد استجابةً للتعريفات المفروضة على الواردات الصينية. آنذاك، كانت معظم منتجاتها تُصنع في الصين، لكن الشركة تمكنت حالياً من تقليص اعتمادها على الإنتاج الصيني ليصل إلى نحو 80%، إذ نقلت جزءاً من إنتاجها إلى دول أخرى في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة لتجنب المخاطر المرتبطة بتغيرات السياسات التجارية.
ومن المتوقع أن تكتسب هذه الاستراتيجية زخماً أكبر في ظل الإدارة الجديدة لترامب. ووفقاً لبيتر كوينتر، مستشار التجارة في شركة المحاماة «غانستر»، قد تتجه الشركات نحو إيجاد بدائل للإنتاج في دول، مثل فيتنام وكوريا الجنوبية وماليزيا وإندونيسيا، إلى جانب زيادة التوجه نحو التصنيع بالقرب من الولايات المتحدة في دول مثل المكسيك وكندا.
مع ذلك، يواجه مديرو المالية تحدياً دقيقاً في تحقيق توازن بين تعديل الأسعار والحفاظ على الربحية. وبيّن كورت بارتون، المدير المالي لشركة «تراكتور سابلاي»، المتخصصة في بيع التجزئة بالمناطق الريفية، أن الشركة درست خيارات مثل التفاوض على تخفيضات مع الموردين، وتقييم مدى إمكانية تمرير تكاليف الزيادات إلى المستهلكين دون التأثير سلباً على حجم المبيعات.
وأشار التقرير إلى أن رفع الأسعار ليس خياراً مثالياً للشركات التي تخشى رفض المستهلكين، إذ يرى العديد من المديرين الماليين، بمن فيهم جون فانديمور المدير المالي لشركة «سكيتشرز يو إس إيه»، أن المستهلكين يواجهون بالفعل ضغوطاً تجعلهم أقل تقبلاً لزيادات جديدة في الأسعار.
وتوزع «سكيتشرز» إنتاجها بنسبة نحو 40% في الصين و40% في فيتنام، فيما يتم توزيع باقي الإنتاج في دول أخرى. وقد استجابت الشركة في السابق للتعريفات الجمركية من خلال إعادة تخصيص مصادر الإنتاج والتفاوض مع الموردين، وتبقى هذه الخيارات قيد الدراسة في حال فرض تعريفات جديدة. ويحذر فانديمور من أن التعريفات الأعلى قد تؤدي إلى زيادات حتمية في الأسعار، ما قد يزيد من حدة التضخم.
وتعد شركة «كونتور براندز»، المالكة للعلامتين التجاريتين «رانغلر» و«لي»، مثالاً آخر على الشركات التي تراقب من كثب تأثير التعريفات المحتملة. تعتمد الشركة بشكل كبير على الإنتاج في بنغلاديش والمكسيك، ما يجعلها أقل تأثراً بالتعريفات مقارنةً ببعض منافسيها، إذ تقل نسبة منتجاتها المستوردة من الصين عن 2%.
كما أعلنت الشركة هذا العام خطة لتحقيق 100 مليون دولار من المدخرات من خلال تحسين الكفاءة في سلسلة التوريد. ومع ذلك، أشار المدير المالي جو ألكاير إلى أن تعديل الأسعار يبقى خياراً متاحاً في المستقبل، اعتماداً على حجم التعريفات التي قد تفرض.