في تحوّل غير مسبوق داخل البنتاغون، تسعى شركات التكنولوجيا العسكرية الناشئة إلى إعادة تشكيل سوق الدفاع، مستغلةً تغييراً في أولويات الإنفاق العسكري لصالح التقنيات المتقدمة.
ومع توجه وزارة الدفاع نحو تعزيز قدراتها في الذكاء الاصطناعي، والطائرات المسيرة، وأنظمة الدفاع الصاروخي، وجدت شركات مثل «أندوريل إندستريز» و«بالانتير تكنولوجيز» و«إبيروس» نفسها أمام فرصة غير مسبوقة لمنافسة المقاولين الدفاعيين التقليديين، الذين لطالما احتكروا عقود البنتاغون.
وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، باتت هذه الشركات، في ظل إدارة ترامب تتمتع بنفوذ متزايد داخل الدوائر العسكرية والسياسية، ما يمنحها موطئ قدم أقوى في سباق الحصول على عقود الدفاع المستقبلية.
وبينما يتصاعد الضغط على وزارة الدفاع لخفض التكاليف واحتضان الابتكار، تتطلع هذه الشركات الناشئة إلى قلب موازين القوى داخل القطاع الدفاعي الأميركي. ومع ذلك، فإن نجاحها ليس مضموناً، إذ تواجه عقبات سياسية واقتصادية من مقاولي الدفاع التقليديين الذين يمتلكون عقوداً طويلة الأمد ونفوذاً راسخاً في الكونغرس.
تدرس وزارة الدفاع حالياً اقتراحاً يدمج تقنيات من «أندوريل» و«بالانتير» و«سبيس إكس» في نظام دفاع صاروخي من الجيل التالي.
ويستند هذا المشروع إلى أمر تنفيذي أصدره الرئيس ترامب في يناير، والذي أطلق عليه في البداية اسم «القبة الحديدية لأميركا»، قبل أن تُعاد تسميته بـ«القبة الذهبية».
وينص هذا القرار على ضرورة تقديم وزارة الدفاع خطة تنفيذية بحلول أواخر مارس، مع الأخذ في الاعتبار خيارات تشمل شبكة أقمار صناعية واعتراضات قائمة على الفضاء.
بدوره، أصدر وزير الدفاع بيت هيغسيث توجيهات للوزارة لتحديد مجالات يمكن فيها تحقيق وفورات بنسبة 8% سنوياً على مدار السنوات الخمس المقبلة.
ووفقاً لمذكرة داخلية، سيتم إعادة توجيه هذه الوفورات إلى برامج الأولوية، مثل برنامج الطائرات القتالية، الذي يتضمن تقنيات الطائرات المسيرة المطورة من قبل «أندوريل».
وتمثل هذه التوجيهات تحولاً عن البرامج التقليدية للأسلحة الضخمة، مما يمنح الشركات الناشئة فرصة أكبر للحصول على عقود البنتاغون.
على الرغم من التوجه نحو الشركات الناشئة، لا يزال مقاولو الدفاع الكبار يشكلون عقبة رئيسة. فعلى مدار عقود، احتكرت شركات مثل «لوكهيد مارتن» و«رايثيون» عقود البنتاغون لمشاريع الأسلحة المتطورة والمكلفة.
وتتمتع هذه الشركات بنفوذ سياسي واسع من خلال جماعات الضغط وعلاقاتها الطويلة مع الكونغرس، مما يمنحها ميزة في الحفاظ على حصتها من الإنفاق العسكري.
علاوة على ذلك، فإن مقاولي الدفاع التقليديين هم من أكبر المساهمين في الحملات الانتخابية، ويستخدمون جماعات ضغط قوية لحماية مصالحهم.
أحد التغييرات الملحوظة في الإدارة الحالية هي الوصول المتزايد لشركات التكنولوجيا إلى كبار المسؤولين في وزارة الدفاع، حيث عقد مستثمرون في رأس المال الاستثماري، مثل جو لونزديل، اجتماعات مع مسؤولي البنتاغون لمناقشة أولويات الإنفاق العسكري.
وبدأت الشركات الناشئة، لتأمين عقود أكبر، بتشكيل تحالفات استراتيجية، وعلى سبيل المثال، أعلنت «أندوريل» و«بالانتير» في ديسمبر عن اتحاد تكنولوجي لبيع حلول الذكاء الاصطناعي للحكومة الأميركية.
لا تزال قدرة الشركات الناشئة على إعادة تشكيل قطاع المشتريات العسكرية غير مؤكدة، ومن المرجح أن يتم تأجيل القرارات الرئيسية حتى يتم تأكيد ترشيحات مسؤولين إضافيين في البنتاغون.
وتجدر الإشارة إلى أن البيت الأبيض عين مديرين تنفيذيين من القطاع الخاص في مناصب قيادية بوزارة الدفاع، مثل ستيفن واينبرغ، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة «Cerberus Capital Management»، كنائب لوزير الدفاع، ما يشير إلى توجه نحو شراكات تجارية جديدة.
وشدد التقرير على أنه مع استمرار البنتاغون في إعادة تقييم أولوياته، ترى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا العسكرية فرصة حاسمة لمنافسة مقاولي الدفاع التقليديين، لكن ما إذا كان بإمكانهم تحقيق اختراق دائم وسط المعارضة السياسية والهيمنة الراسخة للمقاولين التقليديين، لا يزال سؤالاً مفتوحاً.