logo
شركات

الركود يدفع الشركات للتحايل والمدققون يدفعون الثمن

الركود يدفع الشركات للتحايل والمدققون يدفعون الثمن
تاريخ النشر:19 نوفمبر 2022, 01:33 ص

تحذر أكبر جهة رقابية على وول ستريت من تزايد تلاعب الشركات في قوائمها المالية واضطرارها إلى دفع المدققين لتكثيف الرقابة عليهم وسط زخم عمليات البيع في السوق وسط مخاوف من الركود.

قال بول مونتر، كبير المحاسبين في هيئة الأوراق المالية والبورصات، في مقابلة: "تثير البيئة الاقتصادية الحالية شكوك كبيرة، ولطالما أدت تاريخيًا إلى زيادة مخاطر الاحتيال. لذلك نحاول اتخاذ إجراءات وقائية والتواصل مع المشاركين في السوق".

يتزامن التحذير مع زيادة الجهات التنظيمية التدقيق على مراجعي الحسابات، وتصاعد صرامتها في التدقيق على المحاسبين المخالفين للقواعد.

غرامات كبيرة

كانت الغرامات الكبيرة جزءًا من العقوبات النقدية القياسية التي فرضتها هيئة الأوراق المالية والبورصات على مراجعي الحسابات في السنة المالية الأخيرة.

أعرب مونتر في بيان الشهر الماضي عن قلق هيئة الأوراق المالية والبورصات من عدم قدرة المدققين على التعامل بشكل مناسب مع التحذيرات، التي تشير إلى الحيل المالية المحتملة. وقال البيان إن عمليات التفتيش التي تقوم بها الجهات التنظيمية على عمليات التدقيق "تحدد باستمرار مجالات الاهتمام من العناية المهنية لدى المدققين والتركيز بشكل مكثف عند مراجعة احتمالات الاحتيال".

يؤكد مراجعو الحسابات اتباعهم الإجراءات القانونية، مما يحد من مسؤوليتهم عن القضاء على عمليات الاحتيال. كما أعربوا عن شعورهم بالإحباط من ردود الفعل العنيفة عند فشلهم في اكتشاف بالشركات التي تتلاعب عمداً بالبيانات المالية. 

كشف الاحتيال

قال ديفيد دنكلي، الرئيس التنفيذي لشركة مراجعة الحسابات "غرانت ثورنتون" في المملكة المتحدة، للمشرعين البريطانيين في 2019: "ليست مهمتنا البحث عن الاحتيال. فنحن لا نقدم بيانًا بأن الحسابات صحيحة. بل نقول إنها متسقة مع القواعد".

قال مونتر من هيئة الأوراق المالية والبورصات في بيانه إنه "من دواعي القلق" أن يركز المدققون على ما لا يطلب منهم القيام به، مما قد يقلل من احتمال اكتشاف الاحتيال. وقال في المقابلة إنه يريد أن يرسل "تذكيرًا قويًا جدًا لشركات التدقيق" حول مسؤولياتها.

رفض متحدث باسم "غرانت ثورنتون" التعليق. 

قضية عالمية

تُعد مسؤولية مدققي الحسابات قضية عالمية، وتشمل دعاوى قضائية بمليارات الدولارات ضد "إرنست آند يونغ" في المحاكم بألمانيا والمملكة المتحدة لاتهامها بالفشل في كشف فصيحتين متعلقتين بالتدقيق المالي في شركتي "واير كارد" للتكنولوجيا المالية، وشركة تشغيل المستشفيات "إن إم سي هيلث".

قالت "إرنست آند يونغ" في دعوى مرفوعة بالمملكة المتحدة الشهر الماضي رداً على مطالبات بتعويضات تبلغ 2.7 مليار دولار عن الأضرار المتعلقة بفضيحة "إن إم سي هيلث"، إن عمليات التدقيق المالي لديها مصممة لتقديم ضمان معقول، وليس ضمانًا مطلقًا، بأن البيانات المالية لا تحتوي احتيالاً في أمر جوهري وإن المسؤولية الرئيسية عن دقة البيانات تقع على عاتق الشركة وإن الاحتيال المزعوم ينطوي على تزوير الوثائق. 

وبعد تعرضها للانتقادات بسبب دورها في قضية "واير كارد" وإخفاقات الشركات الأخرى، أبلغت "إرنست آند يونغ" العملاء قبل عامين باتخاذ خطوات لزيادة التركيز على كشف عمليات الاحتيال الكبيرة.

