شهد قانون الإفلاس المعدل في الإمارات العربية المتحدة، الذي دخل حيز التنفيذ في 1 مايو 2024، زيادة كبيرة في ثقة المستثمرين، مما أسهم بتدفق ملحوظ للائتمان الخاص إلى البلاد.
يُعد القانون أحدث تعديل شامل لقواعد الإعسار التي استمرت قيد التطبيق لمدة 8 سنوات منذ الإصلاح الأخير لقواعد الإفلاس في البلاد العام 2016، حيث قدّم آليات جديدة لإعادة هيكلة الشركات التي تواجه صعوبات مالية.
ويُعرف الائتمان الخاص بأنه تمويل تقدمه جهات استثمارية غير مصرفية من القطاع الخاص للشركات. وخلال الأشهر الستة الأولى من تطبيق القانون الجديد، تمكنت 3 شركات بارزة من إعادة هيكلة عملياتها ضمن الإطار الجديد، مما يعكس تحولاً في المشهد المالي للبلاد.
أبرز الحالات كانت في نوفمبر، عندما أكملت «مجموعة مستشفيات الإمارات» خطة إعادة هيكلة بقيمة 3.5 مليار درهم، ما يعادل 953 مليون دولار. وتمت المصادقة على هذه العملية بموجب القانون الجديد بعد سنوات من عدم الاستقرار المالي.
كما أعادت شركة «راك غاز» هيكلة ديون بقيمة 4 مليارات درهم، وأعادت شركة «دريك آند سكل إنترناشيونال» هيكلة ديون بقيمة 3.5 مليار درهم، مستفيدة من العمليات المبسطة التي استحدثها القانون الجديد، ووفقاً لتقرير نشره موقع (AGBI).
وأشار ويليام واتسون، شريك تمويل الديون في شركة «وايت آند كيس» للمحاماة بدبي، إلى زيادة الاهتمام من مقدمي الائتمان الخاص الدوليين بتمويل هذه العمليات. وقال إن حجم الصفقات ليس مماثلاً بعد لتلك التي تقودها البنوك، لكنه أوضح أن الاهتمام بالمنطقة نما بشكل كبير خلال العام الماضي.
وقال واتسون: «إن إعادة الهيكلة البارزة التي حدثت بسرعة بعد تنفيذ القانون الجديد تعزز الثقة لدى مجتمع الأعمال والدائنين». وأضاف أن النظام القانوني السابق كان يُعد عائقاً أمام دخول الصناديق الدولية، وهو تصور تغيّر الآن.
تزامن تطبيق القانون مع إطلاق عدة مبادرات بارزة في مجال الائتمان الخاص. ففي سبتمبر، أعلنت «سيتي غروب» و«مبادلة للاستثمار» وشركة الأسهم الخاصة «أبولو غلوبال مانجمنت» عن برنامج ائتماني خاص بقيمة 25 مليار دولار يهدف إلى تعزيز الائتمان الخاص والإقراض المباشر، لخدمة المقترضين غير القادرين على الحصول على قروض مصرفية تقليدية.
وفي نوفمبر، كشفت (Andalusian Private Capital)، وهي شركة أميركية لإدارة الأسهم الخاصة تدير أصولاً بقيمة 500 مليون دولار، عن خطط لتأسيس وجود دائم لها في الإمارات. وبالمثل، توقع تيد كوينغ، الرئيس التنفيذي لشركة «مونرو كابيتال»، خلال مؤتمر مبادرة الاستثمار المستقبلي في أكتوبر، أن يشكل الائتمان الخاص نحو 20% من مخصصات المستثمرين المؤسسيين وصناديق الثروة السيادية.
استحدث قانون الإفلاس الجديد محكمة مخصصة للإعسار، ونهجاً أكثر تنظيماً لإدارة الأزمات المالية للشركات. وأوضح أمير أحمد، الشريك في «ريد سميث»، في مجال الاستشارات القانونية، أن القانون يركز على مركزية العمليات، بما في ذلك إنشاء محكمة متخصصة وإدارة للإفلاس يشرف عليها قاضٍ بمحكمة الاستئناف.
وقال أمير أحمد: «نعتقد أن هذه المركزية لمتخصصي الإفلاس ستعزز الاتساق في التعامل مع قضايا الإعسار»، مشدداً على أهمية وجود فرق متخصصة على دراية بقضايا الإفلاس في الإمارات العربية المتحدة.
وأضاف: «إن إنشاء محكمة مخصصة يعني أن الكيانات التي تواجه قضايا الإفلاس ستستفيد من وجود فريق متخصص يمتلك خبرة مسبقة في التعامل مع قضايا مشابهة، مما يسهم في تسريع الإجراءات».
ووصف بيترو كاسترونوفو، رئيس رأس المال الخاص وإعادة الهيكلة لمنطقة الهند والشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «أوليفر وايمان»، قوانين الإفلاس الجديدة بأنها خطوة جوهرية للأمام. وقال: «إن أي مبادرة تشجع على استخدام الإجراءات الرسمية للتعامل مع الأزمات المؤسسية تُعد أمراً حيوياً للتقدم».