وضعت "تويتر" خططًا واسعة النطاق للاستغناء عن بعض موظفيها ضمن حالة اضطراب سادت الشركة لعدة أيام بعد استغناء الزعيم الجديد، إيلون ماسك عن كبار المسؤولين التنفيذيين، قائلاً إن لديه أسباب وجيهة، وتزامن ذلك مع مساعيه لطمأنة المستخدمين والمعلنين حول مراقبة المحتوى والاستمرار في الإبقاء على محتوى السخرية والجدل على الموقع.
من المتوقع أن تؤدي عمليات التسريح المُقترحة من ماسك، الذي استحوذ على المنصة الخميس مقابل 44 مليار دولار، إلى تقليص المناصب الهندسية، وكذلك باقي قطاعات الشركة، وفقًا لمصدر مطلع على الخطط.
تضم "تويتر" حوالي 7500 موظف، وفقا للإفصاح الذي أصدرته الشركة مطلع العام. ولا يمكن تحديد إجمالي عدد الوظائف الذي تم مناقشة خفضه.
أنهى ماسك عمل الرئيس التنفيذي لتويتر، باراغ أغراوال وثلاثة من كبار المديرين التنفيذيين الآخرين وقال إنه غير ملزم بدفع مكافآت نهاية الخدمة المتوقعة، التي تقدر بملايين الدولارات، وفقًا لشخصين على دراية بالأمر. وقالت المصادر إن المديرين التنفيذيين المغادرين يدرسون الخيارات المطروحة أمامهم. ولم يرد أغراوال على طلب التعليق.
مكافآت ضخمة
تبلغ مكافآة نهاية الخدمة لأكبر مديرَين تنفيذيَين في "تويتر" أكثر من 100 مليون دولار، وفقًا للبيانات التي تم الكشف عنها سابقًا في إفصاحات الأوراق المالية، وتقديرات شركة "إكويلير" للبيانات وتحليلات تعويضات الموظفين.
عمل ماسك عقب الاستحواذ مع فريق من الشركاء يضم مدير قسم المنتجات السابق في "تويتر" ومستثمر رأس المال المغامر، سريام كريشنان والمحامي، أليكس سبيرو. وغرّد كريشنان الأحد أنه كان يساعد ماسك بشأن "تويتر": "مؤقتًا مع بعض الأشخاص الرائعين الآخرين".
سجلت "تويتر" خسارة في 8 سنوات متتالية خلال العشر سنوات الماضية، وفقًا لـ "فاكتسيت"، ويتزامن استحواذ ماسك مع تعرض وسائل التواصل الاجتماعي إلى أسوأ بيئة أعمال في تاريخ القطاع.
أثارت "ميتا بلاتفورمز" الشركة الأم لـ"فيسبوك" قلق المستثمرين بسبب تباطؤ الإيرادات، والالتزام بإنفاق عشرات المليارات لبناء منصة "ميتافيرس"، التي لم تجتذب بعد قاعدة مستخدمين كبيرة، ما أدى إلى تراجع القيمة السوقية لـ "ميتا" لأقل من 300 مليار دولار وذلك للمرة الأولى منذ أوائل عام 2016.
خفض التكاليف
انخفضت كذلك إيرادات "يوتيوب" من الإعلانات للمرة الأولى، كما حذرت "سناب شات" الشركة الأم لـ"سناب" المستثمرين من تقديرها عدم نمو الإيرادات هذا الربع على أساس سنوي.
تتصدر التكاليف القضايا التي يهدف ماسك إلى معالجتها، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر. حيث قال للموظفين في يونيو إنه يعتقد أن التكاليف "ليست في وضع جيد" في "تويتر"، وفقًا للأشخاص الذين اطلعوا على اجتماع افتراضي حينها. ولم يستبعد ماسك تسريح موظفين وقتها، وأضاف أن أي شخص له دور بارز في العمل لا ينبغي أن يقلق، وفقًا للمصادر. وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد أشارت سابقًا إلى خطط "تويتر" لتقليص الوظائف وإنهاء خدمات البعض.
أبدى عدد من الموظفين قلقهم من احتمال تحرك ماسك لخفض الوظائف قبل 1 نوفمبر، تاريخ استحقاق برنامج التعويضات من "تويتر". وكان من المتوقع دفع مكافآت الموظفين نقدًا بعد استحواذ ماسك على الشركة، وفقا لأشخاص على دراية بهذه المسألة. وقال عدد من الموظفين إنهم قلقون من محاولة ماسك تجنب دفع تلك التعويضات إذا تم إنهاء خدمتهم قبل 1 نوفمبر.
قال ماسك مساء الأحد في تغريدة ردًا على تغريدة أخرى سلطت الضوء على هذا القلق في مقال بصحيفة نيويورك تايمز: "هذا خطأ".
حرية تثير القلق
اتخذ ماسك الخميس خطوات لطمأنة مجتمع صناعة الإعلان في ماديسون أفينيو، ونشر رسالة يقول فيها إنه يؤمن بشدة "بأن الإعلان، عندما ينفذ على أكمل وجه، يمكن أن يسعدك ويسليك ويقدم لك معلومة". وأخبر ماسك المعلنين الجمعة أن "تويتر" "سوف يشكل مجلسًا يتضمن وجهات نظر متنوعة وعلى نطاق واسع. ولن تتخذ قرارات أساسية تخص المحتوى أو عمليات إعادة الحسابات قبل أن ينعقد هذا المجلس".
أعرب بعض المعلنين عن قلقهم من التزام ماسك بحرية التعبير، وإمكانية أن ينتج عن ذلك زيادة بالمحتوى الذي يسيء إلى بعض المستخدمين أو على الأقل قد لا يكون مناسبًا للمعلنين.
قالت ياسمين إنبرغ، المحللة الرئيسية في شركة "إنسايدر انتليجنس" لأبحاث السوق: "نشاط الإعلانات في تويتر يقف على أرضية مهزوزة بالفعل". و إن ماسك يحتاج في الأيام القادمة إلى "وضع إرشادات واضحة حول طبيعة مراقبة المحتوى إذا كان يريد إبقاء المعلنين".
خطاب كراهية
أمضت "تويتر" جزءًا من عطلة نهاية الأسبوع في معالجة بعض قضايا المحتوى التي ظهرت في أعقاب استحواذ ماسك عليها.
أشارت العديد من المنظمات غير الربحية في الأيام الأخيرة، من بينها رابطة مكافحة التشهير ومعهد أبحاث عدوى الشبكات إلى ارتفاع مفاجئ في خطاب الكراهية على المنصة.
قالت جماعة المناصرة اليهودية (ADL)، التي تهتم بكشف معاداة السامية في الولايات المتحدة، إنها وجدت أكثر من 1200 تغريدة وإعادة تغريد تتضمن ميمز معادية للسامية، ووصفت ذلك بأنه جهداً منسقاً أعقب استحواذ ماسك على "تويتر". ونشر معهد أبحاث عدوى الشبكات، الذي يدرس التهديدات الاجتماعية عبر الإنترنت، الجمعة تغريدة تتضمن بيانات تشير إلى قفزة في استخدام ألفاظ عنصرية على "تويتر" بنسبة 500% خلال الـساعات الـ12 السابقة.
اقتبس نجم الرابطة الوطنية لكرة السلة، يبرون جيمس تلك البيانات السبت وأعاد تغريدها على تويتر قائلًا: "لا أعرف إيلون ماسك، ولا يهمني حقًا من يملك (تويتر). لكنني سأقول إنه إذا كان هذا صحيحًا، آمل أن يأخذ هو وموظفيه الأمر على محمل الجد لأنه مخيف بالفعل. فالكثير من الأشخاص غير اللائقين يرون إن خطاب الكراهية جزء من حرية التعبير".
قلة من المستخدمين
قال يويل روث، رئيس الأمن والنزاهة في "تويتر" السبت إن عددًا قليلًا من الحسابات كانت وراء الكثير من تغريدات السب أو المحتوى البغيض، حيث تم نشر 50 ألف تغريدة تتضمن إهانة عنصرية من 300 حساب فقط. وقال إن الشركة تتخذ إجراءات لحظر المستخدمين المشاركين في "حملة التصيد" وستواصل العمل على معالجة هذه المشكلة.
كذلك أثار ماسك الجدل صباح الأحد، عندما أعاد تغريد لأحد الروابط على الإنترنت وتساءل متشككًا حول هجوم صباح الجمعة العنيف على زوج رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، حيث غرّد قائلًا: "وراء تلك القصة أكثر مما تراه العين" ثم قام بحذف التغريدة لاحقًا.
المصدر: وول ستريت جورنال