اتهامات متبادلة

قال ديفيد كين، نائب الرئيس للممارسات المهنية في العمليات الدولية لدى "إرنست آند يونغ"، إن تلك التدابير "أدت إلى الكشف عن الاحتيال" في العديد من الحالات.

وقال كين إن الشركة تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل دفاتر الحسابات للمعاملات المشبوهة، ومراجعة منشورات مواقع التواصل الاجتماعي واستخدام المتخصصين في المحاسبة الجنائية، قبل البحث عن انتهاكات عمليات المحاسبة المحتملة في الشركات عالية المخاطر.

وأضاف كين أن "إرنست آند يونغ" ترفض قبول مزيد من العملاء ممن يطلبوا خدمات التدقيق المالي كما أوقفت عملها مع عدد أكبر من العملاء الحاليين مقارنة بفترات سابقة.

لا تعني تلك التدابير التي تتخذها "إرنست آند يونغ" وغيرها من شركات المحاسبة والتدقيق المالي أنه لا يوجد تضارب مصالح في القطاع، حيث تدفع الشركات إلى شركات المحاسبة التي تراجع حساباتها، مما يجعلها أقل عرضة لمواجهة الممارسات الاحتيالية. 

ضغوط العملاء

هناك مخاوف بشأن ضغط العملاء على المدققين للانتهاء من مراجعة البيانات المالية المشبوهة التي تعود إلى عقود سابقة، حيث اشتكى أحد الشركاء في الفترة التي سبقت انهيار "إينرون كورب" في 2001 من تجاهل مدقق حساباتها السابق "آرثر أندرسن" نصيحته بشأن بعض الممارسات المحاسبية، فيما تمت إقالة الشريك من فريق مراجعة الحسابات التابع لـ"إينرون" بعد ذلك عقب شكاوى قدمها أحد المسؤولين التنفيذيين في شركة الطاقة التي تتخذ من هيوستن مقرًا لها.

يقول بعض المطلعين في مجال المحاسبة إنه لم يتغير الكثير منذ تلك الفترة، وقد رفعت سايانتاني غوش، الخبيرة الضريبية والموظفة السابقة في "إرنست آند يونغ"، دعوى قضائية ضد الشركة في سبتمبر الماضي تتهمها بمعاقبتها بسبب إثارتها مخاوف بشأن احتيال محتمل لاثنين من كبار عملاء التدقيق المالي في 2020.

وقالت غوش في دعواها إنها تتساءل عما إذا كان العميلان يستخدمان المعاملات بين الشركات لتخفيض مبلغ الضريبة المستحقة بشكل غير قانوني وزعمت بتجاهل "إرنست آند يونغ" اعتراضاتها، وفي إحدى الحالات أبعدتها عن الحساب لصالح "مدقق حسابات يتفق مع" نهج العميل.

تهديد الموظفين

تم طرد غوش من "إرنست آند يونغ" في يناير الماضي، وهي تعمل الآن لصالح شركة أخرى من الشركات الأربعة الكبرى، حسبما تظهر المنشورات العامة.

قال مايكل ويلمين، محامي غوش: "لا يتطابق ادعاء "إرنست آند يونغ" بمراجعاتها للبيانات المالية بشكل مستقل عن أي ضغط من العميل مع واقع العمل في الشركة".

في المقابل، أكد متحدث باسم "إرنست آند يونغ" عن دفاع الشركة بقوة عن نفسها ضد ادعاءات غوش "التي لا أساس لها من الصحة"، و"رفضتها وزارة العمل بالكامل" بعد تقديم ادعاءاتها بالتبليغ عن المخالفات. 

أشار ويلمين إلى أن الدعوى القضائية ستنظر في الأدلة التي لم يتم أخذها في الاعتبار في الحكم السابق، مثل المستندات الداخلية والشهود. 

بعد أن رفعت غوش دعواها القضائية، قال ويلمين إنه قد اتصل بها موظفون آخرون في "إرنست آند يونغ" قالوا إنهم تعرضوا أيضًا لضغوط بسبب طرح مخاوفهم أثناء عمليات التدقيق المالي.

وقال المتحدث باسم "إرنست آند يونغ": "نشجع كافة موظفينا على التعبير عن أية مخاوف تتعلق بأداء التزاماتهم المهنية، دون خوف من العقاب أو الانتقام".

المصدر: وول ستريت جورنال

logo
اشترك في نشرتنا الإلكترونية
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة ©️ 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC