مع اقتراب نهاية موسم الإعلان عن أرباح الربع الثالث، تستعد «وول ستريت» لتوقعات حذرة مع دخول الأشهر الأخيرة من عام 2024. ورغم الأداء الجيد لمعظم الشركات حتى الآن، إلا أن عدداً متزايداً من الشركات يتوقع نتائج أضعف للربع الرابع.
ووفقاً لتحليل شركة «فاكتسيت» للبيانات المالية، من بين 77 شركة قدمت توقعات للأرباح للربع القادم، أصدرت 69% منها توقعات أكثر تشاؤماً؛ ما يشير إلى معدل أعلى من المتوسط المعتاد من التوقعات السلبية مقارنةً بالسنوات الخمس والعشر الماضية.
ويعكس هذا التوجه الحذر، بحسب تقرير نشره موقع «ماركت واتش»، تبايناً مع توقعات المحللين للسوق بشكل عام؛ إذ لا تزال «وول ستريت» تتوقع نمواً بـ12.2% في الأرباح لكل سهم على أساس سنوي لشركات «ستاندرد آند بورز 500» في الربع الرابع، على الرغم من أن التوقعات التاريخية تشير إلى أن هذه التقديرات قد تشهد تراجعاً مع تقدم الربع.
يشير المحللون إلى عدة عوامل تؤثر في هذه التوقعات، مثل موسم التسوق خلال العطلات المقبلة، وتغير سلوكيات المستهلكين، بالإضافة إلى التعديلات المحتملة في استراتيجيات الشركات في ظل التغيرات السياسية في الولايات المتحدة بعد عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
تزايدت المخاوف الاقتصادية بسبب التعديلات المرتقبة في سياسات التجارة الأميركية، حيث يعرب الاقتصاديون عن قلقهم من أن زيادة الرسوم الجمركية، التي تعد جزءاً أساسياً من أجندة ترامب الاقتصادية، قد ترفع الأسعار على المستهلكين. ورغم هذه المخاوف، شهدت الأسواق ارتفاعاً بعد فوز ترامب في الانتخابات؛ ما ساهم في تقليص حالة عدم اليقين بشأن الاستقرار السياسي وزيادة التفاؤل تجاه بيئة أكثر دعماً للأعمال.
كما ساهم خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي في تحسين معنويات السوق، حيث تجاوز مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» حاجز 6000 نقطة يوم الجمعة لفترة وجيزة للمرة الأولى في تاريخه، وهو تقدم وصفه أحد الاستراتيجيين بأنه «إشارة نفسية مهمة».
يعتقد العديد من المحللين أن إدارة ترامب قد توفر بيئة مواتية لشركات التكنولوجيا، لا سيما فيما يتعلق بالاندماجات والاستحواذات، مقارنة بإدارة بايدن التي اتخذت مواقف أكثر صرامة في هذا المجال. وقد بدأ تأثير هذا التوقع يظهر بالفعل، حيث يرى بعض المحللين أن تكون شركات التكنولوجيا هي أكبر المستفيدين من مجلس الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون.
ويرى التقرير أن إدارة ترامب ستتمتع بإطار تنظيمي مخفف بشكل كبير؛ ما سيشكل حافزاً رئيساً لتسريع عمليات الدمج والاستحواذ في قطاع التكنولوجيا، بما في ذلك مجال الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن تشهد الشركات الكبرى في هذا المجال دورة أكثر نشاطاً من صفقات الاستحواذ، خاصة مع قرب انتهاء أيام لينا خان في لجنة التجارة الفيدرالية، كما أفاد محللو «ويدبوش» للخدمات المالية بقيادة دانييل إيفز في مذكرة بحثية الأسبوع الماضي.
وأضاف محللو «ويدبوش» في تلك المذكرة: «نعتقد أن العديد من اللاعبين المبتكرين في قطاع التكنولوجيا، سواء من الشركات العامة أو الخاصة، بالإضافة إلى المشترين الماليين الاستراتيجيين، كانوا في جانبين مختلفين من حلبة الرقص في حفل تكنولوجيا الشركات، بانتظار اللحظة المناسبة للمشاركة».
يشهد موسم الأرباح تباطؤاً هذا الأسبوع، حيث من المتوقع أن تُعلن 12 شركة فقط من شركات «ستاندرد آند بورز 500» عن نتائجها، بما في ذلك ثلاث شركات من مؤشر «داو جونز الصناعي».
