تسجل الأسر الأميركية مستويات قياسية من الثروات الصافية، ووفقاً لبيانات متعددة، فإن الوضع المالي للمستهلكين الأميركيين لم يكن بهذه القوة منذ عقود. هذا التراكم الكبير للثروة قد يسهم في تحقيق هبوط اقتصادي سلس بدلاً من ركود حاد، كما أن الانتعاش الاقتصادي المتوقع قد يكون أسرع وأكثر وضوحاً مقارنة بالدورات الاقتصادية السابقة.
وأظهرت الأرقام الأخيرة أن ارتفاع أسعار العقارات والأسهم أدى إلى زيادة صافي ثروة الأسر الأميركية بمقدار 2.8 تريليون دولار في الربع الثاني من العام، لتصل إلى 163.8 تريليون دولار. وارتفعت الثروة الصافية للأسر بمقدار 47 تريليون دولار منذ بداية الجائحة.
تشير الأرقام إلى أن الأسس الاقتصادية للأسر الأميركية أقوى مما تبدو، فنسبة صافي الثروة إلى الدخل الشخصي المتاح –وهو مقياس رئيس للرفاه المالي– ارتفعت إلى 785%، وهو أعلى مستوى منذ عامين. في الوقت نفسه، تراجعت نسبة ديون الأسر إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 71%، وهو أدنى مستوى منذ 23 عاماً.
ورغم ارتفاع حالات التأخر في سداد بطاقات الائتمان والقروض، فإن معظم الأسر لا تعاني من ديون مرهقة. وبفضل استيعابها للزيادات الكبيرة في أسعار الفائدة التي بلغت 525 نقطة أساس بين مارس 2022 ويوليو 2023، استطاعت الأسر تحمل الضغوط المالية.
ورغم هذا التحسن، إلا أن توزيع الثروة لا يشمل الجميع بالتساوي. في الولايات المتحدة، يملك 1% من السكان حوالي 25% من الثروة، بينما يمتلك 20% من السكان نحو 80% منها، وهذا يعني أن الفوائد الاقتصادية لارتفاع أسعار الأصول تتركز في فئة صغيرة من السكان.
في المقابل، بدأت تظهر تأثيرات سنوات من تراجع الأجور الحقيقية ونفاد الحوافز المالية المرتبطة بالجائحة. وانخفض معدل الادخار الوطني إلى 2.9% في يوليو، مقترباً من المستويات المتدنية المسجلة قبل الأزمة المالية العالمية بين عامي 2005 و2007.
على الرغم من هذه التحديات، لا يُتوقع حدوث انهيار في الاستهلاك، حيث يعتمد الاقتصاد الأميركي إلى حد كبير على إنفاق الفئات الأعلى دخلاً. التاريخ يوضح أن «وول ستريت» عادة ما تستفيد بعد بدء الاحتياطي الفيدرالي في تخفيض أسعار الفائدة، حيث ترتفع الأسهم الأميركية في المتوسط بنحو 20% خلال العام الذي يلي نهاية دورة التيسير النقدي.
بوجه عام، تبدو الأسر الأميركية في وضع جيد نسبياً لمواجهة أي تحديات اقتصادية مستقبلية، مع استمرار العوامل الداعمة للاقتصاد والأسواق.