لا أحد يعلم ما يحدث بالفعل داخل "تويتر" خلال الأسبوع الأول عقب استحواذ ماسك على الشركة.
قال ماسك رأيه وأطلق مزحات على تويتر بشأن تغيير المنتجات، وسيطرت حالة من القلق على المزاج العام في الشركة حسبما قال بعض الموظفين في مقابلات معهم، الذين أكدوا أنهم أدركوا شيئاً واحداً فقط وهو أنهم سيفقدون وظائفهم عاجلاً أم آجلاً.
بدأ الأمر الأسبوع الماضي مع تسريح الشركة 7500 موظف لتقليص التكاليف وإعادة هيكلة "تويتر" بما يتوافق ورؤية ماسك. وعلى المنصة التي تم تصميمها للتفاعل المباشر، غرّد الموظفون عقب منعهم من الوصول إلى حساباتهم الإلكترونية وحساباتهم على تطبيق "سلاك" (Slack) دون معرفة ما إذا كان هذا يعني التخلي عنهم أم لا، بانتظار وصول إشعارات إنهاء الخدمة صباح الجمعة.
تسريح جماعي
توّجت عمليات التسريح الجماعية أسبوعًا حافلًا بقيادة ماسك، فقد حاول الموظفون التكيّف مع أسلوب عمله الجنوني وسط شكوك بشأن مستقبلهم في الشركة، وفي المقابل ظهر القلق والنكات الساخرة على رد فعل الموظفون في هذه الفوضى من خلال الرسائل الداخلية ومنشوراتهم العامة.
غرد شون هان، أحد المبرمجين بالشركة واضعً صورة شعار تويتر بجوار ثمرة خس إسقاطاً على المقارنة التي نشرتها إحدى الصحف البريطانية حول إذا ما كانت ثمرة الخس ستدوم أطول من فترة رئاسة ليز تراس، حيث فاز الخس في حالة تراس.
وغرّد هان الأربعاء على المنصة: "تسجيل الدخول إلى حسابي على تويتر مقابل الخس دعنا نرى ما سيحدث".
رفض هان الجمعة التعليق بشأن وظيفته.
اكسره واشتريه
قال مانو كورنيت، مهندس البرمجيات (41 عامًا)، إنه كان من بين الموظفين الذين التقوا ماسك بمقر "تويتر" في سان فرانسيسكو خلال الأيام الأولى للملياردير الذي أطلق على نفسه اسم "Chief Twit".
رسم كورنيت، الذي يعمل فناناً أيضًا، رسمًا كاريكاتوريًا لرجل يكسر بالخطأ تمثالاً لطائر يشبه شعار تويتر بينما يقول رجل آخر: "إذا كسرته، لا بد أن تشتريه!" وذكر كورنيت أنه قد أعطى نسخة من الرسم لماسك.
قال كورنيت الاثنين أنه تم استدعاؤه للعمل على مشاريع جديدة. وتلقى بعد يومين رسالة نصها: "ناسف لإبلاغك إنهاء عملك على الفور حيث انتهك سلوكك الأخير العديد من سياسات الشركة".
وعلق كورنيت أنه لا يدري أية سياسات بالضبط قد انتهكها وأنه قد أنشأ مؤخرًا متصفحاً لتحميل رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل، حيث يعتقد أنها ستساعد الزملاء على حفظ المستندات المهمة في حالة تسريحهم من العمل.
كورنيت واحداً من مجموعة الموظفين الذين رفعوا دعوى قضائية ضد "تويتر" بالمحكمة الفيدرالية في سان فرانسيسكو، متهمين الشركة بانتهاك القانون الفيدرالي وقانون الولاية، لعدم تقديمها الإنذار المطلوب قانونًا قبل التسريح الجماعي من العمل.
لم يرد ممثلو "تويتر" على طلبات التعليق.
لا يوجد خيار آخر
تم إرسال بريد إلكتروني الخميس للموظفين بشأن إبلاغهم صباح اليوم التالي ما إذا كان تم فصلهم من العمل، وأوضحت الشركة أن عمليات التسريح تمثل "محاولة لوضع تويتر على المسار الصحيح".
غرّد ماسك مساء الجمعة: "بشأن تخفيض فريق عمل تويتر، للأسف لا يوجد خيار آخر، عندما تخسر الشركة أكثر من 4ملايين دولار يوميًا". وقال إنه قد قدم عرضاً للموظفين المتضررين بالحصول على تعويض ثلاثة أشهر.
غرّد جاك دورسي، المؤسس المشارك لـ"تويتر"، الذي تخلى عن منصب الرئيس التنفيذي العام الماضي ودعم استحواذ ماسك على المنصة، السبت قائلاً إنه يتحمل مسؤولية نمو الشركة بوتيرة أسرع من الطبيعي وأنه يعتذر عن ذلك".
تسرب تدريجي
بدأ الموظفون مغادرة "تويتر" تدريجياً خلال الأشهر التي تلت صفقة شراء ماسك للشركة في أبريل الماضي مقابل 44 مليار دولار، في ظل قلقهم بشأن كيفية سير الأمور. ومع فتور ماسك تجاه إتمام الصفقة، انتقد علنًا قادة "تويتر" بمن فيهم باراغ أغراوال، ما زاد من توتر الموظفين.
شنّ ماسك معركة قانونية استمرت شهرًا للهروب من إتمام الصفقة قبل الموافقة مجددًا على شراء المنصة الشهر الماضي.
عندما أكمل الملياردير الاستحواذ في 27 أكتوبر، تم إنهاء خدمات أغراوال والعديد من كبار باقي المدراء التنفيذيين فوراً. وأعقب ذلك تقارير إعلامية تفيد التخطيط لعمليات تسريح واسعة النطاق. وتحدث الموظفون عن تزايد المخاوف بين العديد منهم بشأن محاولة ماسك التخلي عن الموظفين قبل تاريخ استحقاق مكافأة سهم الموظفين في 1 نوفمبر. لكن ماسك نفى في تغريدة قيامه بذلك.
مكافآت الأسهم
ويعني ذلك ضمان الموظفين حاملي أسهم "تويتر" الحصول على مكافأة نقدية وفقاً لسعر السهم الذي دفعه ماسك في الصفقة والبالغ 54.20 دولارًا للسهم حسب افصاحات لجنة الأوراق المالية والبورصات، ما يوفر للموظفين حاملي الأسهم مكاسب جيدة مقارنةً بتقييم سهم "تويتر" قبل الاستحواذ.
بعد فترة وجيزة من استحواذ ماسك على المنصة، طُلب من مديري "تويتر" وضع قوائم لتقييم الموظفين وتحديد من يبقى بالعمل ومن يتم فصله، وفقًا للأشخاص المطلعين على الأمر، الذين أكدوا أن بعض الموظفين أشاروا إلى حلفاء ماسك بأنهم "حمقى مأجورين".
مهندسي تسلا
وأشار المطلعون إلى إحباط بعض الموظفين بسبب الاستعانة بمهندسي "تسلا" لتقييم أداء موظفي "تويتر" وأن الموظفين يعتقدون أن تلك التقييمات تأتي في ظل خطط التسريح.
تمت إحاطة توقيت ونطاق عمليات التسريح بسرية مشددة.
وقال أحد كبار الموظفين إنه حتى المعلومات المسربة إلى دائرة العاملين داخل الشركة غير موثوقة ومتناقضة. وأكد أن "مستوى الفوضى مرتفع للغاية".
عين ماسك مجموعة مستشارين لمساعدته في إعادة هيكلة "تويتر" من بينهم جيسون كالاكانيس وسيرام كريشنان، مستثمرا رأس المال المغامر، فيما كان الأخير أحد مدراء المنتجات السابقين في "تويتر". وقد غرد ماسك في ذلك الوقت بشأن احتمالات متباينة لخطط الأعمال، فيما منح الموظفين أياماً لتطوير منتجات جديدة، وبدا أن الخطط تتغير.
طوروا سريعاً
شكّل هذا النهج السريع لتطوير المنتجات تحولًا جذريًا عن أسلوب التطوير القديم في "تويتر" من إجراء دراسة عميقة لأية منتجات جديدة للوقوف على مدى تأثيرها على معدلات الاستخدام والآثار المحتملة الأخرى.
تتضمن خطة ماسك تغيير المنصة من خلال توسيع نطاق التحقق من المستخدمين، وتحسين عروض الاشتراك لتصبح أقل اعتمادًا على المعلنين. وناقش أيضًا طرق لإضافة مقدمي المحتوى مقابل الحصول على مقابل مادي كافي مثلما يحدث في "تيك توك" و"يوتيوب".
وضع ماسك استطلاعًا على المنصة يسأل إذا ما كان عليه إعادة تشغيل تطبيق "فاين" (Vine)، خدمة مقاطع الفيديو القصيرة التي أوقفتها "تويتر" في 2016. وقال أحد الموظفين إن الشركة ناقشت إعادة إطلاق نسخة من تطبيق "فاين" بحلول نهاية العام.
شعور بالاحتفال
نشر أحد الموظفين على قناة "Slack" الداخلية عقب فترة وجيزة من إرسال البريد الإلكتروني إلى كافة الموظفين متمنياً الخير للجميع واختتم بعرض رمز "وجه يلقي التحية"، وفقًا لموظفين.
أعقب ذلك نشر المئات من موظفي "تويتر" سلسلة من رموز إلقاء التحية، التي امتدت إلى تغريدات عامة حتى أصبحت رمزًا لنهاية حقبة ما قبل ماسك.
قال أحد الموظفين: "ساد شعور غريب بالاحتفال، كأننا نحتفي جميعًا بنهايته".
المصدر: وول ستريت جورنال