ومن بين الأسماء البارزة التي ستعلن عن نتائجها هذا الأسبوع، شركة «لايف نيشن إنترتينمنت»، الشركة الأم لـ«تيكيت ماستر»، التي لا تزال تواجه دعوى قضائية لمكافحة الاحتكار من وزارة العدل. وعلى الرغم من ذلك، تشير المؤشرات إلى أن الطلب على الحفلات الموسيقية لا يزال قوياً، رغم أن ممارسات التسعير الخاصة بها قد أثارت استياء بعض المعجبين في بعض الأحيان.
من المقرر أيضاً أن تعلن شركة «توب غولف كالاواي براندز»، المتخصصة في معدات الجولف والترفيه، عن نتائجها بعد إعلان الإدارة عن خطط لتقسيم الشركة. كما ستعلن «كافا غروب» عن نتائجها عقب الارتفاع الكبير في أسهمها، بينما ستعلن منصة الفيديو «رمبل» عن نتائجها بعد ليلة انتخابية حطمت الأرقام القياسية في البث والمشاهدات.
وستعلن بعض الشركات الأخرى، مثل: «تايسون فودز»، «إنستاكارت»، «تشيغ»، «بازفيد»، «سيسكو سيستمز»، و«أدفانس أوتو بارتس» عن نتائجها الربعية أيضاً.
تعلن شركة «والت ديزني» عن أرباحها يوم الخميس وسط تحديات في قطاعي البث التدفقي والمتنزهات الترفيهية. ورغم أن الشركة شهدت طلباً قوياً في حدائقها بعد التعافي من جائحة كوفيد-19، إلا أن المحللين يشيرون إلى تراجع الطلب في الأشهر الأخيرة، في ظل استمرار السياح في مواجهة ارتفاع التكاليف.
إضافة إلى ذلك، تقدم الشركة تقريرها في أعقاب الانتخابات، ومرور إعصارين قويين: ميلتون وهيلين، عبر فلوريدا، فضلاً عن فترة طويلة وصعبة لصناعة الترفيه. وبناءً على ذلك، تواجه «ديزني» حالة من عدم اليقين، خاصة في ظل تراجع الإنتاج السينمائي.
لكن رغم هذه التحديات، ارتفعت أسهم «ديزني» 9.7% هذا العام. وقد أشار محللو «بنك أوف أميركا» إلى أن أكبر التحديات التي تواجه الشركة قبل بداية سنتها المالية المقبلة «معروفة إلى حد كبير». واستشهد هؤلاء المحللون بعدد من نقاط القوة التي تتمتع بها الشركة، مثل متنزهاتها، وملكيتها لشبكة «إي إس بي إن»، واحتياطياتها الكبيرة من الملكية الفكرية التي يمكن تحويلها إلى محتوى وربح، بالإضافة إلى أكثر من 200 مليون مشترك.
تعلن شركة «هوم ديبوت»، المتخصصة في بيع مستلزمات تحسين المنازل، يوم الثلاثاء عن نتائجها في ظل ظروف مختلطة للصناعة، حيث تواصل أسعار المنازل المرتفعة وأسعار الفائدة العالية كبح الطلب من المشترين المحتملين؛ ما أسفر عن انخفاض الزيارات إلى متاجرها.
فوفقاً لشركة «بلايسر.آي»، المتخصصة في تحليل حركة المشاة في متاجر التجزئة، انخفضت الزيارات إلى متاجر «هوم ديبوت» 3.1% على أساس سنوي في الربع الثالث، حيث ابتعد العملاء عن الشراء باهظ الثمن.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة، تيد ديكر، في أغسطس إن «التغيرات الجوية الشديدة» أدت إلى تأخير مشاريع موسم الربيع، وأضاف أنه من الصعب تحديد العامل الذي قد يؤدي إلى تحفيز الطلب وزيادة النشاط التجاري.
لكن من المرجح أن يلعب الطقس دوراً مختلفاً هذه المرة. فبعد أن ضرب إعصارا هيلين وميلتون الجنوب الشرقي، قد يقدم المديرون التنفيذيون مزيداً من التفاصيل حول تأثيرات هذه العواصف، خاصةً مع محاولات الناس للاستعداد لها وإصلاح الأضرار التي خلفتها.
ورغم التعافي الطفيف في ثقة المستهلكين، أشار التقرير إلى أن «هوم ديبوت» قد تضطر إلى تقديم عروض ترويجية إضافية للحفاظ على اهتمام العملاء، في ظل استمرار تأثير الطقس القاسي وسلوكيات الإنفاق الحذرة.